كتب حسن عصفور/ وكأن “الصفقة الكيماوية” فعلت فعلها بأن كشفت كثيرا مما ما كان مستورا من مواقف بأن الهدف مما يحدث في سوريا لا صلة له ببناء نظام ديمقراطي، يصون حقون الانسان والمواطن في بلد “حر” يمنح السعادة لشعبه، دون أي استبداد أو تمييز، وكأن بعض الأطراف كانت تنتظر قيام واشنطن والناتو بضربتها العسكرية لتطيح بالنظام وتفتح الباب على مصراعيه لفوضى لن تبقي من سوريا شيئا حتى الاسم المعروف لن يبقى على حاله، فوضى تكون أداة لاضاعة الدولة والهوية، وتسمح لكل الاحتمالات لمستقبل لا تكون به سوريا دولة موحدة وبالتأكيد لن تكون من عالم الديمقراطية..
وبعد ان تبخر ولو مؤقتا “حلم هؤلاء” بالضربة العسكرية بدأت تتساقط رؤاهم واحدة تخلو الأخرى، فرئيس وزراء تركيا الذي ينتظر من اشهر طويلة اسقاط الدولة السورية كي يذهب سريعا الى الجامع الإموي لأداء الصلاة بها “شاكرا الحليف” منصبا ذاته واليا أو اي صفة يختار، حلم اردوغاني أعلنه صراحة في أحد حالات “الهذيان السياسي” الذي انتابته منتظرا سقوط سوريا بين قبضة من لا يريدونها دولة، وقرر هذا الرجل أن يحرم المعارضة التركية من الصلاة برفقته للإحتفال بيوم “النصر الكبير” أو “الفتح الثاني”..هذيان سياسي طال أوانه الى أن وصل للإنفجار وأعلن أن اسقاط النظام السوري وبشار الاسد هو الهدف الأهم، وأي نظام “بديل” لن يكون أسوء منه، وهو بالتأكيد يعني تنظيم القاعدة وتشكيلها في سوريا “النصرة” الارهابية..
ولأن المواقف المشتركة تظهر أحيانا في لحظة أزمة، فإن السفير الاسرائيلي لدي الأمم المتحدة قال أيضا، إن “بلاده تريد أن يتم الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد”.
وأضاف السفير مايكل أورين في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” أن “هزيمة الأسد على أيدي معارضين متحالفين مع القاعدة ستكون أفضل من التحالف الراهن مع إيران العدو اللدود لإسرائيل”.
وأوضح أورين قائلاً “لقد أردنا دائما أن يذهب بشار الأسد، ونفضل دائماً الأشخاص الأشرار الذين لا تدعمهم إيران على الأشخاص الأشرار الذين تدعمهم إيران”.
هذه عبارات تلخص دون أي التباس حقيقة الموقف المتطابق بين تركيا الأردوغانية واسرائيل الاحتلالية، بأن المسألة تكمن فقط في هدف مشترك بينهما هو أن تنتهي سوريا بكل ما هو معروف لها وبها من دولة وكيان وحضور واثر، فدولة الاحتلال التي تملئ العالم “صراخا” و”لطما” بزعم أها تحت الخطر “الارهابي الدائم” للفصائل المتطرفة وأن القاعدة بأفرعها ومسمياتها هي أحد تلك المصادر، لكنها لم تعد ترى خطر هذا التنظيم لو وصل الى السلطة في سوريا، وكأنها ستصبح حليفا “مستأنسا” وخير من النظام السوري، الذي هو أكثر خطورة على دولة الكيان كما يرى سفير نتنياهو..
بينما الحكومة الأردوغانية، التي تقاتل بلا كل ولا ملل قوات حزب العمال الكردستاني، والذي لا يصنف “تنظيما ارهابيا” كما هي “القاعدة” في التعريفات الأميركية – الاوروبية، فقط لأنه يبحث عن بعض ما للأقلية الكردية من حقوق ثقافية وبعض حقوق قومية كأقلية في اطار الدولة التركية، لكن النزعة الأردوغانية التي تتوافق مع النزعة الاسرائيلية في رفض حقوق الآخر، تعتبران أن القاعدة لا تشكل “خطرا” ولا تهديدا” لهما، وربما لولا الفضيحة لأعلنا في بيان مشترك أن “القاعدة” تنظيم يستحق أن يأخذ فرصته في الحكم، وممكن تجربة “صناديق الاقتراع” بعد ان يتم تمهيد الأرضية لها بشكل متقن كي تفوز..
فضيحة أردوغان – اسرائيل لا تقف فقط عند كراهية النظام السوري، بل انهما يتوافقان ويشتركان في العمل من أجل توفير كل السبل من أجل عدم عرقلة المخطط الجديد لتقسيم المنطقة واضعاف كل أركانها، وقد يتفق الطرفان على اتهام امريكا بأنها خانت مبادئها وتعارض اسقاط الأسد خوفا من القاعدة، تحالف قد يشهد مزيدا من “الفضائح” التي لا يحب بعض المصابين بالهلوسة السياسية ان يرونها..
الحرب في سوريا لم تعد من أجل اقامة نظام ديمقراطي دون استبداد، بل التسارع من أجل تهيئة السبل لاسقاط الدولة وفتح الطريق لقوى الارهاب كي تسود لفتح الطريق لقوى الشر التركية – الاسرائيلية وأمريكا وبلدة بلا هوية لتمرير تقسيم سوريا وفق مصالح ذلك المحور..
وبالتأكيد أن المعارضة السورية الديمقراطية بأطرافها المختلفة، والتي لا ترتبط بمحور تركيا اسرائيل وتلك البلدة، أن تنتفض في مواجهة هذا التطور الخطير والضار لها ولأهدافها في بناء سوريا خالية من الإستبداد.. وصمتها على ذلك سيفقدها اي شرعية لاحقة للحديث عن الاستبداد.. فمن يساند ارهاب “القاعدة” الطائفي الدموي لا يحق له لاحقا المطالبة بأن تكون سوريا غير ارهابية دموية.. المسألة ليست من يتذاكى على من..
خيار القاعدة هو خيار الأسوء وعله الخيار الذي ينتظره الرئيس الأسد بلهفة، وسعادة فهو خيار ازالة الشوائب الاستبدادية التي غلفت حكمه..لحظة الوعي لا تغلف بخدعة محصنة بحقد لا يميز بين عدو ومستبد.
ملاحظة: تسارعت حركة التسهيلات على قطاع غزة..بشاير ليتها تكون رؤية لسياسة.. لكنها لن تعمي أهل”بقايا الوطن” في “أم المصائب” – ملهاة المفاوضات الفضيحة المعيبة المخجلة -..
تنويه خاص: قالوا لنا أن المهلة القانونية لفترة تسيير بحمد الله الحكومية انتهت يوم الثلاثاء 17 سبتمبر.. والمفروض ان تكون حكومة جديدة.. لكن عبال مين ياللي بترقص بالعتمة!