كتب حسن عصفور/ خلال شهري فبراير ومارس، مارست الولايات المتحدة عملية تضليل سياسي فريدة، لفرض لقاءات بمشاركة “الرسمية الفلسطينية” وحكومة “التحالف الفاشي المستحدث” بقيادة الثالوث الإرهابي نتنياهو – سموتريتش وبن غفير ورابعهم درعي، وحضور الأردن ومصر، بدأ اللقاء الأول 26 فبراير، ثم لقاء “شرم الشيخ” 19 مارس 2023، وتحت شعارات تقارب عملية إنقاذيه من “الانهيار الشامل”، مترافقة مع تهديدات صريحة للطرف الفلسطيني لو تردد بعدم الذهاب.
ورغم أن حكومة نتنياهو، أعلنت عدم التزامها بما خرج من بيان عن “لقاء العقبة”، فكان الإصرار الأمريكي لاستكمال ذلك بلقاء “شرم الشيخ”، وأيضا حاولت واشنطن تمرير النتائج وكأنها “ربح سياسي فريد”، مع أن حكومة التحالف الفاشي أعلنت بلغة واضحة جدا، انها لن تقيم وزنا لما حدث، وستمضي في تنفيذ مخططها ومشروعها “التهويدي”، استيطانا وتطهيرا عرقيا وإرهابا، لتصبح أكثر حكومات دولة الكيان قتلا للفلسطينيين قياسا زمنيا.
وبعد مضي أسابيع على تلك اللقاءات، تناست الأطراف مضمونها الذي هللت له، بل لم تعد تشير له، باي شكل كان، وحتى من “باب الشيء بالشيء يذكر”، لسبب محدد أن دولة الكيان هي من قام بإدارة الظهر كليا لتلك “التفاهمات” التي حدث.
من باب المحاكاة الذاتية، ماذا كان رد الفعل الأمريكي لو ان “الرسمية الفلسطينية” هي من قرر عدم الالتزام بتلك “التفاهمات”، وتجاهلتها كليا، ومضت في الذهاب لتنفيذ بعضا من الأوراق التي تملكها، ويهدد بها الرئيس محمود عباس بين حين وآخر (توقف منذ زمن عن سلاح التهديد دون سبب واضح أهو سياسي أم صحي)، بالتأكيد ستنطلق وسائل الإعلام المختلفة بداية، بحرب متعددة المظاهر، حول “فساد السلطة” ولا ديمقراطتيتها وملفات أمنية، وضعفها بل وعزلتها، وانها لا تمثل رغبة الشعب الفلسطيني، وتزيد من حركة “التلميع الخاص” لأطراف أخرى، بينها حماس، كسلاح تهديدي دائم الاستخدام، منذ عام 1987..وحتى تاريخه، الى الورقة المالية (المساعدات وأيضا المقاصة)، ورسائل تهديد أخرى حول شخصيات بملفات محددة.
ولكن إدارة بايدن، تجاهلت كليا مخرجات تلك اللقاءات وكأنها لم تكن، رغم خسارة “الرسمية الفلسطينية” شعبيا وسياسيا من تلك المشاركة غير المبررة وطنيا، لأن “العقاب” ليس جزءا من آلية العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، فهو مقتصر على طرف دون غيره.
التذكير بتلك المسألة، لا ينطلق من قيمتها السياسية إيجابا، فهي كانت نصا وتوقيتا متعاكسة مع المصلحة الوطنية، لكن الأمر متربط بكيفية إدارة أوراق الصراع، خاصة بعدما ارتفعت وتيرة جرائم حرب دولة الكيان، وتسارع حركة التهويد، استيطانا وتطهيرا، وعودة الى تكريس “الإدارة الاحتلالية البديلة”، في تجاهل ناطق لوجود الكيانية الفلسطينية الرسمية وممثليها، كمؤشر واضح لمخطط دولة الكيان المرتقب فيما سيكون.
ما حدث من موقف لحكومة التحالف الفاشي المستحدث، كان عليه أن يحرك مختلف أوراق الفعل الرسمي الفلسطيني، وفضح طبيعة دولة الكيان المتباكية كذبا، بإعادة التساؤل حول ما يجب أن يكون عقابا عمليا، مقابل الحديث ان عدم اتخاذ خطوات محددة واضحة ضد حكومة الرباعي الفاشي، فإن القادم سيشهد تغيرا شاملا في شكل التعامل وجوهره، بالذهاب العملي نحو تنفيذ قرارات الشرعية الفلسطينية، في الذكرى 75 للنكبة الكبرى.
التهديد الكلامي القديم، يجب أن يتحرك خطوات الى الأمام بالقدر الممكن، نحو وضع آلية عملية حول الطلب بـ “حماية دولية” للشعب الفلسطيني ودولته التي وجب إعلانها رسميا دولة تحت الاحتلال، لتتمكن من طلب ذلك وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة بعدما أكدت دولة الكيان وحكومتها المتعاقبة منذ يونيو 1996، أنها غير مؤهلة لأن تكون شريكا في سياق “حل ممكن”.
فرصة الانتقال نحو تطبيق مخطط فك الارتباط السياسي – القانوني بسلطات الاحتلال، باتت أكثر وضوحا وأهمية، ليس حماية للفلسطيني فقط، بل وضع حد للغطرسة العدوانية المتنامية مع حكومة نتنياهو سموتريتش وبن غفير، التي يراها غالبية الإسرائيليين بأنها “خطر” عليهم، وليس فقط على أهل فلسطين والمنطقة بشكل عام.
الذهاب لتطوير آلية المحاسبة السياسية لدولة الكيان وأدواتها، هو سلاح الضرورة لحماية “بقايا المشروع الوطني” المستهدف مباشرة بجوهره وشكله، وكل تأخير يساوي وضع حجر مضاف للمشروع المعادي.
ملاحظة: بعد قيام غالبية نواب أمريكا بشطب تعبير “الفلسطينيين وحل الدولتين” من قرارهم حول قيام دولة الإرهاب..مش لازم الرسمية الفلسطينية تمررها “عالصنت”..صحيح إعلامها عمل حاله مش شايف حاجة..لكن من باب الاحترام للذات لازم تحتجوا..لو فيه “بقايا كرامة”.
تنويه خاص: مجددا وينها “تنفيذية منظمة التحرير”..الغياب رسالة لـ “أبو الحصيني” اللي متخبي بين كروم العنب الفلسطيني، إنكم صرتم خارج الخدمة وهيك بيقدر يفوت بدون “خوف”..شكلها أيامكم “قربت”..يمكن غير مأسوف عليكم!