كتب حسن عصفور / من يتابع المشهد المصري، الشعبي أولا والاعلامي ثانيا والرسمي ثالثا من العدوان الأميركي المرتقب ضد سوريا، سيدرك دون عناء لماذا كل هذا “الحنق والغضب الأميركي” على فقدان ركيزتهم الاخوانية وسقوط حكم محمد مرسي، غالبية ساحقة من هم يعيشون فوق أرض المحروسة يقفون بالضد المطلق من أي ضربة عسكرية لسوريا، بعضهم لا يقفز عن الاستبداد الأمني السوري، لكن الغالبية المطلقة تدرك المعنى الحقيقي للعدوانية الأميركية بأنها تهدف لتقسيم سوريا، وبعضهم يرى أنها تأتي لتعويض الخسارة الكبرى في مصر..
موقف غالبية الأحزاب السياسية، والأزهر والكنيسة المصرية توحد وراء موقف معارض ومحذر لاي عدوان على سوريا، حالة سياسية لم ترها مصر منذ رحيل الزعيم الرمز جمال عبد الناصر، وبعد أن احال السادات أوراق اللعبة الى أمريكا بنسبة 99%، وانتشت الإدارة الأميركية بفرح انتقامي من رحلة العداء لواشنطن بفوز الجماعة الإخوانية، التي فتحت لسفيرة أمريكا باترسون، قبل رحيلها بزفة شعبية مصرية خاصة، كل الأبواب لتفعل ما تريد..وحدث الذي لم تحسب له الفئة الضالة والمعادية لشعوب الأمة، انتفضت مصر بثورة خالدة لتنهي والى الأبد تلك الفترة السوداء من تاريخ مصر، وعادت مصر لروحها الكفاحية المعادية بوضوح وبلا اي التباس الى رأس الأفعى الاستعماري المعروفة باسم امريكا..
العداء لأمريكا..الركن الأول في “ثلاثية مصر” الجديدة، ركن سيكون له دور محوري في نهضة مصر الحقيقية، لم تحسب حسابا لكل صرخات البيت الأبيض ورسله ومندوبيه، لم تعر اهتماما لزعيق الوالي الأميركي في بلاد العثمانيين، تمضي الى الأمام مدركة ان معركتها تفوق كثيرا “نباح الصغار”، فكان توحد المشهد المصري ضد أمريكا مظهرا ينبئ ان الثورة المصرية اقوى من التهديد أو الاحتواء ايضا..
وارتباطا بكراهية أمريكا، برزت معها كراهية للجماعة الإخوانية كما لم تكن منذ سنوات عديدة، بل كراهية لم تكن ببال احد، محب للجماعة أو كاره لها، ولا تقف الكراهية لتلك الجماعة عند مظهر سياسي، بل تحولت الى بعد اجتماعي واقتصادي وأمني، وقد يكون مؤشر سقوط قيادات الجماعة الاخوانية واحدا تلو الآخر بتلك السرعة والسهولة ليس فقط بسبب القدرة الأمنية المخابراتية فحسب، بل هي نتاج تعاون غير مسبوق من أهل المحروسة لمطاردة تلك “الفئة” التي اعتقدت أنها خطفت مصر وأرادت أن تتمكن بها لتقيم حكما لا فكاك منه بظلاميتها التي بدأت في البروز سريعا، كان لمصر أن تقع اسيرة حكم فاشي وضلالي لا مثيل له، ونظام يشكل ركيزة رئيسية لاتمام المشروع الاستعماري الجديد بتقسيم وتفتيت المنطقة الى “دويلات” و”امارات” وبلدات” تماثل بلدة قطر ومشيخة قطاع غزة، ولن تسلم مصر من ذاك المشروع..
كراهية الجماعة الإخوانية اصبح ركنا من أركان مصر الحاضرة بقوة لتحمي روحها وهويتها ودورها ومكانتها، كراهية لم تنجح بها كل أشكال المطاردة السابقة لتلك الجماعة أن تزرعها في مصر، لكن تجربة عام واحد وقبلها عام بجوار الحكم كشف كل المستور منها وعنها، تعرت كليا بطمعها وجشعها وغطرستها وانتهازيتها السياسية وتجاهلها مصلحة الوطن مقابل مصلحة الجماعة، فأنتجت كراهية عجز عنها كل من واجه الجماعة، كراهية واقتلاع شعبي لم يكن يخطر ببال مؤسسهم الأول ومن قدم له “ثروة مالية” ليفعل ما فعل باسم الدين..
ومقابل بروز تلك الكراهية للثنائي الأميركي الإخواني ومن يقف معهما، اردوغانيا أو تميميا أو حمساويا، كانت ظاهرة الحب الجارف لشخص الفريق اول عبد الفتاح السيسي، ظاهرة حب فرضت تفسها على كل مظاهر الحياة المصرية، فنا وسياسية، تبدأ بأن صوره وبوستراته هي الأكثر مبيعا بفارق مذهل عما يليه.. وأغنية بسيطة جدا “تسلم الأيادي ..تسلم يا جيش بلادي” باتت حاضرة بقوة غير طبيعية، كمظهر حب وتقدير للرجل اللي قال ان مصر “أم الدنيا وستبقى أد – قد – الدنيا”، وصلت لأن تكون الأغنية الأولى في أعراس شباب مصر، مقابل تحريمها في أعراس الجماعة..حب السيسي لم يكن بقرار أو مرسوم، ولا يقف عند فئة أو شريحة، بات حبا جارفا لكل من هو مصري غير حاقد، يتحدثون عنها بصراحه كونه إمتدادا للزعيم جمال عبد الناصر.. بات زعيما وبطلا شعبيا دون أن يكون الرجل الأول في الحكم، لكنه وبلا منازع الرجل الأول في الحب المذهل..
تلك هي “ثلاثية مصر” التي أنتجتها الثورة المصرية بعد ان حاولت فئة من لصوص السياسية سرقتها.. حاولوا خطف الثورات التي انطلقت وهو ينتظرون على قارعة الطريق ليروا أي محطة ستكون.. وعند الادراك أنها ثورة وحراك له مستقبل حقيقي قفزت تلك الفئة لتسرق مقود قيادة القطار الثوري باسماء مستعارة..لكن اللص سقط سريعا في قبضة الثالوث المصري، الشعب والجيش والشرطة ايد واحدة، المدرك لقيمة مصر وطنا وحضارة..سقط اللص سريعا ومعه سقطت كل محركات البحث التي حاولت استخدامه..حب السيسي نتاج شعبي لكراهية أمريكا وكراهية الإخوان.. هي مصر المحروسة من ينتج “ثلاثيات العصر”.. من ثلاثية محفوظ الى “ثلاثية الشعب”!
ومن فضائح البلدة القزم المسماة قطر، انها أوقفت سندات بقيمة 2 مليار دولار كانت وعدت بها لدعم الخزينة..في حين قدمت الامارات بذات اليوم دعما ماليا لاقامة مشاريع يقارب 3 مليار دولار اضافة لمبالغ نقدية.. روح العروبة لا تأت الا من أهلها!
ملاحظة: تخيلوا أن كبير الحكواتية المفاوضين يقول أن اسرائيل غير مهتمة بالسلام.. وفي اليوم التالي يحمل حقيبته التي تخلو من القضايا ليجلس قبالة حكواتية اسرائيلية..كيف!
تنويه خاص: لا زلنا لم نعلم بعد ما هو تقييم حماس غزة أو خارجها للنظام المصري الجديد..هل هو شقيق أم صديق أم هو “نظام مرتد”، يحتاج اقامة “حد الحرابة عليه”!