كتب حسن عصفور/ بعد مضي ساعات على عملية اعدام الأسير المحرر والضابط في جهاز الأمن الفلسطيني أشرف إبراهيم في جنين، ردت كتائب شهداء الأقصى بفعل كفاحي عله الأسرع في السنوات الأخيرة، بقيامها بتصفية أحد الأدوات الإرهابية لجيش الاحتلال في مستوطنة حرميش المقامة على أراضي بلدتي قفين والنزلة الشرقية بمحافظة طولكرم، رد لم يقف ليفكر فيما سيكون ردا مضادا، بل جاء ليعلن أن الرد الفلسطيني “الشعبي” لا يلتزم بـ “قواعد” و “آليات” أصابها صدأ شديد.
عملية تصفية المستوطن السريعة، تطور نوعي ليس في زمن القرار الذي لم يتأخر، بل في شكل العملية وجرأة أربكت أجهزة دولة الكيان، وفتحت جدلا واسعا حول ما أسموه “خلل أمني”، ربما تطيح ببعض أركان جيش العدو الاحتلالي في تلك المنطقة، وهروب منفذها بهدوء وثقة، بعيدا عن أن تتمكن يوما من الوصول اليه ام ينجح في كسر قواعد الاعتقال التي تتم بعد حين، خاصة لو التزم “قواعد الحماية الشعبية”، بعيدا عن الانجراف للمشاركة في مظاهر لا يجب أن تكون، كما حدث مع الفدائي ماهر التركمان.
“عملية حرميش”، علها كانت مفاجأة لكل أطراف المعادلة القائمة، الرسمية الفلسطينية وسلطات الاحتلال وأجهزتها الأمنية وفرقها الإرهابية الخاصة، وقوامها الاستيطاني، وكذا الإعلام العام، بزمن الفعل وتقنيته، ما يفتح الباب لرؤية المخزون الكفاحي – الثوري لمواجهة العدو بعيدا عن “التقليدية السائدة”، ودون البحث عن “تقنيات صاروخية” أو “تكبير حجر” لم يعد له فائدة عملية في التعامل الوطني.
منذ افتتاح هذا العام بعملية في مستوطنة “النبي يعقوب” بالقدس، ومقتل 7 مستوطنين، واستشهاد منفذها الفدائي خيري علقم، تواصلت عمليات الفعل الخاصة، وتمكنت من قتل مستوطنين وناصر من جيش العدو ما فاق قتلى “حروب الصواريخ الغزية” خلال سنوات، الى جانب أنها دون غيرها من يمكنها قطع الطريق على تسارع تنفيذ المخطط التهويدي، في ظل غياب المواجهة الشعبية الجماهيرية الواسعة، مع غياب “وحدة التفاعل” بين الضفة والقدس، وبين شكل وآخر، وانقطاعها عمليا مع قطاع غزة.
ورغم تلك “النقائص”، والتي تراهن عليها بقوة دولة الكيان الاحتلالي وأدواتها الأمنية في الضفة والقدس، لكن تواصلها المتقطع، يمثل ارباكا خاصا، وهو ما أثبتته عملية مستوطنة حرميش يوم 30 مايو 2023. السريعة الفاعلة.
القيمة الأساسية من تلك العملية، توقيتا وشكلا، أنها درس للرسمية الفلسطينية، حكما وفصائل، للخروج من نمطية التقليد السائد، وكسر جدار الرعب المخزون بها، من رد فعل دولة الكيان، والكف عن “التفكير الطويل”، وقبل كل ذلك الانتهاء من عملية “التوسل المعيب” بل “المهين” للوطنية الفلسطينية، وتاريخها الثوري، الاستمرار بالطلب من أمريكا “التدخل” ومن أوروبا العمل، فتلك أطراف لا يمكنها أن تكون مع فلسطين ضد الكيان الاحتلالي، ما دام لا يوجد خطر حقيقي يربكها ويكون ثمنه أعلى بكثير من الصمت.
منذ قرار حكومة “التحالف الفاشي” بإعادة مستوطني حوميش بعد الاخلاء عام 2005، لم تتوقف أبواق الرسمية الفلسطينية، من التوسل العلني الى حد الشفقة السياسية لفعل أمريكي – أوروبي، فما كان منهم سوى اصدار بيانات كلامية، يتم قذفها في أقرب مكان نفايات في تلك المستوطنة.
ولكن برصاصات محددة متقنة كان صداها داخل دولة العدو، سريعا، نقاشا وتحميل مسؤولية واتهام لهذا وذاك، غرقت مؤسساتهم في البحث عن كيفية الاختراق والتنفيذ القاتل، فيما تنشغل الرسمية الفلسطينية وعناصرها بمعركة لغوية، لم يعد يسمع لها أحد.
ارتفاع منسوب روح المقاومة الوطنية شعبيا، وتنوع مصادرها، وتعدد مناطقها، رغم غياب وحدة الأداة هو الفعل الذي يمكنه أن يعيد ترتيب خارطة التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية صراع ومركزي، وليس مسألة كلامية تفقد قيمتها مع كل بيان لعناصر تلك المؤسسة الشاحبة وطنيا وثوريا.
ارتفاع منسوب روح المقاومة المتفرقة في ظل انخفاض منسوبها رسميا، هو الرد المربك للمشروع المعادي “المركب” تهويدا وحصارا مبكرا لمشروع الاستبدال الذي تتسارع خطاه في أروقة دولة الاحتلال، مع الحالة المرضية للرسمية الفلسطينية.
ارتفاع منسوب روح المقاومة في مناطق أرض فلسطين المحتلة، ضرورة لا بد منها لهزيمة “مخطط تصفية مستحدث” للوطنية الفلسطينية ومشروعها الاستقلالي، وفتح باب التبعية المعاصرة بأشكال مختلفة.
ارتفاع منسوب روح المقاومة، فعل الحماية للكيانية الفلسطينية وبقاياها من مشروع تفريغ مضمونها الوطني، والحاقها بمشروع تم هزيمته منذ رصاصة حركة فتح يناير 1965..حتى وضع حجر اساساها الأول في مايو 1994.
ملاحظة: زيارة د.اشتية الى الشقيقة مصر حظيت باهتمام رسمي لم يسبق لغيره ذلك..ورغم قيمة المظهر باعتباره رئيس حكومة دولة ومش سلطة، لكن الحكي عن حل مشاكل أهل قطاع غزة الإنسانية والحياتية يستحق كل اهتمام ومتابعة بدون “حسابات” تانية..
تنويه خاص: كما اليوم 31 مايو عام 2001، رحل “أمير القدس” القائد الكبير فيصل الحسيني..اسم وشخص كان يتسم بما هو مختلف عن الآخرين…القدس كانت له عشق وقضية بادلته ما بادلها..فبقي حاضرا رغم أنف عدو وبعض “صديق”..سلاما لك أيها الأمير ..سلاما لك يا فيصل!