كتب حسن عصفور / منذ أن نجح د. سلام فياض وحكومته بعرض خطة ‘ بناء الدولة خلال عامين’ وهناك تفاعل سياسي مثير للاهتمام ، خاصة من الطرف الأوروبي ، وتقدم الاتحاد مباشرة أو عبر مسؤوليه برؤية سياسية تدعم قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، رغم الارتباك الذي أصاب بعضهم حينا أثر ‘غضب صهيوني’ فتوقف ‘ التقدم السياسي’ دون أن ينتهي..
وتواصل الحكومة الفلسطينية نشاطها الميداني والعمل لخلق وقائع حياتية جديدة في الضفة الغربية ( فقطاع غزة مختطف منذ يونيو – حزيران 2007 وما زال يترنح) ، بعضها بأوجه اقتصادية وأخرى بوجه سياسي ، رغم محاولة د. فياض إخفاء هذا الجانب دون سبب منطقي سوى تجنبه تنازع مع آخرين باتوا أسرى ‘لا رؤية’ .. هذا النشاط المتنامي تجد فيه دول الاتحاد الأوروبي فرصة هروب من ‘ حالة التوهان والتخبط السياسي العام ‘ المفروض على المشهد القائم ، وكأنها وجدت ضآلتها نحو السلام في ‘ خطة سلام’ فياض ، ولنتذكر كيف أعلن خافيير سولانا مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي – قبل تقاعده – دعمه لإقامة دولة فلسطينية حتى لو جاءت من طرف واحد ( دون تفاوض ) ، وحاولت السويد وغالبية دول الاتحاد الأوروبي أن تترجم هذه الرغبة إلى موقف سياسي في بيان الاتحاد الأخير والذي تم عرقلته آنذاك فرنسيا وألمانيا ..
واليوم تعود نبرة الكلام ثانية في إمكانية الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطينية إذا ما أعلنت من طرف واحد ، وتدخل فرنسا هذه المرة بلسان وزير خارجيتها لتؤيد طلبا سبق لها معارضته وبقوة ، بل إن كوشينير سيشارك موارتينوس وزير خارجية إسبانيا نشر مقالا في جريدة ‘ هآرتس’ الإسرائيلية ليؤيد هذا الطلب المحدد .. موقف تسارعي من قبل الاتحاد الأوروبي يتماشى معه ما يأتي من عدة عواصم من أوروبا لصياغة موقف سياسي محدد تجاه الدولة الفلسطينية ..
لا شك أن التغيير العلني والمتسارع من قبل بعض دول أوروبا لا يأتي مصادفة ، بل هو متناغم مع الحركة الأمريكية و’الرباعية الدولية’ الباحثة عن ‘ صيغة جديدة’ للحل السياسي للقضية الفلسطينية ، مترافقا مع إمكانية عودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية إلى مسارها وكذا المسار السوري – الإسرائيلي والذي باركته واشنطن مؤخرا ، بل إن وزير خارجية سوريا وليد المعلم عتبر أن ‘ تطبيع العلاقات بين سوريا وأمريكا سيعزز التفاوض بين دمشق وتل أبيب ، وهذا التغير سيترك أثره على الموضوع الفلسطيني ..
كما أن التطورات المتسارعة تجاه منطقة الخليج العربي ( مع الاحترام ‘للممانعين’ الذين يشطبون كلمة العربي كي لا يغضبوا بلاد فارس) تفرض ذاتها على ضرورة الانتباه لأثر القضية الفلسطينية العام على المنطقة وأن بقاءه معلقا دون أمل واضح لن يكون عاملا إيجابيا في الحرب القادمة ، وهو ما تنتبه له أوروبا بحساسية أعلى من واشنطن التي تفتقد كثيرا حساسية الشعوب وتصاب ببلادة سياسية غريبة تجاه الوضع العربي ..
ولكن مع أهمية ما تتحدث عنه أوروبا ، فهو مازال كلاما لشخصيات سياسية رسمية وليس موقفا لدول ، فإنه يأتي وسط الحديث عن توسيع حدود الوضع الراهن للسلطة الوطنية في الضفة الغربية ، بحيث يتم نقل مناطق من (ج) إلى مناطق ( أ ، ب) كي تصل المنطقة المسيطر عليها كليا أو جزئيا من قبل السلطة الوطنية في حدود الـ’60’% من مساحة الضفة الغربية ، ما تعتقد الدول الأوروبية وكذا أمريكا أن ذلك سيشكل مقدمة لإعلان الدولة الفلسطينية وحتما لن تسمى ‘دولة مؤقتة’ رغم أنها كذلك ، ما يسمح باستكمال العملية التفاوضية بين الطرفين بشروط جديدة ..
أوروبا تجد دعما خفيا من واشنطن ، وربما كثير من العرب ‘ إن لم يكن جميعهم ، لهذه الفكرة والتي قد يتم إخراجها عبر قرار مجلس أمن جديد منسجما مع ما طلبت به ‘ لجنة المبادرة العربية’ سابقا ، ما يمنح الطرف الفلسطيني غطاء سياسيا جديدا في بحثه عن ‘ الذات المرتبكة ‘ منذ فترة .. دول أوروبا تعمل على رسم ‘ خريطة طريق جديدة’ تتجه نحو تفعيل حضور الدولة الفلسطينية ‘المؤقتة’..
ملاحظة : فضائح إسرائيل الأمنية تتوالى مع سقوط ‘هيبة الموساد’ .. بات كل شيء في عملية دبي عاريا للجمهور حتى أقوال بيبي الوداعية لهم .. سبحان مغير الأحوال .. سقوط رغم المرارة..
تنويه خاص : صلاح البردويل كان أكثر قادة حماس عقلانية في الكلام مؤخرا .. لكنه لم يوفق في الحديث عن مسألة الإنترنت باعتبارها الاختراق .. هناك أيضا اختراق في مكان قريب من الشهيد ابحثوا عنه بلا خجل ..
التاريخ : 21/2/2010