كتب حسن عصفور/ عادت ملاحقة جريمة اغتيال الزعيم الخالد ياسر عرفات، وبالأدق هي “أم الجرائم” ، بقوة سياسية واعلامية الى المشهد السياسي العام بعد أن تم نشر نتائج التحقيقات المخبرية لكل من المعهد السويسري والروسي، نتائج فتحت الطريق للمتابعة الاجبارية لمطاردة الفاعل المعلوم في تلك الجريمة، والتي لن يتم محوها لا بالتقادم ولا بالتغافل عنها، تحت اي من مبررات يمكن أن تساق من قبل البعض المتكاسل بحسن نية أو سوءها لعدم الفعل المطلوب..
وبعد نشر التقارير في “أم الجرائم” والاشارات العلمية بكون الاغتيال ليس موتا عرضيا أو طبيعيا بل هو بفعل فاعل، اعلنت السلطة الفلسطينية بأنها ستتابع ملف الجريمة، وخاطبت الجامعة العربية كي يتم نقل الملف الى الأمم المتحدة بمختلف هيئاتها ذات الصلة، وطالبت بشكل خفي بتشكيل لجنة دولية لاستكمال معرفة الجاني، علما بأن كل طفل فلسطيني يعلم من هو، بل ويكاد يضع يده على من قام بها، منذ انتهاء قمة “كمب ديفيد” عام 2000 وموقف الزعيم الخالد من قضية القدس ومقدساتها، لكن السياسة الدولية لا تأخذ بالعاطفة التي يختزنها الشعب لزعيمه الخالد واحساسه بمن قام بها، لذا فالجانب القانوني لا بد له أن يستكمل الأركان كي يصدر الحكم، وهو ما يجب أن يبدأ..
كما أن مؤسسة “ياسر عرفات” أعلنت أخيرا أنها ستبحث في كيفية متابعة جريمة الاغتيال في اجتماعها القادم، وخاطبت كل من يمكن مخاطبته لمساعدتها في نقل الملف الى الأمم المتحدة، وكي لا نرتهن الى الجانب الشكلي والتقليدي الممل في نقل الملف الى الأمم المتحدة، لا بد من حسم القيادة الفلسطينية موقفها بشكل نهائي وواضح، وأن لا تكتفي بمخاطبة الجامعة العربية لبحث سبل رفعها الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهي”أم الولد” الذي يجب أن تأخذ المبادرة العملية وليس الكلامية بالخطوة الأولى، قرار واضح منها بتشكيل لجنة متابعة لنقل الملف، لجنة سياسية – قانونية تأخذ على عاتقها متابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالجريمة، قبل الاغتيال وبعده، ولديها بالتأكيد وفرة هامة في ملف “اللجنة الفلسطينية المكلفة بالتحقيق في اغتيال الزعيم”، اللجنة التي بدأت عملها منذ سنوات والتقت بالمئات ممن يجب أن تلتقي بهم للوصول الى طريق تنفيذ الجريمة..
وتشكيل اللجنة السياسية – القانونية سيضمن قدرا عاليا من المتابعة الرسمية للقضية، الى جانب قيام مؤسسة الشهيد ياسر عرفات بتشكيل فريق عمل خاص لملاحقة الجوانب الأخرى شعبيا واعلاميا، وتشكيل فريق ضغط على الجهة الرسمية وتقديم تقارير أولا بأول اعلاميا عن مسار القضية، وأن لا تقف كشاهد ليس إلا، بل تنتقل للحركة الدؤوبة كي تمنع حركة “السهو السياسي” التي يمكن ان تصيب القرار الرسمي، ويمكنها أن تستعين بخبراء وجهات قد لا تستطيع الجهة الرسمية الاستعانة بهم لأسباب عملية، ولأن المطلوب خلق “بيئة تكاملية وتعاونية” من الجميع لتحقيق الهدف الوطني العام لمطاردة المجرم، فلا داع لأن يتم التسابق الاعلامي الى حين ثم نعيش حالة غياب وسكون طويل.. كما حدث سابقا.!
ولو أريد حقا العمل بشكل مسؤول وعملي، وليس ردة فعل آنية للخلاص من ضغط اعلامي تم فرضه على الجهة الرسمية الفلسطينية وغيرها، لابد من التفكير العملي في كيفية البحث عن أختراق “التعهد الرسمي الفلسطيني للجانب الأميركي بعدم الذهاب الى المؤسسات الدولية طوال فترة التفاوض”، البحث من أجل فتح الباب للتوقيع الرسمي على معاهدة روما كي تستطيع دولة فلسطين أن ترفع القضية الى االمحكمة الجنائية الدولية، لأنها دون غيرها صاحبة الحق في متابعة المجرم بعد أن افتضحت الجريمة علميا وليس احساسا وعاطفة..المحكمة الجنائية دون غيرها قادرة على فعل ذلك، ودون أن تقوم فلسطين بالتوقيع الرسمي على معاهدة روما لن يكون بالامكان الوصول الى المحكمة الدولية..
ولا نعتقد أن الحديث للذهاب الى الجمعية العامة، دون التوقيع على المعاهدة، وبعد أن اصبحت فلسسطين دولة عضو مراقب، يمكن أن يجد قبولا منطقيا، لأن السؤال من غالبية الدول الأعضاء سيكون لهم: لماذا تأتون الى الجمعية العامة ولكم الحق في المحكمة الجنائية الدولية لتقديم الملف مباشرة لها، فإن كان الجواب متلعثما أو صمتا فلن تجد القيادة الرسمية من يصدق أنها جادة فعلا بعرض الملف أو مطاردة المجرم..لذا وكي لا تبقى المسألة تدور في حلقة “من أن أين نبدأ”، يجب حسم الموقف وبشكل واضح قبل اشاعة الكلام وبعثرته يمينا وشمالا بالذهاب الى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، فلكي يصدق الشعب هذه النوايا يجب أن يتم العمل رسميا على توقيع معاهدة روما، ودونها تكون المسألة ليست سوى “لعبة اعلامية” لإمتصاص غضب الشعب وردة الفعل على ما تم نشره الى حين الانتهاء من “الحدث الاعلامي”، وتعود القضية الى طي النسيان..
ملاحظة: ابو العبد هنية، القيادي الحمساوي يتحدث أن ما بينهم ومصر ليس سوى “عتاب متبادل”..طيب يا سيدي لو كانت المسألة بهذه “الليونة” دخيلك خلص هالعتاب عشان أهل غزة..طبعا لو حكيك صح!
تنويه خاص: قبل زمن اعلنت بعض مؤسسات فلسطينية مطاردتها لقناة الجزيرة القطرية واحد من استضافتهم لاهانة الزعيم..هل لا تزال تلك المؤسسات تتذكر القضية أم أنها كغيرها ..”شو اعلامي” والسلام!