كتب حسن عصفور / على مدى عدة أيام ركزت صحيفة عربية مهاجرة تصدر من لندن ، على ملاحقة الشرعية الفلسطينية بأخبار ذات صبغة محددة ، بدأت بعدم لقاء العقيد معمر القذافي بالرئيس الفلسطيني عباس ، وغضب ليبي منه لعدم ‘ تجاوبه’ مع طروحات بجلب حماس ضمن وفد الشرعية إلى القمة العربية ، وألحقتها الصحيفة باليوم التالي بخبر عن تدهور العلاقة مع تونس أيضا ووضعت لها سياقا مركبا بين الرئيس وأرشيف الرئيس الخالد ياسر عرفات ، رغم عدم وضوح ربط هذه بتلك ، ثم اختتمت الصحيفة أخبارها بتقرير عن تأجيل سوريا لزيارة الرئيس عباس التي كانت مقررة ليوم (الاثنين) المنصرم ..
من حيث الشكل ، كان بعض ما بالأخبار صحيحا ، فمثلا القذافي لم يلتق بعباس خلال زيارته إلى ليبيا ، رغم أنها زيارة رسمية وبطلب من العقيد ذاته ، ووفقا لمصادر مرافقة للرئيس في الزيارة فقد تم تحديد ساعة اللقاء ، لكن تطور قضية ‘ السفارة السويسرية ‘ ألغى اللقاء ، حيث ترك العقيد العاصمة وذهب إلى قلب الصحراء كي ينأى بنفسه عن أي حرج سياسي أثر هذه الفعلة .. سبب ربما لا مكان لمثله في عالمنا ، لكنه مع ‘ ملك ملوك أفريقيا ممكن وممكن جدا ‘ ، ولكن الرئاسة الفلسطينية لم تعلن ذلك ، ربما احتراما للعلاقات الأخوية وأن السبب يبدو غريبا وغريبا جدا لعدم اللقاء ، ولكن الحذر أدى إلى قيام أحد مرافقي الرئيس بتسريب الخبر إلى مراسل تلك الصحيفة في الأردن ، فنشرت الخبر ولكن بصياغة لا صلة لها بما حدث ..
وتبعته في اليوم التالي بالخبر عن تونس ثم سوريا لتضعها في سياق ‘ رفض عربي ‘ للرئيس عباس وسياسته ، مقابل إبراز المسألة وكأن العرب ينتصرون لحركة حماس في إصرارها على ‘ رفض التوقيع على وثيقة المصالحة ‘ وهو فعل محسوب ودوافعه أكثر من واضحة ، وربما الرد التونسي أبرز عدم ‘ مصداقية’ التقرير المنشور . وسوريا أجلت نعم ، وهي التي سبق أن طلبت الرئيس عباس لزيارتها ، وقبل وصول الوفد الأمريكي الأمني الأخير إليها ، ولكن عباس لم يستجب ردا على تأجيل سوري سابق لزيارة كان متفقا عليها ، إثر أحداث تقرير غولدستون والأزمة الشهيرة التي رافقته ، وكأن سوريا قامت برد فعل على رد الفعل ‘ العباسي ‘ بينما تشير مصادر سياسية أوروبية أن دمشق أجلت الزيارة إثر زيارة أحمدي نجاد إلى دمشق ولترضية حماس على حساب عباس ‘ مؤقتا ‘ إلى حين ظهور ‘علامات فارقة’ جديدة في العلاقات والثمن السياسي المطلوب دفعه من واشنطن وإسرائيل بخصوص التفاوض مع سوريا وتحسين العلاقات التجارية وتزويد سوريا بقطع غيار لطائراتها ..
المشكلة ليس فيما ينشر في وسائل الإعلام في ظل ‘ معارك’ بحسابات خاصة حول النيل من الشرعية الفلسطينية ومواصلة البحث عن ضرب مؤسسة السلطة الوطنية الفلسطينية وما باتت تمثله راهنا ، ولكن المعضلة هو ذلك ‘ الهزال الإعلامي’ في التعامل مع مايحاك من تلاعب واضح ضد الفلسطيني وطنا وقضية ، سلطة وشرعية ، وتترك كثير من القضايا إلى حين أن تصبح قضية نقاش وجدل وتتفاعل بطريقة لا يستطيع السكوت عليها ، ليتذكر أحدهم أنه لا بد من التوضيح والرد ولكن بعد أن يصبح الكلام وكأنه في ‘ الوقت الضائع ‘ ..
هل تعيد هذه الأخبار إدراك المؤسسة الرسمية الفلسطينية أن الاستهتار أو التجاهل لمثل هذه التقارير خطأ سياسيا ، وأن وجود ‘ الطاقم الإعلامي’ وبه كفاءات جيدة ذات خبرة ومعرفة يساعد كثيرا في تطويق الإشاعات الضارة والرامية لهدم ما يمكن هدمه من صورة الشرعية الفلسطينية لحسابات لم تعد خافية على أحد ..
ملاحظة : نتنياهو يمارس لعبة ‘ الذكاء الغبي ‘ فيوم أمس أوقف مشروع بركات لتدمير منازل فلسطينيين بالقدس الشرقية ( مؤقتا) لكنه أعلن أن غور الأردن سيبقى لهم .. كي لا تتهرب صواريخ من الأردن .. كلام سخيف مزدوج .. مش هيك..
تنويه خاص : حماس شكرت داخليتها أمس ، على شو ماحدى عارف .. طيب ليش أقلتوا مسؤولها .. لكنه ‘ظرف حماس’ ..
التاريخ : 3/3/2010
