كتب حسن عصفور/ ليس خافيا أبدا، ما قامت به حكومات إسرائيل المتعاقبة، وخاصة مع صعود حكومة “بينيت – لابيد – غانتس”، وبتنسيق مع الإدارة الأمريكية من خطوات متسارعة لعمليات ضم وتوسيع النشاط الاستيطاني، على طريق استكمال مشروع التهويد في الضفة والقدس، وتعزيز مبدأ “الفصل” بينها وقطاع غزة، من خلال تعزيز “مكانة النتوء الانفصالي” هناك.
منذ زمن ودولة الكيان، تعمل على بناء ما يعرف بـ “طريق الكتاب المقدس” من الناصرة الى بئر السبع مخترقا الضفة الغربية، تكريسا لبعد جوهري” بأنها “أرض يهودية”، وتعمل على أن تكون طرق سياحي يحفل بخدع من الماضي…طريق يتم العمل به منذ فترة ورغم خطورته الحقيقية، فلم يتم تبيان آثاره على مستقبل دولة فلسطين ووحدة أراضيها.
منذ عودة نتنياهو الى الحكم بتحالف مع “قوى إرهابية استيطانية”، بزعامة سموتريتش وبن غفير وآخرين، وأحد الأهداف المركزية لهم هو تسريع عجلة التهويد والضم، وتوسيع البناء الاستيطاني، مع ربطها بإسرائيل ببنية تحتية وقانون.
لعل تقرير المجلة الأمريكية “فورين بوليسي” يوم 8 يونيو 2023، ألقى الضوء بشكل كبير على جوهر المشروع التهويدي وآليات التنفيذ، التي انطلقت من خلال خطوات متلاحقة ومتسارعة، وسحب كثيرا من صلاحيات “الحكم العسكري”، ومنحه لـ “الحاكم المدني اليهودي” الجديد في الضفة والقدس الوزيرسموتريتش.
التقرير يكتسب قيمته وأهميته من مجلة النشر، وصفتها، فهي ليست وسيلة إعلام صفراء، أو “لا سامية” (حسب تعريف إدارة بايدن الجديد قد تصبح كذلك)، فهي مجلة أمريكية لها قيمة خاصة، بل أنها من وسائل التعاطف تاريخيا مع “الرواية الإسرائيلية” على حساب “الرواية الفلسطينية”، لكنها رفضت البعد الاستيطاني باعتباره “جريمة حرب” وفق التعريف القانوني الدولي، وكذا “العنصرية والفصل العنصري” المتنامية بشكل سريع منذ عام 2002 وفق تقرير المجلة، وخاصة بعد وضع أساس جدار الفصل العنصري في الضفة.
وربما سارع من الانحياز النسبي للحقيقة السياسية في تقرير المجلة الأمريكية، انكشاف “البعد الفاشي – الدكتاتوري” للحكم القائم في تل أبيب، بعد الاشتباك المتواصل منذ 26 اسبوع حول ما يعرف بـ “إصلاح القضاء”، ما يراه غالبية مؤيدة أو متعاطفة مع دولة الكيان، بأنه خطر يهدد مستقبلها، ومع تنامي ثقافة التهويد ومسارعة خطوات الضم في الضفة والقدس، يفتح بابا لظلامية قادمة تهدد وجودها، ومستقبلها.
وبعيدا عن “نوايا” المجلة الأمريكية، فتقريرها يقترب من الصواب السياسي كثيرا، وخاصة تزامنه مع مسألتين يؤكدان أن ما اشارت له من مشروع متسارع التنفيذ، قيام أعضاء كنيست من الليكود خلال أيام من شهر يونيو 2023، بعرض تقسيم المسجد الأقصى، مع امكانية بناء “الهيكل” مكان الصخرة والحرم، ولاحقا دعوة عضو كنيست ليكودي باعتقال أي من المسؤولين الفلسطينيين في القدس لو مارسوا أي نشاط يهدد التهويد.
خطوات الضم والتهويد وتفاصيلها، مع تعزيز “النتوء الانفصالي” في قطاع غزة، لا يوجد بها أي ضبابية، بل تسير بوضوح وفي نهار يكشف كل أبعادها، ولكنها غائبة عن المواجهة الوطنية الفلسطينية، شعبيا وعسكريا وإعلاميا، كي لا يبقى البعض محاصرا بمظهر محدد للمقاومة.
ولو عادت “الرسمية الفلسطينية” الى خطابات الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وما تلاها من الإشارة الى خطوات حول “فك الارتباط”، والذهاب الى مجلس الأمن حول الحماية الدولية، يمكن إدراك أن الكلام ذهب مع ريح أصفر، ومحاولة الاختباء وراء انتظار قرار “العدل الدولية” لتعريف “ماهية الاحتلال”، رغم أهمية القرار ليس مبررا اطلاقا البقاء على قارعة الطريق، متفرجين على تطبيق المشروع الأخطر على القضية الوطنية منذ النكبة الكبرى الأولى 1948، بأركانه الثلاثة، الضم، التهويد وتغذية النتوء الانفصالي في قطاع غزة.
ولم يعد مجهولا أبدا، ان مواجهة مشروع طمس الهوية الوطنية للأرض والشعب، تستدعي فورا، اعلان خطوات “فك الارتباط” بسلطات الاحتلال ودولة الكيان على طريق الذهاب لطلب الحماية الدولية الشاملة، وفق البند السابع لميثاق الأمم المتحدة.
خطوات فورية:
- تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل الى حين تطبيق اعترافها بدولة فلسطين.
- اعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال تنفيذا لقرار الأمم المتحدة، 19/ 67 لعام 2012.
- اعلان انتخابات عامة لبرلمان دولة فلسطين ورئيسها وفق نظام النسبية الكامل.
- رؤية جديدة لمهام منظمة التحرير ومؤسساتها في ضوء ذلك الإعلان ونتائج الانتخابات.
- اعتبار الوجود العسكري الإسرائيلي بكل اشكاله، بما فيه الاستيطاني والمستوطنين، قوات استعمارية غازية لدولة فلسطين.
- استنادا لذلك، تعتبر مقاومة المستعمرين حق مشروع ضمن القانون الدولي.
- تقديم مشروع عربي بتعليق عضوية دولة إسرائيل في الأمم المتحدة، الى حين التزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
خطوات موازية:
- وقف فوري لكل أشكال التنسيق المدني والأمني مع سلطات الاحتلال، قبل تراجعها الكلي عن خطوات إعادة “الإدارة المدنية” بالتخلي كليا عن نصوص اتفاق اعلان المبادئ 1993 والاتفاق الانتقالي 1995.
- تشمل وقف التنسيق حركة الرئيس محمود عباس وأعضاء اللجنة التنفيذية والحكومة وقيادات الفصائل من حملة البطاقات الخاصة، ويتم التنقل والحركة ضمن قرار فلسطيني، ما سيخلق موضوعيا فعل مواجهة من نمط جديد.
- تشكيل فرق حماية خاصة تساعد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وليكن قوامها الرئيسي من عناصر الأجنحة المسلحة، ومتطوعين آخرين يمكن فتح معسكرات تدريبية لهم.
خطوة للتفكير اللاحق:
- قرار الرئيس محمود عباس بالذهاب الى قطاع غزة بالتنسيق الكامل مع الأشقاء في مصر، وإعادة تفعيل مقر الرئاسة من غزة.
- ذهاب الحكومة أو بعضها مع رئيسها الى قطاع غزة، وممارسة بعض المهام الى حين.
- البدء بتطبيق بنود اتفاقية القاهرة فبراير/ مارس 2021 وفق المتغيرات.
عناصر يمكنها أن تشكل “عامود فقري” لرؤية فلسطينية شاملة تحت عنوان: الانفصال عن الاحتلال..والاتحاد في دولة فلسطين.
ملاحظة: السفير الأمريكي اليهودي في تل أبيب توم نيدس، بيقلك “حل الدولتي”: من اجل عيون أن تبقى إسرائيل “دولة يهودية ديمقراطية”..يعني مش أنه حق لشعب وأرض محتلة وقرارات شرعية دولية…نيلة تنيلك انت واللي عينك واللي بيقعد معاك يا منيل المخ!
تنويه خاص: شكلها خطة “التحالف الفاشي” لتغيير قواعد القضاء في دولة الكيان تترنح تحت ضربات التظاهر والغضب اليهودي العالمي..لهيك بدها شوية فتح عيون على إمكانية “ثأر” الإرهابيين اليهود من أهل فلسطين..بدون ما نقول كيف وليش!