كتب حسن عصفور/ منذ سنوات، بدأ الرئيس محمود عباس، وأجهزة أمنه الخاصة باللجوء الى سياسة مستحدثة على الحالة الفلسطينية، بقطع رواتب من يختلف مع الرئيس عباس، سواء افرادا أو فصائل، سياسة تستند على “بعد أمني”، أو ما هو أدنى من ذلك بكثير، فقد يتم الاستناد الى “تقرير نميمة حاقد شخصي” ترسل من قطاع غزة أو بعض الضفة والشتات، عبر “حمام الرئيس الزاجل” الى مقر المقاطعة مباشرة، او الى مراكز أجهزة الأمن المختلفة التابعة للرئيس محمود عباس، التي باتت تحت سيطرته المطلقة، خلافا لتعديلات “القانون الأساسي” عام 2003، التي طالبت بها أمريكا والاتحاد الاوروبي ودول عربية بالأمر المباشر، لصالح سلطة “رئيس الوزراء المقترح” محمود عباس ولتقليم أظافر الخالد المؤسس ياسر عرفات..
ما يحدث في السنوات الأخيرة، من سياسة “غير وطنية” ضد الموظفين المدنيين والأمنيين، وأحيانا فصائل وطنية، يشكل واحدة من “العورات” التي لا سابق لها في تاريخ شعب فلسطين، لا زمن الثورة ولا زمن السلطة، حتى مع شخصيات اتهمت بـ”الجاسوسية” لصالح العدو الاسرائيلي، ومنهم الشهير “عدنان ياسين”، وقصته باتت معلومة جدا، وربما يتم كشف بعض “حقائق” عنها لا تزال لم تكشف بعد، عندما رفض الخالد ابو عمار قطع راتبه عن العائلة كونها لا ذنب لها..ولا نظن أن الرئيس عباس ينسى دوره في العمل لاستمرار راتب عائلة عدنان ياسين..
والسؤال ليس للرئيس عباس وأجهزته الأمنية، بل الى الجهاز القضائي الفلسطيني، وفي المقدمة النائب العام احمد البراك، المفترض أنه “محامي الشعب” أمام الظلم أو الشبهة بالظلم، هل من حق رئيس السلطة أو أي من أجهزته الأمنية قطع راتب موظفين رسميين في الأجهزة المدنية والأمنية..
هل هناك أي نص قانوني في القانون الأساسي للسلطة الوطنية ” الدستور” يمنح الحق لأي كان رئيسا أو غفيرا بقطع راتب أي كان، فما بلك لو كان بلا مبرر قانوني..
هل يحق للرئيس عباس وأجهزته الأمنية الخاصة، المغالاة في الخلط بين أعضاء فتح وموظفي السلطة، وكأن الجهاز المدني بات “حديقة خاصة” لحركة فتح، يتصرف بها “رئيس فتح” وفقا لما يراه هو بعيدا عن “قاتون الخدمة المدنية” المقر رسميا من المجلس التشريعي..
لماذا تصمت محكمة العدل العليا، والنائب العام عن سياسة قهرية تستغل راتب الموظف، والمفترض أنه بلا انتماء حزبي أمام القانون، فلا فرق بين الفصائل الفلسطينية داخل بنود القانون الأساسي..
والأخطر، أن الرئيس عباس وأجهزته الأمنية تهدد الموظف، أي موظف، بقطع الراتب تحت باب “الشبه”، او “الدسيسة” أو “وصل الينا معلومات”..سلوك لا يمكن أن يكون “لائقا” بجهاز قضائي فلسطيني ولا بنائب عام فلسطين، محامي الشعب الذي اصابه “قلق بالغ” قبل ايام حول تعليق أهل فلسطين على قرار محكمة العدل العليا بخصوص الانتخابات البلدية، وهدد بـ”سيف القانون” كل من ينتقد القرار، علما بأنه حق مشروع جدا، كفله القانون الأساسي لأنه قرار يتعلق بمفهوم الدستور ذاته..
بل الأغرب أن النائب العام الذي رفع سلاح القانون ضد أي منتقد لقرار المحكمة العليا، أصيب بالصمت المطلق على بيان لجنة الانتخابات المركزية غير الدستوري عندما أعلنت أنها ألغت الانتخابات، وهو يعلم أن ذلك “قرار سيادي مطلق”..
النائب العام ومحكمة العدل العليا، يتحملان مسوؤلية وطنية في استمرار “جريمة قطع رواتب موظفي السلطة” وفقا لأهواء الرئيس عباس وأجهزته الأمنية، وتقارير “الدسيسة” الحاقدة..
السيد النائب العام، هل لك أن تعلم الشعب الفلسطيني كم راتبا تم قطعه لأي متهم بالتجسس لصالح دولة الكيان الاحتلالي..وهل لك أن تراجع ملف الجاسوس “عدنان ياسين” علك تجد به ما قد يكون “خدمة هامة” لفلسطين القضية والشعب..
السيد النائب العام، هل لك أن تسأل، ورغم عدم قانونية قطع الراتب وأنه تجاوز للدستور، و”بلطجة سياسية أمنية” بامتياز، أين تذهب تلك الرواتب المقطوعة..
وقبل الختام نسأل، لماذا تصمت أمريكا والاتحاد الأوروبي عن “سياسة قطع الرواتب” رغم انها لا تترك شاردة ليس على هواها دون أن “تشبع الاعلام لطما وصراخا”..
والى الرئيس محود عباس، تذكر أنك من توسط عند الرئيس المؤسس ياسر عرفات لمنع قطع راتب عدنان ياسين..ولا تنسى “ان قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق”..مقولة خالدة لها من عمق المعنى الكثير..
الصمت على قطع الرواتب هو عار سياسي وقانوني..آن وضع نهاية له احتراما لقانون فلسطين، الثورة ولاحقا الكيان!
ملاحظة: حكومة الرئيس عباس انتصرت له ضد “التطاول” عليه بحرق صوره في غزة..وهي على حق كامل..لكن ألم يكن عليها أن تتذكر من قام بحرق الدستور والقانون تحت سمعها وبصرها..لجنة الانتخابات المركزية وقرارها بالغاء الانتخابات..”الحول السياسي” مرض عفكرة!
تنويه خاص: الاتحاد الاوروبي يحتج على سياسية حماس الاعدام خارج القانون..صوت هام ..لكنه كلام “بعبعة” لا أكثر..ومندوبيهم اللي رايحين جايين لإسترضاء حماس عارفين..الغريب أن قضاء السلطة والنائب العام ما عندهم خبر!