كتب حسن عصفور/ كما اليوم 15 نوفمبر 1988، أعلن الخالد المؤسس ياسر عرفات وثيقة إعلان دولة فلسطين في المجلس الوطني بالعاصمة الجزائرية، وثيقة لم تكن عمل احتفالي أو حركة عاطفية سياسية في لحطة ما، بل جسدت قرار الإرادة الوطنية نحو المضي لتحقيق الهدف العام لمسار الثورة، بعد مؤامرة عام 1982.
في 4 مايو 1994، وضع الخالد المؤسس حجر الأساس لتجسيد وثيقة الاستقلال كيانا فوق أرض فلسطين معلنا تأسس الكيان الأول، تتويجا لطريق كان ثمنه عشرات آلاف من شهداء وجرحى وتضحيات ستبقى في الذاكرة الإنسانية قبل التاريخية كقوة فعل دائمة نحو ترسيخ فلسطين دولة واقعا.
كان تأسيس الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين معركة مركبة، بين الحركة السياسية عبر مفاوضات، وعسكرية – شعبية انطلقت بداياتها في هبة النفق 1996 في المواجهة الأولى مع حكومة الفاشية اليهودية، التي جاءت بعد اغتيال اسحق رابين موقع اتفاق إعلان المبادئ (أوسلو) 1993 مع منظمة التحرير، مواجهة شكلت مؤشرا لما سيكون فعلا من الفاشية الجديدة بقيادة نتنياهو – شارون.
بعد قمة كمب ديفيد 2000، انتقلت الفاشية اليهودية تحالف براك – شارون بالخطوات العسكرية لتدمير الكيان الفلسطيني الأول الذي بدأ ترسيخ مكانته عالميا، وخلال 4 سنوات من الحرب الشاملة والمواجهة الواسعة، تمكنت قوى الفاشية من اغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات 11 نوفمبر، أيام قبل ذكرى يوم إعلان وثيقة الاستقلال، في مفارقة تاريخية غريبة ذلك التوافق الاغتيالي للمؤسس ومعلن الوثيقة الاستقلالية وذكرى الإعلان.
منذ يناير 2005، انتخاب الرئيس محمود عباس رئيسا، دخلت منظمة التحرير ومشروعها الكياني نفق السواد السياسي الكبير، فتراجعت حركة بناء المؤسسة الوطنية، بل أن تحالف أعداء الكيانية الفلسطينية من كسر عامودها الفقري باسم الديمقراطية لزرع سرطان الانقسام، والذي كان له الفضل الأكبر في وقف نمو المشروع الوطني لصالح المشروع التهويدي، بعيدا عما يطلقه البعض الفلسطينية هراءا سياسيا.
في نوفمبر 2012، اعترفت الأمم المتحدة بدولة فلسطين عضوا مراقبا وبقرار 19/67 لعام 2012، كان له ان يمثل انطلاقة ثورية جديدة حول الكيانية الوطنية ومشروعها في تحد مع المشروع التوراتي، لو أكمل الرئيس محمود عباس ذلك بإعلان الدولة تحت الاحتلال منهيا الفترة الانتقالية كليا، ونقل الصراع من “جزئيات تفاوضية” الى فرض واقع سياسي شمولي.
لكن القرار الأممي حول دولة فلسطين وجد عرقلة رئيسية من جانب الرئاسة الفلسطينية ولجنتها التنفيذية التي أصابها عطب شديد منذ 2005، الى أن دخلت حالة من الشلل العقلي والقدرة على اتحاذ القرار وتنفيذه، وتحولت الى جهة ديكورية لإكمال مناصب الرئيس ومهامه، التي يتحدث بها، رغم أنه الأقل إشارة لها، سوى لغايات الدس السياسي.
خطيئة الرئيس محمود عباس ولجنته التنفيذية، في أنهم مارسوا أخطر عملية اعتقال لقرار الأمم المتحدة بعدم تنفيذه، ما فتح الباب للمشروع التهويدي بكل مقوماته، فبات الاستيطان هو السمة الأبرز في الضفة بدل من أن يكون معركة ترسيخ الكيانية المقرة دوليا هي الأبرز.
اعتقال دولة فلسطين لقرار الأممية العالمية، كان عاملا مركزيا في خدمة المشروع المعادي، لأنه تاه بين مفاهيم خادعة تحت مسميات لم يعد لها قيمة سياسية أو مكانة سياسية، بالحديث عن “اتفاقات موقعة”، ما قدم دفعا للفاشية اليهودية بفرض سيطرتها على أرض دولة فلسطين بـ “صمت رسمي فلسطيني”، كونها استغلت ما عرف بالمرحلة الانتقالية، التي كان لها أن تنتهي عام 2000، قبل أن تنهي عمليا دولة الكيان أصل الاتفاقات وأحالتها الى مظهر استخدامي لمشروعها التوراتي.
الرئاسة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لم تكتف بما فعلته خدمة لمنع إعلان دولة فلسطين، بل أنها عمليا دمرت كل قواعد العمل الوطني، أسسا ونظاما وبرنامجا وقرارات، وهي موضوعيا لم تعد لها صلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بعدما قامت بتدمير قواعد العمل وأحالتها الى آلية خدمة الفرد، وليس خدمة من تدعي أنها ممثله الشرعي الوحيد.
موضوعيا، الرئيس عباس واللجنة التنفيذية، لم تقم بتنفيذ غالبية قرارات مؤسسات المنظمة، خاصة المركزي، وبالأساس ما يتعلق بفك الارتباط مع العدو الاحتلالي وإعلان دولة فلسطين وتنفيذ قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، وقامت بضرب النظام الأساسي للمنظمة في عام 2018، عندما قام الرئيس وفريقه بتغيير النظام الأساسي خدمة لذاتيته، وانتقاما بتغيير عضوية المجلس الوطني خارج القانون.
المفارقة الكبرى، في ذكرى إعلان يوم الاستقلال الوطني، أن الرئيس عباس وفريقه، تنفيذية وحولها من أدوات خادمة، تعلن أن أبواب منظمة التحرير مفتوحة أمام القوى الأخرى (القصد حماس والجهاد) لهم، بشرط الموافقة على برنامج المنظمة والتزاماتها الدولية، عبارة تكشف هزالة الفكر السياسي لمن يطالب بها.
هل الرئيس عباس نفسه، ولجنته التنفيذية أصلا ملتزمين ببرنامج منظمة التحرير وقرارتها المتراكمة منذ العام 2012 وتأكدت في 2015 ثم 2018 وما تلاها..هل الرئيس عباس يؤمن أن هناك لجنة تنفيذية تعمل وفق النظام، أم باتت هيئة استخدامية لا أكثر…
الواقع القائم، أن الرئيس عباس خطف منظمة التحرير وأحالها من ملكية عامة لشعب وممثله الشرعي الوحيد الى “ملكية خاصة” استخدامية لغايات خارج النسق الوطني العام.
في ذكرى يوم الاستقلال ترفع القبضة عاليا لكل شهداء الوطن وقائدهم العام ياسر عرفات..وستبقى رحلة العطاء هي قطار المسار الاستقلالي لشعب فلسطين..شاء من شاء وأبى من أبى عدوا كان أو خادمه بكل المصنفات.
ملاحظة: مهم جدا ما يحدث معارك داخل شركات “أمازون” و”أبل” نتاج حرب غزة..تخيلوا بدأ أنصار الفاشية داخل تلك الشركات العملاقة يصرخون من هجوم من بهم روح إنسانية ..رافضي جرائم حرب دولة الفاشيين…غزة بدم أهلها تعيد بعضا مما حاولوا خطفه ..فلسطين كانت وستبقى يا اللي ما بتتسماش.
تنويه خاص: إدارة بايدن قررت اقتحام الشفاء عبر بيان يحمل كل تعريفات الانحطاط السياسي..بيان منح دولة الفاشية اليهودية ان تقتحم المشفى الأقدم في فلسطين…بيان يؤكد ان قرار الحرب في واشنطن ومش في تل أبيب…ممكن بعد هيك بعض العاهات تحل عنا بقرفها حول “الأمريكان”..او هي تحل خالص لأنها صارت وباء!