كتب حسن عصفور/ رغم أن الحدث يمكن منحه مكانة تفوق المهم، الا أنه مر مرورا عابرا دون أن يحدث ما يستحق من وقفة سياسية قبل أن تكون رياضية، خبر يقول أن الجالية اليهودية “قليلة العدد في دولة تشيلي تقدمت باحتجاج على نادي “بالستينو الرياضي” كونه لجأ الى استبدال رقم واحد باللغة الانجليزية المعروف ووضع خريطة “فلسطين” بديلا، وللصدفة هناك تماثل أو تقارب من شكل الرقم واحد باللغتين العربية والانجليزية، وسريعا تجاوب الاتحاد التشيلي لكرة القدم مع احتجاج “اليهود” وأوقعت غرامة مالية على الفريق وطالبته برفع الخريطة والعودة لاستخدام الرقم المعروف، مع تهديدات بعقوبات أشد في حال تكرار ذلك..
النادي الرياضي الفلسطيني، هو احد أهم أندية تشيلي الرياضية وحاز بطولات متعددة وله مكانة مرموقة في ذلك البلد اللاتيني، واسمه مختار من وطن من قام بتأسيسه مع بدايات الهجرة اليها، مهاجرين فلسطينيين قرروا عام 1920 انشاء ناد رياضي – اجتماعي لهم باسم وطنهم الأم – الأصلي، ويكون رابطة تحمي ذلك الانتماء في بلاد الغربة وشاهدا على أصل الحكاية، تأسس النادي قبل إغتصاب فلسطين عام 1948، ونجح أن يصبح أحد ابطال الرياضة ورمزا من رموز الانتماء للوطن في آن، وكأن الاسم كان رافعة للإبداع الرياضي..
قبل سنوات ومع تشكيل منتخب فلسطين الوطني لكرة القدم، كان للاعبي “بالستينو” المكانة الأبرز وحققوا من الانتصارات ما جعل المنتخب الوطني رمزا للجماعة الوطنية، فترة ارتفع بها اسم فلسطين رياضيا في ساحات عدة، ولكن النهضة – الطفرة لم تستمر لا نود البحث في اسبابها فهي ليست مجال الحديث..
مع اعتماد رئاسة النادي الفلسطيني للرقم – الخريطة على قمصان لاعبيه والتي تحمل لون العلم الفلسطيني منذ التأسيس، حتى ثارت ثائرة اليهود، واعتبروا ذلك استفزازا لهم، وشكلا من أشكال “العنصرية”، هكذا اعتبر اليهود في تشيلي وضع لاعبي “بالستينو” خريطة فلسطين، ولأن الكذب والدجل السياسي هو “مهنة وحرفة” للحركة الأكثر عنصرية في التاريخ الانساني – الحركة الصهيونية -، فحملتهم السريعة جاءت لقطع الطريق أن تتحول مبادرة النادي الفلسطيني في تشيلي الى حالة رمزية” ويتم استخدام خريطة “فلسطين التاريخية” بدلا من الرقم واحد في اللغتين العربية والانجليزية، وهي قبل غيرها تدرك ما يمكن أن تقوده تلك الحالة الرمزية من تعميم الوعي التاريخي بالقضية الفلسطينية من خلال فعل لا صلة له بأ مظهر “لا سامي” أو “ارهابي”..ولذا سارعت بحربها المبكرة لقطع الطريق على مبادرة كان لها أن تصبح حملة عالمية..
أن يمنع الاتحاد التشيلي ذلك فتلك مسألة تخصه وقوانينه، لكن المبادرة المذهلة للنادي الفلسطيني فتحت طريقا جديدا لمواجهة قوى الشر الاحتلالي فكرا وممارسة، واعادت احياء لمظاهر الابداع في مقاومة شعبية لا يمكن لها أن تقف عند شكل واحد..مبادرة الفريق الفلسطيني تستحق كل التقدير أولا، وتفرض على كل مؤسسات فلسطين رسمية وشعبية وفرق رياضية ومناهج تربوية في التفكير في استخدام المبادرة في لغة التعامل للرقم، لتصبح خريطة “فلسطين التاريخية” بديلا للرقم واحد..
المفارقة أن الجالية الفلسطينية في تشيلي والتي تقترب من النصف مليون فلسطيني كثيرهم لا يتحدثون العربية، لكنهم أعلنوا أول حركة “تمرد” على محاولات أمريكا لتصفية قضية حق العودة وقضية اللاجئين، وكان ردها عمليا على محاولات فرض مشروع “يهودية اسرائيل”..”خريطة بدلا لرقم”، رد لا يكلف أي جهد سوى الايمان بوطن وقضية وكرامة لا تهتز أمام أول تهديد، وارتعاش من “غضب الأسياد”..
مهاجرو فلسطين رفعوا راية “تمردهم” الخاص على السلوك السياسي الأميركي ودولة الكيان، لم يطالبوا أو يصرخوا ولم يستجدوا أي طرف لفعل كذا قبل أن تصبح الأحوال كذا..تصرفوا دون أن ينتظروا لا تعليمات وبلا حسابات صغيرة أو ضيقة..اعلنوا للعالم اجمع أن فلسطين التاريخية لن تصبح يوما دولة يهودية..رد لم يكلفهم سوى غرامة مالية لا تستحق الذكر أمام قدرة التحدي التي خلقتها مبادرة “بالستينو” الرياضي..
ولكن هل فعلت مؤسسات فلسطين الرسمية والشعبية شيئا لأهل المبادرة، هل تم تذكير الجامعة العربية أو اعلامها بما حدث، وهل اتحاد الرياضة الفلسطيني ولجانه التي لا حصر لها ورئيسه المتحرك شيئا للتعبير عن تقديرهم للمبادرة “البالستينية” في تشيلي، ام أن بعضهم أصيب بكدر وغم ونكد وربما لعن وشتم من قام بتذكيرهم مما يحاولون نسيانه..
قطعا اصحاب النادي لم ينتظروا وبالتأكيد لن ينتظروا “ثناءا أو شكرا” على ما يرونه واجبا وحقا..لكن أهل فلسطين ينتظروا أن يتحرك بعض ما لهم حق التحرك باسم فلسطين لنصرة اهل المبادرة..!
ملاحظة: حماس تتحدث على لسان مسؤولها في غزة ان الانقسام بات خلفنا..الواقع بيقول غير هيك خالص..طيب ليش ما تستقبلوا الأحمد كمبعوث رئاسي لانهاء تشكيل الحكومة كما أعلنتم!
تنويه خاص: احيانا يقرأ الانسان ارقاما تشكل وقودا لفعل بدل الثورة مليون..تقول الارقام أن واحد بالمية من سكان العالم يملكون نصف ثرواتها فقط ..أرزاق بس أكيد مش حلال!