كتب حسن عصفور/ شهدت الساعات الأخيرة فلسطينيا كلاما “فريدا”، بعدما اختار رئيس حكومة “التحالف الفاشي اليهودي” نتنياهو، نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري “هدفا” لحملته بالتلاصق الاتهامي لدولة الفرس، واعتبارهما المسؤول عن العمليات العسكرية في الضفة والقدس، رغم انه يدرك جيدا وجهازه الأمني، أن القوة المركزية في مجمل الفعل المقاوم للعدو الاحتلالي، شعبيا وعسكريا هي حركة فتح وغيرها مساعد.
ليس مفاجئا سبب تجاهل نتنياهو لجوهر الحقيقة السياسية، وتركيزه على شخص العاروري، لسبب لا يتعلق أبدا بما أعلنه بعد عملية الخليل، بل هدفه الحقيقي “التدخل الجراحي” في ترتيبات المشهد الفلسطيني ما بعد عباس، والتي بدأت عمليا من خلال مؤشرات مختلفة داخل فتح وحولها، لخدمة المشروع الرئيسي للتقاسم الوظيفي، بما يضمن تنفيذ جوهر التهويد، خاصة بعدما ضمن وزير المالية وزير الجيش المناوب سموتريتش عدم الاعتراض على قراره بمصادرة ما نسبته 60% من الضفة الغربية المعروفة باسم المنطقة “ج”، لتصبح قاعدة مضافة للبناء الاستيطاني.
وتجاوزا لتهديد رئيس الحكومة “الفاشية اليهودية”، فالأمر الذي لفت الانتباه، ما بعد ذلك من تصريحات لفصائل فلسطينية، وتفاعل إعلامي يكشف قضية جوهرية، لمدى الانفصالية السياسية لتلك الأطراف عن الواقع الوطني، وبأن علاقتها بالقضية الوطنية باتت مسألة تجارية كاملة.
بداية اعتبر العاروري، الشخص المعني بالتهديد، أن أي مساس به سيفتح حربا إقليمية شاملة، وبسرعة برقية خرجت غالبية فصائل قطاع غزة (المرتبطة بمحور الفرس مصالحيا) ببيانات تهديد ووعيد، فيما فتح قادة حمساويون مزادا نوعيا، بأن أي مساس بالعاروري سيجر على دولة الكيان رد فعل تدميرية، وسترى ما لم تراه ابدا في تاريخها، وربما سقط سهوا من تلك اللغة أنها ستكون “نهاية الوجود الكياني”، أو ترك الأمر كون “مرشدهم الخاص” حسن نصرالله أعلنها بأنه سيعيد إسرائيل الى “العصر الحجري” (هيك كلام بأكد ان إسرائيل وجدت لتبقى مش لتزول).
ربما يعتقد البعض، ان تلك ردود فعل تحذيرية مسبقة، علها تمثل رادعا للعدو بأن لا يذهب لارتكاب حماقة اغتيال شخصية كما العاروري، ومكانته في حماس، وتلك مسألة تحتمل النقاش لو أنها جاءت في سياق التحذير المنطقي، والممكن أيضا، وليس بأنها ستفتح حربا إقليمية، ورد “يزلزل” اركان دولة الكيان وسترى ما لم تراه أبدا.
جوهر اللغة تكشف عن عمق الجهل السياسي، فكيف يمكن لفصيل أو فصائل، ان تعتبر اغتيال شخصية، أي كان موقعها يمثل أكثر أهمية من القضية الوطنية برمتها، وأن يكون تطاول العدو على قيادي لفصيل يفتح حربا تدميرية شاملة، فيما الاحتلال والاستيطان والتهويد وجرائم حرب ترتكب يوميا ضد أهل فلسطين، لا تفتح سوى أبواق الفصائل للكلام المباح وغير الوطني.
بيانات “اللغو الفصائلية”، اكدت ما أعلنه رئيس حركة حماس السابق والمرتقب لاحقا خالد مشعل، أن المعركة الفصائلية فما بنها، لم تكن على جوهر القضية بل على مناصب وتقاسم الامتيازات وحصة كل منها المفترض أن تكون، في سياق الحكم والموالاة.
أن يصبح اغتيال قيادي سببا لحرب إقليمية ورد شامل تدميري، فيما كل جرائم العدو ضد الأرض والانسان لا تستحق سوى “اللطم” اليومي، تؤكد بشكل مطلق أنها ليست فصائل فلسطينية سوى بمسمى خادع، وذلك ليس تجنيا ابدا، بل وصفا لواقع هي بذاتها من أعلنه صوتا وصورة ونصا، بأن الأصل شخصياتها وليس القضية الوطنية.
لعل تهديد نتنياهو، من حيث لا يريد، قدم خدمة لشعب فلسطين لإزالة كل أنواع “الطلاء السياسي الرخيص” عن فصائل تعتقد أنها تمكنت من خداع الناس..ربما لكنها تجاهلت “أنه بالإمكان خداع بعض الناس كل الوقت..وخداع كل الناس بعض الوقت.. ولكن لا يمكن خداع كل الناس كل الوقت”، كما قالها لينكولن.
استغلال ظلامية المشهد، وآثار الوكسة السياسية الكبرى منذ اغتيال الخالد ياسر عرفات في 11 نوفمبر 2004، وزرع مشهد لا يشبه أهل فلسطين، لن يصبح قدرا سياسيا أي كان زمنه..فدوما للتاريح حسابات بيدر غير حسابات حقل المتكاذبين.
ملاحظة: سرعة رد فعل أهل ليبيا على لقاء “المنكوشة وطنيا” نجلاء مع كوهين وزير خارجية حكومة “الفاشية اليهودية”، كسر فرحة دولة العدو سريعا..تخيلوا لو كل أهل بلاد بتعمل اللي عملوه أهل ليبيا ما صار اللي صار..بس منيح خطوة يمكن تحفز الساهيين.
تنويه خاص: الفصائل مشغولة كتير بقصة “لجنة السياحة السياسية” اللي حكوا عنها في “لقاء قم..استرح بالعلمين”..طيب اذا بعد كل هالمدة مش عارفين في لجنة أم ما في..ونازلين تهددوا شمال يمين..وزلزل يا مزلزل مع “فصائل العرة”.