أمد/ كتب حسن عصفور/ نشرت حكومة الرئيس محمود عباس برئاسة محمد مصطفى خبرا يوم 18 يوليو 2024، حول تقديم الاتحاد الأوروبي “دعما ماليا” بقيمة 400 مليون دولار، على” شكل منح وقروض، ستصرف على ثلاث دفعات خلال الأشهر القادمة لاستخدامات متعددة؛ كمساهمة في التخفيف من الأزمة المالية والاقتصادية، وسيتبعها مداولات إضافية لتوفير مزيد من الدعم المالي على مدار العامين المقبلين، وستمثل أساسًا مهما لتعزيز جهود المؤسسات الوطنية في تقديم خدماتها للمواطنين”.
الخبر الإعلامي الذي تم تعميمه لم ينشر معه “وثيقة ملحقة إلزامية” تحت عنوان “برنامج شامل للتعافي والمرونة”، مثلت شروطا لمنح المال الأوروبي لحكومة الرئيس عباس، ولم تعرض على أي جهة فلسطينية تمثيلية، بما فيها تنفيذية منظمة التحرير، التي لا تزال حتى تاريخه مرجعية السلطة.
وتجاوزا لعملية “إخفاء” الوثيقة، رغم دلالتها في مفهوم “الشفافية” التي يدعونها كثيرا وكسروها في الكلمة الأولى، فالنصوص بذاتها تمثل “انحدارا كاملا في الجوهر والشكل”، انطلاقا مما تضمنته نصوصا، لم تجرؤ حكومة منذ مايو 1994 الحكومة الأولى برئاسة المؤسس الخالد أبو عمار، مرورا بحكومة عباس المفروضة عام 2003، حتى حكومة اشتية.
وثيقة الشروط الأوروبية المذلة، أكدت على ” تحسين العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية” دون توضيح للمغزى من ذلك الشرط في ضل الحرب العدوانية على قطاع غزة، مترافقة مع “عناصر ملزمة للقيام بعمليات “إصلاح مالي ومؤسساتي”، تبدأ مع نهاية شهر أغسطس القادم، على أن تقدم الدفعات الأخرى وفقا لما يتم تنفيذه من “القيود التي تم وضعها”، ولعل غالبية الشعب الفلسطيني داخل أرض دولته المنتظرة قرار إعلانها وخارجها، يتمنون فرض الإصلاح فرضا لو كان إصلاحا مراده خدمة المؤسسة الوطنية وتعزيزها.
الوثيقة تحدثت عن عدم “تقديم الموارد لـمنظمات أو كيانات معينة وفقاً لإجراءات الاتحاد الأوروبي”، دون تحديد، بما يشمل كل ما تعتبره دول الاتحاد منظمات “إرهابية”، ما يتعلق بحماس والجهاد والشعبية ومختلف الأجنحة العسكرية بما فيها كتائب الأقصى التابعة لفتح، وبالتالي ما يرتبط بها من شهداء وجرحى.
الوثيقة المتفق عليها، أكدت ضرورة “الالتزام بتجنب خطاب الكراهية والتحريض على العنف”، مع “إعداد خطة لإصلاح التعليم بما في ذلك تحديث المنهاج الدراسي”، عناصر تركت بدون توضيح “كراهية من وتحريض ضد من”، وما علاقة المنهاج التعليمي بذلك القرض، وهل تريد أوروبا ان تحقق لدولة الفاشية اليهودية ما عجزت عنه منذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ، بفرض سياسيات تمس جوهر البعد الكفاحي الوطني، وتشويه عناصره الرئيسية، خاصة شروط لا ترتبط بمواقف متبادلة أو فرض متبادل.
هل لحكومة الرئيس عباس أن تحدد تعابير “خطاب الكراهية” “ومن هي الأطراف التي يشملها ذلك التعبير، وفقا للتحديد الأوروبي، فكل ما يمس اليهود سيرونه “عداء للسامية وكراهية لهم”، والدعوة للعمل المقاوم ضد دولة الاحتلال سيعتبر تحريضا وكراهية، ومعها سيتم فرض منهاج تعليم فلسطيني خال من “مفاهيم الثورة والانتفاضة والكفاح والإبادة وجرائم الحرب”.
توقيع الوثيقة كشف مدى خطورة غياب الجهات الرقابية، التي لها الحق بالموافقة أو التعديل والرفض، كما كان في زمن المجلس التشريعي، وبعده قرار حله بمرسوم وعدم تحديد جهة رقابية بديلة، جاءت تلك الوثيقة الأخطر وطنيا.
الوثيقة، تفتح باب التساؤل السريع عن دور اللجنة التنفيذية ببقاياها، ومعها المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وهل يمكنها إبطال مفعول الوثيقة بما لها من آثار كارثية على المشروع الوطني بكامل مكوناته، تتوافق مع وجه آخر لمشروع التهويد.
الوثيقة بمنطقها العام ونصوصها، هي وثيقة استعباد سياسي، تمس جوهر المظهر الاستقلالي وتفتح الباب للوصاية والتبعية ذات البعد الاستعماري، وتكتب نهاية جوهر النظام الأساس الأول للسلطة الوطنية ومعها منظمة التحرير.
وثيقة العار بين حكومة محمد مصطفى والاتحاد الأوروبي يجب أن تمثل حافزا شعبيا للعمل على إسقاطها أو إسقاط حكومتها ومحاكمة عناصرها، لحماية تاريخ ومسار ومسيرة شعب فلسطين الكفاحي.
ملاحظة: خارجية الرئيس الصهيوني جدا ووزيره اليهودي جدا اعتبروا مرافعة “العدل الدولية” متعارضة مع أطر حل الصراع…مع أنه أهم إطار كان اسمه إعلان المبادئ (أوسلو 1993) واللي كسره الأمريكان ودولة نتنياهو..لكن اطارهم طلع مقترح الرئيس المزهمر حول غزة..تخيلوا استبدلوا فلسطين بالقطاع…وقال “وسيط ونزيه”..يا عرب!
تنويه خاص: شركة “أديداس” تبعت الملابس الرياضية ألغت إعلان عارضة الأزياء بيلا حديد..لأنها عبرت عن مشاعرها كإنسانة فلسطينية ضد ما يعيشه شعبها من إبادة وجرائم..تخيلوا ما في حدا من مؤسسات العرب تضامنت مع بيلا..واستمروا مع شركة دعم الموت.. بلا تبلي هيك بلاوي انبلت فيها شعوبنا..يا بيلا!
قراءة مقالات الكاتب اضغط