كتب حسن عصفور/ رغم أن الفريق التفاوضي الخاص الذي شكلته حركة فتح ورئيسها محمود عباس أعلن أنه لا يستطيع المضي قدما بعمله التفاوضي مع الطرف الاسرائيلي، قرفا ومعرفة أن ما يحدث ليس سوى “خدعة ووهم كبير”، الا أن حركة فتح والرئيس عباس رأوا غير ذلك، اصروا بطريقة لا يشوبها أي التباس على خيارهم الشخصي، والذي تعارضه كل قوى الشعب الفلسطينية، فصائل وهيئات ومنظمات، شعب بكامله يرى أن المفاوضات الراهنة هي افضل هدية يمكن تقديمها لدولة الاحتلال، وتشكيلها غطاء للجرائم المرتكبة يوميا فوق أرض فلسطين..
عندما تصل حالة “القرف السياسي” لفريق “فتح” المختص، والذي يعشق التفاوض كعملية أكثر من غيرها، وعلن أنه لم يعد يحتمل الاستمرار بها، حتى لو كان الاعلان “مناورة لتبيض صفحتهم الشخصية بعد الفضائح التي كشفها كيري”، لنتخيل معا ماهي تلك اللعبة الدائرة تحت مسمى التفاوض، واي خطر باستمرارها يتهدد الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وأن رفض تلك المهزلة لم يكن من باب “المزايدة أو المناكفة”، كما تحب بعض أصوات الرئاسة الفلسطينية ومؤسستها الأمنية، أن تصف من عارض ويعارض نهجها المدمر للقضية الوطنية، ولا نظن ابدا أن فريق التفاوض الخاص يمكنه أن يغامر بخسارة “ثقة الرئيس عباس” من أجل دعم “فريق المناكفة”..
وبعد كل الفضائح التي كشفها وزير الخارجية الأميركي، واصرار دولة الاحتلال على المضي منهجها ومشروعها الاستيطاني ومصادرة ما يمكن مصادرته، يصر الرئيس عباس وحركته فتح باعتبار المفاوضات طريقا لا فكاك منه، وتبلغ المصيبة – الكارثة الكبى أن يعلن الرئيس عباس أنها ستسمر “مهما حصل على الأرض”..مقولة تمنح “الشرعية القانونية والسياسية” لحكومة نتنياهو بأن تفعل ما يحلو لها من ممارسات، لأن المفاوضات هي المسألة “المقدسة” بالنسبة للرئيس عباس، مقولة كشفت أن “الغضب الوقتي” الذي انتاب الرئيس ومؤسسته الأمنية بعد “فضيحة محضر جون كيري، واعلان الرئيس بصوت هجوري جدا بـ”أن الاستيطان باطل” لم تكن سوى كلمات انشائية لامتصاص رد الفعل الشعبي والسياسي على الفضيحة..
اعلان الرئيس عباس بأن “المفاوضات فوق الجميع وهي سائرة مهما حصل” تشكل اهانة للكل الفلسطيني، شعبا وقوى، وتكشف عن السخرية والاستهزاء باي معارضة لتلك المهزلة التفاوضية، واصرارعلى أن القرار لم يعد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو ما يعرف باسم “القيادة الفلسطينية”، بل هو قرار خاص جدا ومحصور في دائرة ضيقة، تقتصر على بعض من حركة فتح، موقف يفتح الباب واسعا أمام القوى كافة هل ستقبل بتلك الاهانة السياسية وتمتصها وتتعامل معها عبر بيان بائس بلا معنى، وتعلن افلاسها التام، أم أنها ستتحرك كي لا تمر تلك حالة السخرية بها أكثر..
اصرار الرئيس عباس على أن يسير في طريق مظلم هو اصرار على الحاق الخسائر المتلاحقة بالمشروع الوطني، ولا يحق، بعد الآن، لأي من فريقه مواصلة الحديث عن أن “الاستيطان باطل” لأنهم باتوا يشكلون “الغطاء الشرعي لاستمراره” بل وتوسيعه، ويكشف أن الحملة اللغوية عن كونه معرقل للسلام ليس سوى كلام للسخرية من الشعب الفلسطيني..والمصيبة أن يأت هذا الاصرار المستخف بالشعب وقواه في لحظة تقوم دولة الكيان ببناء حديقة على أرض القدس الشرقية، بكل ما يحمله من مخاطر على طابع المدينة الفلسطيني، وتهويدها ضمن ما تقوم من مشاريع التهويد، وخطرها على المقدسات وخاصة المسجد الأقصى..
تأتي مقولة الرئيس ” المفاوضات مستمرة ..مهما حصل” ودولة الاحتلال تتحداه يوميا وتضع أمامه كل اشكال المطبات، ولم تمنحه قدر أنمله كي يقول أن للمفاوضات الهزلية “ثمن”، وأن التضحية الكبرى التي يقدم عليها مقابلها “ثمن أكبر”، وبالتالي بحساب التجارة يكون “الربح له وليس لهم”، أما المتاجرة بقضية الأسرى فهي ثمن لتجميد تعزيز مكانة فلسطين الدولة والحضور، وثمن لمنع ملاحقة دولة الاحتلال، كدولة اجرام في المحكة الدولية، ولذا فاستغلال الاسرى لاستمرار التفاوض المعيب ليس سوى خداع مكشوف، فالثمن تم دفعه مسبقا قبل أن تبدأ عملية الافراج، دفع “الثمن بالجملة والافراج بالتقسيط”، وعليه ما هو الثمن الذي يمكن اعتباره مقابلا للموافقة الصامته او غير الصامته على استمرار المشروع الاستيطاني – التهويدي..
“المفاوضات فوق الجميع – مهما حصل”، طريق لن يحلب لسالكيه سوى الكوارث، ومن يظن أنه قادر على استغلال واقع الشعب المحتل وظروف الانقسام لتمرير مخطط مصادرة المشروع الوطني سيكتشف انه واهم جدا..فالشعوب تغفو ولكنها لا تنام ابدا..وقادم الأيام سيكون كفيلا بالرد على فريق “المفاوضات ..مهما حصل” ..وبالتأكيد لن يذهب الشعب ليشرب مية البحر!
ملاحظة: “لفته” القيادي الحمساوي اسماعيل هنية للاجئي سوريا براتب وشقة تستحق التقدير..ولكن هل بالامكان أصلا ان يصلوا الى غزة..أم هي لمن حضر فقط!
تنويه خاص: لا ضرورة للمضي بالكلام عن اغتيال الزعيم الخالد بالطلب من الآخرين ..مطلوب أولا رفع الملف رسميا الى الأمم المتحدة ومؤسساتها المختصة، وليس الكلام فقط..طبعا لو كانت النية حقا معرفة من “قتل الرئيس”!