أمد/ كتب حسن عصفور/ قد يقال أن قرار المحكمة العليا في دولة الكيان حول إبطال بند رئيسي، بل ربنا الرئيسي في قوانين حكومة نتنياهو القضائية، جاء صدفة، وقد يكون ذلك، ولكن أن تتبعه المحكمة بقانون يبطل قانون تم تمريره عبر الكنيست لتحصين نتنياهو، يكسر قرار المصادفة، وخاصة أن القرارين حدثا خلال أيام أولى مع بداية العام الجديد.
تدخل المحكمة العليا في المشهد السياسي الإسرائيلي عبر حصار “ثورة حكومة نتنياهو القضائية”، قد تكون ضربة حاسمة لأي ترتيبات قادمة، خاصة بعدما أدخلت تلك القوانين دولة الكيان في مسار حرب أهلية، كادت ان تشتعل لولا “اشتعال حرب غزة”، التي أوقفت فعلها مؤقتا.
بعد أيام من قراري المحكمة العليا، ضد حكومة التحالف الفاشي، خرج من بينها وزير الجيش يوآف غالانـت ليعلن رؤيته لما أسماه “اليوم التالي” لحرب غزة، رؤية سياسية أمنية، قد تكون هي المفاجأة الأبرز، ليس بما تضمنته من عناصر ترسخ إعادة الاحتلال لقطاع غزة بشكل مختلف، فتلك مسألة أخرى وليس مكانها، بل بما هي خروج عن النص المعتاد في تقديم رؤى لمسائل ترتبط بموقف الحكومة والحكم.
خروج غالانت ليقدم “رؤية شاملة” لما يراه اليوم التالي لحرب غزة، هي تمرد علني وصريح على نتنياهو وحكومته، ورفضا لإدارته السياسية بل ومواقفه السياسية المعلنة، خاصة وأن جوهر الأمر المتعلق بما سيكون هو من صلب موقف الحكومة وليس وزير حربها.
خطة غالانت، في بعض مفاصلها تأتي للرد على مواقف “الفريق النتنياهوي” حول ما يرونه لليوم التالي لحرب غزة، خاصة ما يسمى بعودة الاستيطان وطبيعة الحكم القادم ودور السلطة ومحور فيلادلفيا، والطبيعة الأمنية الداخلية، عناصر حاول نتنياهو وفريقه وضعها في سياق تنافري كامل مع بعض رغبات واشنطن، التي تريد مكانة للسلطة بعد التأهيل، ورفض الاستيطان واحتلال محور فيلادلفيا.
ولم تتوقف حركة الافتراق عند خطة غالانت المتمردة على رؤية نتنياهو، بل أقدم “الفريق العسكري” في دولة الكيان بالقيام بخطوة مفاجئة، عندما أعلن رئيس هيئة أركان جيش العدو هاليفي على تشكيل “لجنة عسكرية” لمراجعة أحداث يوم 7 أكتوبر برئاسة شاؤول موفاز وزير جيش الكيان الأسبق، والذي كان شريكا لشارون في الخروج من قطاع غزة 2005، ضمن التحضير لفصل القطاع عن الضفة وفقا لخطة شارون.
تشكيل اللجنة العسكرية، كان قشة كسرت كل محاولة الاختباء خلال الحرب للهروب من كشف خلافات عميقة بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، الذي بدأ يتصرف دون خضوع للرؤية السياسية، وكأنه طرف يملك “استقلالية خاصة”، مع تعاطف كبير مع غالبية مسؤولي الأمن السابقين، الذين عادوا مجددا لفتح نيرانهم على نتنياهو وحكومته، ومعهم رئيس المعارضة لابيد، رغم طبول الحرب في قطاع غزة.
ما حدث في الوزاري المصغر من نقاش واتهامات واستقطاب صريح، كشف بلورة تحالف “سري” يقوده الشخصية الصاعدة في استطلاعات الرأي غانتس مع غالانت والفريق العسكري بكامله، تحالف بدأ يتصرف وفق ما يراه مصلحة تتقارب جدا مع الرؤية الأمريكية، خلافا لموقف نتنياهو وفريقه، خاصة بعد تصريحات الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي كيربي، الذي وضع فاصلا واضحا بين “حماس الفكر والسياسة وحماس العسكر والخطر الأمني”.
لم ينتظر نتنياهو كثيرا ليرد على موقف “تحالف العسكر” ورؤيتهم السياسية لليوم التالي، فنشر مقالا في صحيفة إسرائيلية تصدر باللغة الإنجليزية، ليؤكد عناصر رؤيته المتناقضة مع رؤية غالانت (وبالتالي أمريكا)، مؤكدا أنه لا مكان للسلطة الفلسطينية، أي كان تأهيلها، ومصرا على شرط وضع مناهج التعليم وتغييرها بما يتوافق ورؤيته، الى جانب الهدف التقليدي له منذ اليوم الأول للحرب بـ “تدمير حماس”، في رد واضح تماما على موقف كيربي.
وتدقيقا، يمكن قراءة أن “التمرد السياسي” للفريق العسكري في دولة الكيان ، مؤشر على أن الولايات المتحدة بدأت عمليا وضع قواعد “اليوم التالي” لحرب غزة، عبر “تحالف سري” بقيادة غانتس، بدأ يطل براسه باعتباره “الخيار الممكن” لعقد “تفاهم خاص” للمشهد الجديد.
أمريكا، تدرك أن حرب غزة فرصة تاريخية لتثبيت مشهد فلسطيني وإقليمي جديد يتوافق ورؤياها ما يتطلب أدوات جديدة، ليس في فلسطين وحدها بل في إسرائيل أولا.
ملاحظة: للتذكير، باق على انطلاقة محكمة العدل الدولية للنظر في طلب جنوب أفريقيا حول قيام دولة العدو الإنسانية ارتكاب جرائم إبادة ضد أهل فلسطين وخاصة قطاع غزة كم يوم فقط..هل فرقة المقاطعة وبعض وزراء الحكي من العرب جاهزين بجد أم كان كلامكم تصريحات عربنجية.
تنويه خاص: الصراحة نداء اسماعين هنية رئيس حركة حماس من الدوحة لوزير خارجية أمريكا قمة الاستغراب..شو القصد منه وليش المخاطبة “التكتوكية”…معقول رسالة جهوزية للشراكة في اليوم الأمريكاني التالي…الجد نداء مثير للدهشة ودم العاروري لساته طري…بدري بدري بدري يا قادة حماس!