كتب حسن عصفور/ منذ إعلان مصر الحديثة وصفها جماعة الاخوان كـ”حركة ارهابية”، والجدل حاضر في مدى صدقية الوصف وهل حقا تملك تلك الجماعة مواصفات التنظيم الارهابي، وهي التي عاشت في كنف كل أشكال النظم السياسية غير القومية أو التحررية، وحالفت كل من له صلة بالغرب الاستعماري منذ “النشأة الأولى” وخالفت كل من حالفت ولم تبق في تاريخها يوما مكانا لحليف، ولا تؤمن بوطن أو أرض لوطن، ولا تملك مشروعا محددا أو رؤية كاملة لتقديمها، سوى شعارت واعمال اساسها استغلال الدين واستغلال الحاجة والفقر والجهل، كسبل لاستمرارها..
قرار مصر الثورة المعاصرة قد يكون أهم القرارات التي سيكون لها اثر كبير على مسار ومستقبل تلك الجماعة الارهابية فعلا وقولا، ليس بسبب أن مصر الدور والتاريخ هي صاحبة ذلك القرار بوضع حد للدجل السياسي لهذه الجماعة، بل كونه جاء بعد أن انكشفت حقيقتها اثر خروجها للعلن وامساكها مقاليد حكم في أكثر من بلد عربي، وافتضح أمرها سياسة وممارسة وسلوكا، وأن كل الشعارات لاستغلال الدين بجوانبها الاخلاقية – الفكرية تحطمت أمام “شهوة السلطة”، ولن يقتصر فضيحتها في مصر فقط بل ستصل الى حكم اردوغان”الراعي الرسمي” مؤخرا للجماعة الارهابية..
وسقوطها من الحكم في مصر وتونس وتركيا في الطريق، لن يمكنها لسنوات قد تصل لعمر تأسيسها وأكثر قبل أن تنجح في خداع شعب من شعوب المنطقة العربية.. و قيادة تلك الجماعة تدرك، قبل من ساندها تاريخيا في التأسيس لقيام بدور ومهام، أن الضربة المصرية ضربة قاضية لها ولمشروعها، لأنها لن تجد ظهيرا في المنطقة العربية يقدم لها العون والحماية والرعاية التي سبق لها او وجدتها خلال معاركها السابقة ضد الزعيم جمال عبد الناصر من دول عربية تصادمت مع مشروعه القومي – التحرري، فاستغلت الجماعة الارهابية لتصبح أداة بيد تلك الدول ضد حكم الزعيم..
ولأن قيادة الجماعة الاخوانية تدرك حقيقة الضربة المصرية الراهنة، وأثرها التاريخي على مكانتها ونفوذها ومستقبلها، فأنها ستلجأ لكل الأوراق غير المشروعة علها تحاول أن تربك المشهد السياسي المصري من جهة، واظهار أن لا استقرار في مصر دونها، فهي أو الارهاب، بعد أن بان المستور بأن كل ما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير والى حين فوز مرشح الجماعة الاخوانية من افعال ارهابية وقتل وتفجيرات كان من صنعها وتفريخاتها الجديدة بأسماء “وهمية”، تجربة مماثلة لما فعلت حركة حماس في قطاع غزة قبل الانتخابات ثم قبل الانقلاب، ولذا ما أن سقط حكم مرشدهم حتى انطلقت كل الأفعال التخريبية في سماء مصر، بدأت في سيناء لتنتقل الى مدنها بعد كل حصار..ولن يتوقف الارهاب حتى يتم كسر ظهر الجماعة نهائيا، وهو فعل قادم لا محالة..
من تجارب التاريخ السياسي يدرك كل انسان أن الجماعات الارهابية مهما عظم شأنها لم تحقق يوما هدف اسقاط أي دولة أو نظام، وأقصى ما يمكن لها أن تحققه ليس سوى ارباك المسار والحاق خراب نسبي لنمو اقتصادي وتغييب الأمن والآمان لفترة، لكنها ابدا لم تصل ولن تصل الى حكم بقاطرة الارهاب، وهو الدرس الأول لتلك الجماعة وتفريخاتها اي كان مسماهما في مصر او خارجها، ولكل من هو مرتبط بها بأن النهاية قادمة لمن يصر أن يكون جزءا من جماعة ارهابية في طريقها للزوال..
وربما تمثل دولة لبنان أحد اهم الشواهد التاريخية الأبرز في عصرنا على أن “الارهاب لم يسقط دولة ولن يسقطها ابدا”، مثال قد يكون محفزا لبعض اعضاء الجماعة الارهابية، وقبل الغرق الكلي لسفينتهم المصابة بعطل عام ومثقوبة من كل الجهات، للقفز المبكر والانتهاء من تلك الرحلة التي مآلها الهزيمة والاندثار، والتفكير بأن مصر حتما أكثر تماسكا وصلابة وقدرة من لبنان للقضاء على أي ارهاب قائم أو محتمل، وأن تماسك المجتمع المصري سياسيا ودينيا لا يفتح الباب واسعا أمام قوى الارهاب، ومتى بدأت الحكومة المصرية بالعمل على تحقيق مبدأ “العدالة الاجتماعية” تكون النهاية لتلك الجماعة وتفريخاتها، وهو الدرس الأول من تجربة الزعيم عبد الناصر في مطاردة الجماعة الارهابية، رغم كل الدعم والسند والاحتضان والاحتواء التي وفرتها لها كل قوى “اعداء جمال عبد الناصر” عربيا ودوليا في حينه..
تسرع بعض المصابين بارتعاش سياسي وفكري أو اصحاب المراكز ذات التمويل الاجنبي في الاعتقاد أن وصف هذه الجماعة بالارهابية “خطأ أو خطيئة”، لأنها جماعة متأصلة وعميقة الوجود في المجتمع المصري، بعض اقوالهم تأت لغياب الادراك بحقيقة ما حدث في مصر من “ثورة شعبية ضد الاخوان كجماعة قبل ان يكون حكم الجماعة”، فما احدثته من كراهية عارمة لها في خلال عام لا يمكن أن يخطر على بال انسان، وهذه الحقيقة الأهم التي تغيب عن ذهن من يعتقد أن الجماعة لن تقهر، بينما هناك من يروج ذلك ضمن حسابات التمويل للمؤسسة التي تتلقى كل دخلها من الغرب الاميركي – الاوروبي، وهي صاحبة الرعاية الحقيقة للجماعة الاخوانية الارهابية، لكن تلك الكتابات لن يكون لها قيمة بعد عام، خاصة وأن ذات الاتجاهات سبق لها أن روجت بأن “عقد الاسلام السياسي وعصره وازدهاره قد بدأ” ليستمر، ولكن الطامة الكبرى أنه لم يستمر فعليا لعام وليس لعقد..
مصر كما كانت بلد المنشأ لتلك الجماعة، اضحت اليوم هي بلد المدفن لها، هي فترة وجيزة حتى تصبح في سياق من دراسة من دراسات ظواهر تاريخية لحركات كيف برزت وتكونت وكيف انتهت، وتاريخ المنطقة العربية مليء جدا بمثلها..ومع انتهاء الحكم الاردوغاني ومحاصرة قطر لن يبقى لها من ممر سوى ان تذهب لامريكا أوبريطانيا “الأم الحنون للجماعة” لتعيش ما بقى لها من عمر في الحياة الانسانية وتنفق بما “إختزنت ايدهم من ثروة لا يعلم كثيرون مصدرها”!
كل فعل ارهابي ضد مصر هو فعل لتسريع قبر تلك الجماعة..هي الحكمة الشعبية المتداولة في ارض المحروسة!
ملاحظة: تلاعب دولة الكيان بتوزيع “بطاقات الشخصيات المهمة”، وقبول اركان السلطة بذلك التلاعب يشكل اهانة سياسية واستخاف لا يجوز قبوله..طبعا لا نتوقع رفض أو غضب!
تنويه خاص: مسؤول فتحاوي من الخليل يشكو اقصاء حكومة الحمدالله لمدينته، وهو محق بالتأكيد، لكن ماذا يقول اهل قطاع غزة اذا!