كتب حسن عصفور/ لا زال قرار حكومة الرئيس محمود عباس ووزيره الأول رامي الحمدالله، باحالة موظفي قطاع غزة الى التقاعد الاجباري، يثير حالة غضب متصاعدة بين أهل القطاع، وخاصة الموظفين وبعض القوى ، ليس من جانب “الجور المالي – الوظيفي” للقرار رغم أهميته، بل للأبعاد السياسية التي تحكم القرار كونه يأتي كمقدمة لتنفيذ مشروع أميركي جديد، أعلن عنه الرئيس اوباما لاقامة “دولة الجدار بالضفة” لتصبح حافزا لأهل غزة، ولذا جاء توقيت القرار الانفصالي كانه جزء من خطوات لاحقة للتعاطي مع المشروع المعادي لوحدة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية..
ولخطورة قرار حكومة الرئيس عباس قرر موظفو القطاع وقوى وطنية فلسطينية اعلان اعتصام جماهيري في ساحة “الجندي المجهول” حتى يتم التراجع عن القرار المصيبة، وبلا مقدمات وعشية يوم الاعتصام المذكور تدخلت حركة “حماس” فأرسلت تهديدها الأمني – العسكري برفض الاعتصام، تحت طائلة “الموت والملاحقة” لكل من يخالف إرادة قوات قهرها التي تسيطر بالقوة الجبرية على قطاع غزة، قرار ربما جاء مفاجأة لبعض التيارات الفلسطينية التي اعتقدت أن حركة حماس ، لن تمنع اعتصاما سلميا من أجل قطع الطريق على “مؤامرة سياسية” ضد وحدة القضية أرضا وشعبا، خاصة بعد أن قررت فتح “جبهة ضد المفاوضات”..
ولكن الحقيقة السياسية التي أكدها سلوك حماس الأمني أنها أكثر القوى تأييدا لمفاوضات فتح – عباس مع الطرف الاسرائيلي، بل تصلي ليل نهار أن يتنهي الحال بفريق التفاوض الكارثي بقبول المشروع الأميركي، قيادة حماس التي لا تتصرف في العملية السياسية من منطلق البعد الوطني العام، ولكن على قاعدة ما يخدمها وجماعتها الاخوانية، وتعتقد أن استمرار المفاوضات بشكلها المهين بل وقبول عباس وفريقه مخطط أوباما – كيري، سيكون “خدمة سياسية كبرى” لها ومشروعها الانفصالي، وقطع الطريق على تشكيل قوة فعل قوية وموحدة تواجه مشروع الانقسام الذي يشكل استمراره “منفعة” لها لاحكام سيطرتها على القطاع، خاصة بعد سقوط حكم المرشد الاخواني في مصر..
حركة “حماس” بدأت تتمسك بما لديها بكل السبل ولن تسمح لأي كان الاقتراب من سلطتها القهرية، فهي وجماعتها المنبوذة شعبيا في المنطقة بعد افتضاح دورها التآمري ضد الأمة ومشروعها القومي، تدرك مغزى ما لديها، ولذا لم يكن تهديدها لموظفي القطاع ومسانديهم من الاعتصام جانبا أمنيا كما يكذبون في اعلامهم “الأصفر”، بل خوفا من تطور الاعتراض على قرار حكومة عباس ووزيره الأول ليصبح قوة شعبية تهدد مصالح “الانقساميين” في “بقايا الوطن” التي تكرست خلال سنوات الانقسام منذ يونيو 2007..
كما أن حماس لا تستطيع ضمان ألا تتحول حركة الإعتصام الوظيفي الى اعتصام شعبي يطال سطوتها الأمنية وخطفها لقطاع غزة، خاصة وأنها لا تزال تعيش هاجس رعب حركة “تمرد –غزة”، رغم أن كل دعواتها لم تجد أثرا، إلا أن تقارير أمنها بأفرعه المتعددة، تشير الى حجم الغضب المخزون ضد سياسيتها وحالة الارهاب التي تسلكها، الى جانب ما يمكن أن يتطور أثر الجريمة الأخيرة التي أدت لاغتيال الشاب اياد المدهون والمتهم بها حركة حماس ومسؤول أمنها الأول فتحي حماد..
وبالتأكيد يسكن قيادة حماس هاجس الغضب غير المسبوق مما يعيشه أهل القطاع من حصار بعضه بسبب الاحتلال، وبعضه بسبب سياسة حماس الإخوانية ومعادتها للثورة المصرية، ورغم كل حملات النفي التي تقوم بها، الا أن أهل القطاع يعلمون جيدا ان “الجماعة فوق مصر” عند حماس وأجهزتها كافة..
منع الاعتصام الوظيفي هو الهدية السياسية التي قدمتها القيادة الحمساوية للشريك الانقسامي في شمال “بقايا الوطن”، سلوك يؤكد أن “ديمومة الانقسام” باتت أولوية لحكام غزة، وكل خطابات قائدهم اسماعيل هنية ليست سوى خداع في خداع، وليت بعض “المثقفين” و”السياسيين” الذين توهموا “خيرا” في لغة “الانشاد” الحمساوية بعد أزمتهم الكبرى، أن يعيدوا تقييم موقفهم ويضعوا أسسا واضحا لأي تعاون مع “خاطفي القطاع” وأحد طرفي “مؤامرة ديمومة الانقسام”، كونهم الوجه الآخر لمن يقبل بمشروع أوباما التآمري الجديد..
ورغم المنع القهري لقوات الأمن الحمساوية لحركة الاعتصام، لا يجب أن تستكين الحركة الرافضة لمخطط الفصل الوظيفي – السياسي، بل أصبحت أكثر أهمية بعد “فضيحة حماس الأمنية” لمنع الاعتصام الجماهيري ومشاركتها العملية لتمرير “المؤامرة”..
آن أوان كسر لعبة الخطف المتبادل في جناحي ما تبقى من الوطن الفلسطيني، ومن أجل قطع دابر المؤامرة الكبرى يجب كسر الانقسام و”أدواته التنفيذية وقاطرته” اولا، فكسر الانقسام وهزيمته هو الطلقة الأولى لهزيمة “أم الكبائر السياسية” المتجسدة في المشروع الأميركي الجديد!
ملاحظة: قرأت تصريحا لشخص اسمه البراك سعودي الجنسية، يقولون عنه أنه داعية اسلامي، شن هجوما لا سابق له ضد مانديلا ووصفه بأبشع الكلمات..هجوم هذا الشخص باسم الاسلام ضد رمزية مانديلا ومكانته تسيئ للمسلمين لا غير!
تنويه خاص: شكرا لسفارة فلسطين ولكل من ساهم في حل مشكلة ابناء فلسطين من لاجيئ سوريا في مصر..