كتب حسن عصفور/ سارعت وسائل الاعلام بكافة تلاوينها بنقل خبر اصدار رئيس وزراء دولة الكيان الاحتلالي أمرا لوزير اسكانه بايقاف العمل في بناء 20 ألف وحدة استيطانية في المشروع المعروف باسم” إي 1″ أو “E1″، ولم تنس الوسائل أن تربط ذلك القرار “التراجعي” بالضغوط الكبيرة التي مورست على نتنياهو، بدأت في موقف فلسطيني هدد بالعودة الى “الخيارات المفتوحة” الى تصعيد الأمر برمته الى مجلس الأمن، وختمها الرئيس عباس بالقول أن ذلك يعني انتهاء عملية السلام، الى أجبرت واشنطن أن تطلب بوقف ذلك المشروع الخطير..
والحق أن مشروع “إي 1” هو واحد من المشاريع الاستيطانية التي تعني الغاءا عمليا لوحدة أي حالة كيانية في الضفة الغربية، ليس بحجمه فحسب بل بنوعيته وطبيعته، وهو مشروع على طاولة الحكومات الاسرائيلية منذ زمن، تبدأ بتنفيذه بطرق ملتوية، عمليا نحجت في القيام بوضع أسسه والمتبقي هو استكمال عملية الربط بين بعض الأجزاء الخطرة، وعل تدمير حكومة الكيان قبل اشهر لقرية “باب الشمس” التي اقامها شباب فلسطيني في تحد للمصادرة والاستيطان، كظاهرة اعتقدنا أنها ستصبح نمطا ثوريا في اطار تطوير المواجهة الشعبية، لكن سرعان من تم وأدها واعتبارها “حدثا عابرا”، تجاهلته المؤسسة الرسمية الفلسطينية والفصائل العاملة في “بقايا الوطن”..تدمير قرية “باب الشمس” في حينه كان عملا لابقاء خيار تنفيذ المشروع الاستيطاني قائما..
وبعيدا عما اشارت له منظمة “السلام الآن” الاسرائيلية، المناهضة للإستيطان بشدة، وتقوم بعملية فضح مكثف لتلك النشاطات تفوق في كثير من الأحيان دور الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها المتعددة، بأن نتنياهو وحكومته قام بالحديث عن العودة لاستكمال مشروع إي 1 وبناء 20 ألف وحدة استيطانية، كـ”لعبة وخدعة سياسية”، وسنعتبر أن ما أعلنته حكومة بيبي كان قولا للتنفيذ وليس خدعة، فذلك يؤشر الى أن بالامكان أذا وقف النشاط الاستيطاني بكل أنواعه..
فقبل اعلان اعادة اعلان البناء في المشروع إي 1، بدأت دولة الكيان بتنفيذ حملة استيطان مكثفة في الضفة الغربية والقدس، ألاف الوحدات الاستيطانية بدأت العمل بها، واثار القرار ضجة واسعة أدت لاحداث الكآبة الشخصية على الرئاسة الفلسطينية ووفدها التفاوضي الخاص، خاصة بعد أن كشف جون كيري ونتنياهو أن الاستيطان لن يتوقف والطرف الفلسطيني يعلم ذلك ووافق على التفاوض دون شرط الايقاف، لذا واصلت دولة الكيان فعلها دون أن تهتز للكآبة التي أصابت “شريكها” التفاوضي، بل أنها بدأت تسخر من ذلك الموقف بطريقة لم تحترم أصول اللياقة التي تستوجبها أجواء التفاوض بعد قرار كان متحديا للكل الفلسطيني، وافتراضا أن الضغوط والتهديدات بالعودة الى استخدام “الخيارت المفتوحة” كانت أيضا صحيحة، وليست غطاءا لاستمرار التفاوض ضمن استمرار الاستيطان دون المشروع الجديد، فذلك يفرض على المؤسسة الفلسطينية أن تقف لتفكر في قرارها التفاوضي تحت “نجاحها” بفرض التراجع على قرار نتنياهو..
فلو حقا جاء التراجع تحت سلاح “التهديد” فهو مدعاة لأن تستمر الرئاسة ووفدها بذات الموقف، وتعلن أنها لن تعود للتفاوض الا بالتوقف الكلي عن أي نشاط استيطاني في الضفة والقدس، ووقف كل أشكال التهويد وايقاف لعبة تقسيم الحرم القدسي، موقف لم يعد المطالبه به شكلا من أشكال “ابتزاز الرئاسة ووفدها”، كما تحاول بعض اوساطها ترديد ذلك، لأن التهديد بالعودة لـ”الخيارات المفتوحة” قد أربك حسابات الحكومة الاحتلالية وقبلها الإدارة الأميركية، وما دام ذلك تحقق لتواصل الرئاسة “صمودها” وتصر على أنها تعلق كل أشكال اللقاءات التفاوضية حتى تتراجع حكومة نتنياهو عن أي خطة بناء استيطاني جديد..
موقف سيجد تفهما دوليا، وعربيا وقبلهم فلسطينيا وستجد الرئاسة لو اردات حشدا شعبيا وسياسيا خلفها لن تتوقعه، لو قررت التحدي والصمود في وجه المحتل وخاصة برفض التفاوض تحت ظل الاستيطان، فالشعب الفلسطيني وكل قواه الوطنية، حتى حركة حماس، ستكون سلاحا واقيا للموقف الرسمي لو تم اتخاذه، وستبدأ لعبة الحسابات الجديدة عند واشنطن أولا ودولة الكيان ثانيا، لتدرك أن التهديد بالعودة لـ”الخيارات المفتوحة” ليس كلاما انشائيا بل هو قرار جاد وحقيقي، فلم يعد خيارا غير العودة للخيارات..المسألة ترتبط بحقيقة القرار الرسمي للمؤسسة الرئاسية الفلسطينية، هل حقا تريد أن تترجم مقولة الرئيس عباس بأن “الاستيطان باطل” الى فعل سياسي أم أنها ستعيد الكلام بها مرارا وتكرارا لرفع شبهة عنها بالصمت أو غض الطرف عن البناء الاستيطاني حبا في بقاء التفاوض حيا..شبهة لن تزول ما لم تتوقف المفاوضات الى حين وقف الاستيطان..
وبعد أن أظهرت المؤسسة الرسمية الفلسطينية بأنها لا تزال تمتلك “خيارات مفتوحة” في وجه حكومة الاحتلال، عليها أن تشارك الشعب وقواه بالحديث عنها لتصبح جزءا من مكوناتها، وليتها تعلم شعبها عن ماهية تلك “الخيارات المفتوحة” لو كانت حقا تمتلكها وتريد تنفيذها، وليس تعبيرا تهديديا عله يخفف بعض من خسائر أصابتها بعد فضيحة “حديث كيري” في باريس وكشفه مستورا أصاب المؤسسة الرئاسية باحباط وانكسار..
التهديد الذي أدى لوقف البناء بمشروع “إي 1” يجب أن يستمر ليقف كل المشروع الاستيطاني، وغير ذلك يكون ما قالته “السلام الآن” حقيقة بأنها لعبة وخدعة..ونضيف لعبة لتمرير التفاوض تحت جرافات الاستيطان لا أكثر..الخيار لكم كي تختاروا بين موقفين..أهي “لعبة سياسية” أم “تهديد حقيقي”.!
ملاحظة: مبادرة د. موسى ابو مرزوق القيادي البارز وأول رئيس لحركة حماس بمشاركة القيادي الفتحاوي ماهر مقداد واجب العزاء، تفوق كونها واجبا اجتماعيا خاصة وأن من تقبل العزاء من تيار بينه وحماس ما صنع الحداد منذ الانقلاب..مبادرة علها تكون فاتحة أمل لرؤية بلا “أحقاد”!
تنويه خاص: حماس فتحت النار على الرئيس عباس بعد أحاديثه في مصر متهما حماس بأنها كانت تخطط لدولة غزة متوسعة في سيناء..الغريب أن حماس لم ترد حتى الساعة على تحقيقات اسرائيلية تتعلق بنشأتها..التحقيقات تحمل “كومة” اتهامات تستوجب “حربا اعلامية” مش رد حسب!