كتب حسن عصفور / شهدت الآونة الأخيرة انتشارا واسعا لجملة “تهديدات” فلسطينية متنوعة، وعلى أكثر من جبهة، فهناك من يهدد بأن دولة الاحتلال الاسرائيلي ستدفع ” ثمنا باهضا” لو أنها فكرت بالقيام بالعدوان على قطاع غزة، حملة بدأتها مؤخرا حركة “حماس” بحثا عن “عدو” تستعرض عيه “عضلات كتائبها” العسكرية، استعراض هدفه المباشر ترهيب أهل القطاع بعد انتشار حالة “تمرد” على قمع وكبت للحريات تمارسه حماس منذ انقلابها الأسود، وزادت وتيرته بعد أن نجحت مصر باسقاط حكم “المرشد الاخواني”، حملة لا صلة لها باسرائيل، والتي لا تفكر بالقيام بحرب على حماس وسيطرتها او خطفها للقطاع، فهي لن تهدم معبد التخريب الهام للقضية الفلسطينية، او تكسر “البيضة الانقسامية” التي تبيض لها ما هو أثمن كثيرا من الماس السياسي، فلا أنفع لدولة الاحتلال من بقاء حماس بحالتها وواقعها، سياسة وممارسة بكفها العام عن “فعل المقاومة” بعد أن اعتبرته “عملا عدائيا” ضد “الدولة الجارة”..
لذا لا خوف على حماس من دولة الاحتلال ابدا، ما لم تقم بعض الفصائل “المتمردة” بكسر معادلة “التعايش السلمي” في حال صدقت القول بتلك “التهديدات” التي تنطلق مع تصاعد العمل العدائي الاستعماري ضد سوريا، خاصة الاستعداد لقيام حرب عسكرية عليها، تصريحات الفصائل التي تم الاعلان عنها سواء من تلك المقيمة في دمشق وترتبط تحالفيا ومصيريا بالنظام السوري، أو بعضها المتواجد في “بقايا الوطن” الفلسطيني، فلو صدقت تلك “التهديدات” وأوجعت دولة الاحتلال بقصف صاروخي متطور كما حدث في الحرب الأخيرة، لكان لها أن تقلب الطاولة على رأس أطراف اتفاق وقف الأعمال العدائية”، فعندها لن تقف الحكومة الفاشية موقفا متفجرا، خاصة لو تزامنت تلك مع حرب يقودها حزب الله بما يملكه من مخزون عسكري استراتيجي..
تلك التهديدات التي يتمنى أهل فلسطين التاريخية من رأس الناقورة الى جنوب رفح ومن النهر الى البحر أن تصدق ولو بنسبة 50 % أو 25% مما تحمله كلمات التهديد، فعندها ستظهر معادلة قتالية مفروضة على طرفي “التعايش السلمي”، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.. تلك التهديدات التي يتمنى كل فلسطيني ان لا تكون كلاما ليل تأتي عليه الحرب العدوانية لينتهي، خاصة وأن التجارب السابقة وفي حالات مماثلة لم تكن تتطابق باي شيء مع ما أطلقته تلك الفصائل.. الا أن الأماني تبقى ممكنة، بل ومطلوبة جدا، لعل المعادلة تأخذ منحنى يكسر حالة “الكآبة السياسية” المسيطرة على المشهد الفلسطيني جراء الانقسام- الانقلاب والتفاوض المخزي جدا!
والجبهة العبثية المسماة “مفاوضات” لم تخل أيضا من حركة “التهديدات” خاصة وأن كل ما يأتي منها لا يسر ولا يطمأن اي فلسطيني مهما كان موقفه، فهي مفاوضات تفرض بها دولة الاحتلال منطقها وعناوينها، وكل ما قاله الفريق التفاوضي، أو من يستمع منهم، أن اسرائيل لا تناقش سوى الملف الأمني، وترفض حضور المبعوث الأميركي، لذا يهددون بالشكوى الى الراعي العام، لكن أحدث صرخات التهديدات ما جاء على لسان الرئيس محمود عباس بانه سيتراجع عن “قبول مبدأ تبادل الأراضي” لو أن اسرائيل لم توافق على الاتفاقات السابقة، بما فيها “تفاهماته” مع اولمرت..ورغم أنه تهديد غامض ولا يوضح ما هو المقصود بالتراجع عن هذا المبدأ، الا أنه دخل في اطار التهديدات التي تنتشر في الساحة الفلسطينية..
لكن أقل الجبهات التي لا تطالها حركة “التهديد الوطني” هي جبهة الأقصى والاستيطان، فهي تقتصر على وصفها بأنها عمل عدواني خطير، حالة من رسم ملامح ما تتعرض له تلك الجبهة من العمل الاحتلالي، دون أن تشهد حالة من التهديد الذي يمكن اعتباره “تهديدا ايجابيا”..
ومع ذلك لو تجمعت تلك التهديدات وتحول بعضها الى شكل من أشكال الفعل الايجابي فإن المشهد الفلسطيني سينطلق من حالة السكون الى الحركة ما قد يفرض معادلة جديدة على شقى الرحى.. التفاوض الهزلي والانقسام الخطير..
تمنيات هل يمكنها أن تتحول الى واقع..ذلك ما نأمل ويكون للكلام بعد غيبة قول حق!
ملاحظة: لا زال حلف الحرب على سوريا يلهث من اجل توفير اي غطاء..فلا زال حتى الساعة فاقد الشرعيتين الرسمية والشعبية عالميا!
تنويه خاص: اعلام حماس بكل اشكاله هو أكثر جهات التحريض عليها في مصر.. فمن يملك مثل هذه الوسائل لا يحتاج لغيره لاشاعة الكراهية لها!