كتب حسن عصفور/ لم يعد هناك كثيرا من الأسرار لفك لغزها، حول قيام بعض الأطراف “العربية” بتسويق حركة حماس في “نسخة محدثة” على حساب القيادة الرسمية الفلسطينية ومنظمة التحرير، بحثا عن تمهيد رسم “خريطة حل ما” على حساب الحل الممكن المفترض انطلاقه من قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، الذي يؤكد قيام دولة فلسطين فوق الأرض المحتلة عام 1967 وضمنها القدس الشرقية، وهو ما أكدته المحكمة الجنائية في تبيان حدود صلاحياتها لمناقشة الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، من قبل قوات الاحتلال الفاشي.
مؤشرات تحاول بعض الدول أن تطلقها بأشكال مختلفة، وبحسابات دقيقة نسبيا، كي لا تكون الاندفاعية سببا في “خراب مخطط” يكمل ما بدأ عام 2005 وانتخابات 2006، التي مهدت لنجاح سياسي لدولة العدو بعد انقلاب حماس في يونيو 2007، وصناعة الانقسام – الانفصال بإنشاء “نتوء كياني خاص” خارج الشرعية الفلسطينية.
ويبدو أن دولة قطر أطلقت رصاصة المرحلة الثانية من تدمير “الكيانية الفلسطينية المعاصرة”، التي جسدتها السلطة الوطنية، منذ عام 1994 – 2007، من خلال مقال يوم الأربعاء 12 أبريل 2023، لأحد كتابها المعلومين، عبر صحيفة يملكها أحد أعضاء الأسرة الحاكمة، حمل لغة يمكن وصفها بالانحطاط السياسي الشامل، والتطاول المهين على الرئيس محمود عباس الى ان وصل بمطالبته التنحي لانتهاء صلاحيته السياسية.
لا حق لهذا القطري ان يتدخل في شأن فلسطيني، لا نصحا ولا توجيها، كون تلك البلد وباعتراف قادتها، أميرا ورئيس حكومة سابق، اعترفا بأنهم قاموا بتنفيذ مخطط الانقسام – الانفصال الانقلابي بطلب أمريكي، ورعاية “نتوء حماس” باتفاق مع دولة الكيان، ونقل الأموال لتعزيز مكانته “الخاصة” بطائرات من الدوحة الى تل أبيب بطائرات جهاز الموساد، في سابقة نادرة في التاريخ، ان يقوم طرف مفترض أنه “عدو” لطرف آخر بتقديم ميزانية شهرية ثابتة له كي يستمر و “يعزز ترسانته العسكرية”!
وكي لا يحدث خلطا في “المشهد الانقلابي السياسي”، الذي يطل من العاصمة القطرية، فما حدث من تصريحات وزير خارجية الأردن يوم الأربعاء 12 أبريل التي قال فيها أنه “لولا الوصاية الهاشمية لفرضت إسرائيل وصايتها الكاملة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.
تصريحات أيمن الصفدي أمام جلسة للبرلمان الأردني، تمثل شكلا من أشكال “الإهانة السياسية” للشعب الفلسطيني، ونضاله وما قدمه تضحيات لحماية المقدسات، شهداء وجرحى وأسرى، ومن باب تنشيط ذاكرة الوزير الصفدي، وبعيدا عن التاريخ منذ “هبة البراق” أغسطس 1929، فالتاريخ المعاصر وبعد قيام السلطة الوطنية، شهد عام 1996، أول مواجهة شعبية مسلحة ضد حكومة نتنياهو فيما عرف بـ “هبة النفق” في القدس…كان ثمنه افشال المخطط تضحيات لم يتم نسيانها بعد…
وجاءت قمة كمب ديفيد 2000، والتي اعتبرت المعركة السياسية الأهم دفاعا عن هوية القدس والمقدسات، حينما رفض الخالد المؤسس ياسر عرفات ما عرف بمحددات كلينتون التي انتقصت من السيادة الفلسطينية في البراق (الساحة والجدار)، وما تلاها عندما حاول الإرهابي شارون اقتحام المسجد الأقصى 28 سبتمبر 2000، لتبدأ معها شرارة المواجهة الوطنية الكبرى، قادها أبو عمار تحت شعار لا زال حيا “عالقدس رايحين شهداء بالملايين”، معركة تعرف بالإعلام بانتفاضة القدس الكبرى..قدم الشعب الفلسطيني خلالها ملحمة بطولية أوقع من العدو خسائر فاقت كثيرا ما خسرته دولة الكيان في بعض حروب مجاورة.
دون النقاش في مسألة “الوصاية الهاشمية”، والتي لم يكن الحديث عنها خلال فترة 1994 – 2004، بل لم يتم استخدامها لوقف عمليات التهويد المتلاحقة، وما حدث من “خطأ سياسي” فيما عرف باتفاق الكاميرات 2016، ولكن أن يعتبرها الوزير الصفدي هي من حمى هوية المقدسات فتلك سقطة سياسية كبيرة، تثير كثيرا من حساسيات لا وقت لها، لا زمنا ولا سياسة، وما حدث من تطور في العلاقات بين فلسطين والأردن لا يجب أن تقوم بعض الأوساط في الشقيقة بهدمه، وتعيد فتح مسار إشكالي في العلاقات، ما يتطلب اصدار توضيح بعد الاعتذار.
تصريحات الصفدي، تزامنت مع دعوة كاتب أردني له مكانة خاصة في العلاقة بالمؤسسة السياسية، بأن تعيد الأردن علاقتها بحماس، وشرح مسببات تلك الدعوة، مضمونها شطب دور قيادة دولة فلسطين لصالح حركة حماس، بل اعتبرها الأكثر تأثيرا عالميا وعربيا وداخليا، وبعيدا عن جهل الكاتب بالحقيقة السياسية، ان حماس لا تقود سوى “كلام المقاومة” فيما غالبية شهداء المقاومة ضد دولة الكيان الاحتلالي هم من أبناء حكة فتح وفصائل غيرها، وخلال عام كامل يمكنه بالعودة الى قراءة الأسماء والانتماء لمعرفة تلك المسألة…وقوة حماس الدولية مقتصرة بشكل رئيسي في حلفها مع النظام الفارسي لا أكثر.
مقال لو كان يهدف لتصويب مسار لطالب بفتح علاقة الأردن مع الفصائل الفلسطينية كافة، بما فيها حركة الجهاد، التي تشارك بفعالية أضعافا عن مشاركة حماس في الفعل المقاوم ضد الاحتلال، اما أن تختصر المسألة على تصويب العلاقة بالحركة الإخوانجية فتلك رسالة تحمل كثيرا من الريبة السياسية، وخاصة بعد تصريحات الوزير الصفدي التي تجاهلت الوطنية الفلسطينية بشكل مفاجئ.
الأشقاء في الأردن، وحرصا على مستقبل متجاوزا ماض ليس مشرقا بين الطرفين، بات ضرورة التدقيق جيدا في بعض السلوك والمواقف، بل والحسابات بعيدا عن “السهو السياسي” في القضية الفلسطينية.
ومن باب التدقيق السياسي، فضعف الرسمية الفلسطينية، لا يعكس حقيقة أن الشعب الفلسطيني ضعيفا يمكنه أن يقبل بما سيفرض عليه من خارجه، أي كان خارجه هذا، وما حدث في انقلاب يونيو 2007، لن يكون ممرا سهلا في الضفة والقدس، فشعب طائر الفينيق لن ينكسر.
ملاحظة: ما حدث ارتباكا من وزير المالية في حكومة السلطة حول الراتب نسبة وموعدا، انار الضوء بأن البعض يعمل وفق مبدأ “كل من حارته له”..بشارة في واد وباقي الحكومة في واد…وقال ليش الكل صار يلط فيكم..نيلة تنيلكم!
تنويه خاص: فرانشيسكا ألبانيز..المرأة الإيطالية التي قررت أن ترفع راية حق وفضح جرائم حرب دولة الكيان تتعرض لحملة إرهابية يهودية..لطردها من منصبها كمقرر لحقوق الانسان في فلسطين…هيك انسانة تستحق حملة دعم من المحيط الى الخليج..بدها همة كل من يقول انه مع فلسطين.