كتب حسن عصفور/ عندما تعلن وكالة الأنباء السورية الرسمية، عن قيام دولة الكيان بعدوان على العاصمة دمشق، ربما يراه القارئ خبرا قديما، من حيث الشكل والمضمون، ولكن مع ساعات تالية يكتشف المتابع، أن هناك “صيد ثمين” قد تم الوصول اليه، يكون “إيراني” أو “حزب الله” غالبا.
عمليات اغتيالات لخبراء ومهندسين، وتدمير مخازن أسلحة، بعضها في مطار دمشق أو ما حوله، أي المنطقة المفترض أن تكون تحت حماية خاصة، وقدرة على الرد والتصدي، ولكن غالبية البيانات الصادرة نادرا ما تشير الى حقيقة نتائج ذلك العدوان.
بداية، لا بد من الاعتراف أن “الوجود العسكري الإيراني”، ومعه أداته الرئيسية في لبنان حزب الله، كان أحد عناصر المواجهة للمؤامرة الكبرى التي أعدتها أمريكا خلال عهد أوباما لتفكيك الدول المركزية العربية، ومنها سوريا، لصالح الجهة الأكثر خدمة لمخططها، الجماعة الإسلاموية بكل تلاوينها ومسمياتها، الى جانب الجانب الاقتصادي، والذي لم يكن مجانا كما يشاع، ولكنه لعب دورا في مقاومة سوريا لأزمتها.
وبعد محاصرة المؤامرة الكبرى، ورغم وجود بعض مظاهرها، خاصة في الاحتلالين الأمريكي والتركي لبعض مناطق سوريا شمالا، وجيوب عمليات إرهابية، لكن السؤال المركزي، الذي بات مهما مناقشته، بما خدم سوريا الدولة والشعب، بعيدا عن “الحساسية الخاصة”، التي تصيب البعض، بدون حق، هل استمرار “الوجود الإيراني” بكل مظاهره، وكذلك “حزب الله” في سوريا ضرورة، أم آن أوان وضع نهاية له..؟
مناقشة “الوجود الإيراني” في سوريا، ليس تجاهلا للخدمات التي قدمتها بلاد فارس، رغم أنها ربحت جدا من ورائها، ولم تكن لعين سوريا ودولتها، ولكنه عمل أدى وظيفة إيجابية، انتهى مفعولها الأساسي، فسوريا استعادت كثيرا جدا من عافيتها كدولة وحكم وحكومة، والأهم أنها تعود سريعا الى الحضن العربي، وكان مشاركة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية بالرياض، رغم اعتراض قطري وأمريكي، خطوة هامة في كسر الحظر الذي فرضته واشنطن، ومعها تعود سفارات العرب الى دمشق، مع رؤية لعمل اقتصادي – استثماري يساعد في التغلب على بقايا المؤامرة الكبرى.
وكي يصبح تناول قضية “الوجود الإيراني” من جوانب مختلفة، وخارج حساسية فارغة، يجب الانطلاق من سؤال مباشر، ما هو الدور الذي تقوم به لمواجهة اليد الإسرائيلية الطويلة، التي تصل سوريا وقتما تشاء وأينما تشاء، دون أي يكون ردا فاعلا يكون يد بيد وصفعة بصفعة، ولكن يأتي الرد فعل تهديدي متصاعد، وكلام بات سماعه مملا الى حد السخرية، وخاصة أنه لم يتم يوما أي فعل يماثل ما يحدث من ضرب أهداف حساسة وتصفية شخصيات “ذات قيمة”.
“الوجود الإيراني” العام في سوريا بشكله الراهن، ومنه العسكري، يمثل عنصر طرد للوجود العربي، وخاصة أنه لم يعد له فعل وفعالية، بل بات يشكل عبئ وذريعة للنيل منها، ويستخدم من بعض العرب هروبا لتطوير العلاقات، أو من قبل دولة العدو لاستمرار العدوان.
مسألة مناقشة تصويب “الوجود الإيراني” في سوريا وبحثه بما لا يتنكر لما قدمته بلاد فارس، ولكن بما لا يبقيه دولة داخل دولة، كعنصر منفر، وإنهاء كل “الجيوب الإيرانية” التي تم بنائها خلال تلك السنوات، بما تمثله من ملامح غير إيجابية، وتنال من المظهر الاستقلالي – السيادي للشقيقة سوريا.
الإشارة الى مراجعة ترتيبات “الوجود الإيراني” في سوريا، لا يمس جوهر العلاقات الثنائية بين البلدين، بل يعيد تنظيمها وفقا للتطورات الأخيرة، وخاصة بعدما انتفت أي قيمة جوهرية للوجود العسكري “والجيوب” الأخرى المنتشرة.
مناقشة “الوجود الإيراني” في سوريا، فاتحة باب جديد لتعزيز “الوجود العربي” الرسمي، وهو ما تحتاجه دمشق راهنا، خاصة أن “المظلة العسكرية الروسية” العامة لا تزال موجودة، يمكن أن تشكل رادعا تجاه أي محاولة مساس جدية بها وأمنها.
ملاحظة: اعدام شباب جنين الثلاثة برصاص العدو، وبعد معرفة هويتهم التنظيمية، اكتشف الناس أنهم فتح وجهاد..مش جديدة أبدا فـ “الثنائية الكفاحية” بينهما أقوى من محاولة البعض فكفكتها، ولكن توقيتها وكأنه رد من جنين على أبواق الفتنة في لبنان..ومحرك المؤامرة الحمار يفهم!
تنويه خاص: تحدي سموتريتش لرأس التحالف الفاشي نتنياهو، بأنه مش راح يوقع أي قرار بتحويل “أموال” للسلطة (وهي حق خالص لها).. تؤكد يوم بعد يوم أن الحاكم الفعلي في دولة الكيان هي “العصابة الإرهابية الاستيطانية”.. والنتن صار “رئيس منظر”..يعني طرطور مطرطر!