كتب حسن عصفور/ لا تزال “أصداء” عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو الجليل الأعلى، متفاعلة بأشكال مختلفة، رغم انها لم تترك أثرا يمكن اعتباره يستحق “ضجيجا” من دولة الكيان، سوى التعبئة السياسية في ظل أخطر “أزمة داخلية” يعيشها منذ عام 1948، وفقا لتصريحات معارضة للتحالف الحاكم بقيادة نتنياهو، وضجيج كلامي من بعض فصائل، تبحث عن “مكاسب” وهمية”.
يوم الجمعة 7 أبريل 2023، تحدث وزير خارجية عبد الله بوحبيب في تصريح لشبكة إعلامية أمريكية، وكأنه قاصدا، الزمان والمكان، اعتبر أن مطلقي الصواريخ كانوا من فصيل فلسطيني، أعلن اسمه، وحاول بكل الطرق تبرئة حزب الله، بصفته شريك في الحكومة القائمة، من تنفيذ تلك العملية، بل عمل أن يتجاهل حتى معرفته بها.
وفي اليوم التالي، قامت الخارجية اللبنانية بتقديم “شكوى” الى مجلس الأمن، تضمن اتهاما صريحا لطرف غير لبناني (فلسطيني وفقا لكلام الوزير)، وطالبة بمنع قيام دولة الكيان من أي رد عسكري على أراضيها، رسالة جوهرها اتهامي تحت غطاء تحذيري.
ويوم الأحد، 9 أبريل 2023، خرج رئيس الحكومة اللبنانية الملياردير نجيب ميقاتي، وفي اجتماع رسمي، ليكمل المسلسل الاتهامي للفلسطينيين، بتعبير حاول التذاكي به، بأنه طرف غير لبناني ومرتبط بقضية العدوان على المسجد الأقصى وقطاع غزة، وأكد بشكل مطلق، ان لا طرف لبناني له صلة او معرفة بما جرى.
جوهر مواقف الرسمية اللبنانية، تركزت على تبرئة لبنان، الدولة والأحزاب، وقدمت هديتها الأمنية الى دولة الكيان، بأن المتهم فلسطيني، بعيدا عن “مكذبة التبرير”، فالجوهري هو أنها خدمت الهدف الإسرائيلي من زاوية تحريض صريح على الفلسطينيين، واعتباره من يقف وراء ذلك، تحريض لم تقف حدوده عند دولة الكيان، التي تمسكت برواية رسمية الحكم اللبناني، بل شكلت مادة تحريضية لأطراف لبنانية، لتبدأ فتح “صواريخها” ضد الوجود الفلسطيني في لبنان، وطالبت بإعادة ترتيبه، مع الحديث عن قرار 1559.
بالتأكيد، ما كان للرسمية اللبنانية، أن تذهب بعيدا في الاتهامية الصريحة لطرف فلسطيني، دون معلومات تسلمتها من حزب الله، بصفته القوة المسيطرة كليا على المشهد في الجنوب، والحليف “النظري” لبعض الفصائل، التي سارعت بالتهليل والتبريك والحديث عن “وحدة ساحات” وهمية، فقدمت خدمة للعدو، وأيضا لكل من أراد الهروب من تحمل مسؤولياته تجاه الحدث، ورمي الحمل بكامل نتائجه على الفلسطينيين.
عندما تصغر الدولة اللبنانية الى ما كان في رسالتها الى مجلس الأمن، وكذا تصريحات رئيس حكومتها، فتلك “هدية أمنية سياسية” للكيان بأن يستخدمها “ذريعة” للقيام بأعمال إرهابية، وارتكاب جرائم حرب، بل واغتيال شخصيات مسؤولة، تحت ذريعة “رد فعل”، وهو ما كان يجب أن يكون ابدا، لو أن حزب الله ما قام بالتخلي عمن طالبهم بتنفيذ عملية “استعراضية” لاستخدامها في مناورات لا صلة لها بالقضية الفلسطينية أبدا، بل جزء منها لتحسين شروط التفاوض اللبناني – الإسرائيلي الجارية.
للأسف وقف الإعلام الفلسطيني، الرسمي والفصائلي، صامتا او متواطئا مع التحريض الرسمي اللبناني ضد الفلسطيني، أي كانت تبريره الفارغ لمسبب الصواريخ، وما كان للرسمية الفلسطينية أيضا، ان تقف متفرجة على تلك الحالة الاتهامية، باعتبارها تمس طرفا خصما سياسيا وطنيا، فأي كان الموقف من هذا الفصيل أو ذاك، فالرسالة اللبنانية تحريض علني دون تمييز، ولذا من المهم أن تعيد الخارجية الفلسطينية رد الاتهام الى مصدره الحقيقي، بأن تلك الصواريخ مسؤولية لبنان الدولة والفصيل المهيمن على قرارها وجنوبها.
ليت فصائل “الثرثرة الكلامية”، ان تدرك هدف ما يلي تلك الاتهامية الرسمية اللبنانية للفلسطينيين، مقابل تبرئة أي طرف من دولتهم، معرفة ومساعدة بـ “الفعل الصاروخي”.
ملاحظة: التحريض العنصري في الإعلام العبري ضد القائد الوطني الفلسطيني الكبير محمد بركة، يجب أن يواجه بأوسع حملة رفض ودعم في آن..محمد بركة رمزا لشعب يقف جدارا واقيا ضد الفاشية والعنصرية..قبضتك ستبقى مرفوعة في وجههم يا “أبو السعيد”!
تنويه خاص: بيان الخارجية الفلسطينية حول التحذير من خطر عمل عدواني كبير على قطاع غزة، جاء غريبا ليس من حيث أن الفاشيين في الكيان لا يعدون عدتهم، بل النشر الاستباقي من جهة رسمية بذلك المضمون..بيان ما كان وقته ولا مضمونه مناسبان..جل من لا يسقط سياسيا!