كتب حسن عصفور/ نعلم جيدا أن هناك طرق مختلفة لإيصال الرأي في بعض القضايا التي تحكمها “ظروف خاصة”، وتحديدا ما يرتبط بتلك التي تثيرها وسائل اعلامية، قد تكون بهدف “وغاية في نفس يعقوب”، وربما بـ”حسن نية” من أجل المصلحة العامة، سواء للتوضيح أو التدقيق أو لطرق باب التنبيه المفروض أن يكون جزءا من دور الاعلام، وقد نشرت وسائل اعلام مختلفة، وبعضها مصرية ليست محسوبة على ذاك التيار الظلامي، تقارير عن حالة بعض من “مهاجري فلسطيني سوريا” الى مصر، وما يتعرضون له من “سوء معاملة” وصفتها بعض التقارير بـ”غير الانسانية”، وأن هناك عمليات تمس الشرف والعرض، من خلال عمليات تحرش جنسي تتعرض لها بعض من نساء ابناء جلدتنا في “سجن مصري” بمدينة الإسكندرية..
لسنا هنا في معرض التدقيق فيما تم نشره اعلاميا، ولكن المسؤولية الوطنية قبل السياسية تقتضي من سفارة “دولة فلسطين”، والتي لها “قنصلية خاصة” في الاسكندرية، أن تسارع وفور علمها بما نشر عبر وسائل الاعلام، أن تعلن مبادرتها بتشكيل فريق خاص من طاقم السفارة وقنصليتها لمعرفة “الحقيقة” فيما يقال، ثم الطلب بزيارة السجن الخاص حيث يتم توقيف عائلات فلسطينية به، وقبل كل ذلك التفكير في معالجة ما وصلوا له ولما، خاصة بعد تقارير عن قيام الرئيس محمود عباس بالعمل على إدخال مئات الاسر الفلسطينية المهاجرة بسبب الحرب من سوريا الى قطاع غزة، وهو ما يفرض وفورا بحث مصير تلك العائلات التي يقال عن مواجهتها “مصائب انسانية”..
وبالتأكيد، فالسفير والسفارة يعلمون أن عشرات مما لقوا حتفهم قبل اسابيع على شواطئ ايطاليا واليونان كانوا ممن هربوا عبر البحر باحثين عن “مصير مجهول” بدلا من حالة “ضياع معلوم”، ولا نظن أن ترك تلك العوائل بين خيار الايقاف القسري واللانساني وبين البحث عن موت شبه محتوم، هو ما يجب أن يكون خيار تلك الأسر التي لا ذنب لها سوى أنها فقدت كل ما كان لها من استقرار بسبب حرب مجنونة، أو أن يزج بهم البعض في لعبة استغلال سياسي تحت وطأة الحاجة والضرورة، ولأن “سفارة فلسطين” هي الواجهة الشرعية والوحيدة لبني فلسطين حيثما كانوا، فدورها في مصر يبدأ من العمل على حماية الفلسطيني وصيانة كرامته قبل اي اجراء ديبلوماسي أو بروتكولي آخر..
متابعة السفارة والسفير للتقارير وما نشر عما تعرض له البعض الفلسطيني في سجن الاسكندرية، من مضايقات ادى لاعلانهم الاضراب، واجب وطني قبل أن يكون فرضا سياسيا بحكم الصفة التمثيلية، وكي لا تتحول الى “لعبة اتجار” من هذه القوة أو تلك لحسابات باتت معلومة، والصمت أو الاهمال في القيام بتلك المسؤولية يدخل السفارة والسفير في دائرة الاتهام، تبدا بالاهمال وتنتهي بالتواطؤ، له ولكل العاملين بالسفارة لتصل الى القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ولا نظن أن السفير والعاملين بالسفارة يقبلون ذلك، حرصا على من يمثلون أولا وعلى صفاتهم ثانيا..
وبالتأكيد، فإن متابعة تلك القضية لا يمس باي حال من الأحوال العلاقة الخاصة بين مصر وفلسطين، بل ربما المتابعة الايجابية تساهم في تعزيز وتنقية العلاقة من أي شائب أو طارئ يعلق بها، ولعل كشف الحقيقة سواء بزيف تلك التقارير أو صوابها جزئيا أو كليا يساعد على تصحيح خطأ يؤدي استمراره الى الاساءة للعلاقة، ولذا فمعرفة الحقيقة واعلانها هو بوابة للتصحيح والتعزيز، خاصة وان عالم اليوم لم يعد يحتفظ بالأسرار كثيرا..
الواجب الوطني والانساني يفرض تحركا سريعا وجادا لمعرفة الحقيقة في تقرير العائلات الفلسطينية في الاسكندرية، واعلام الشعب الفلسطيني بشكل مباشر خاصة وأن السفارة لا تغيب تقريبا عن الحضور الاعلامي، سواء في مصر أو فلسطين.. تلك مسؤولية السفارة والسفير والتقاعس عنها سيؤدي الى اعتبار كل ما يقال صحيحا..فالصمت او الاهمال دائما طريقا لتعميم المسكوت عنه!
ملاحظة: رئيس وزراء فلسطين يقول في مقابلة صحفية، ان قطر منحت السلطة 150 مليون دولار..في سياق المقابلة لم تكن العبارات واضحة، هل هو وعد بالمنحة أم تم فعلا..وهل هي للخزينة أم لتسديد ثمن وقود كهرباء غزة!
تنويه خاص: العزاء للسيد اسماعيل هنية ونجله عبدالسلام في وفاة الحفيدة والابنة..لها الرحمة ولذويها صبرا..