كتب حسن عصفور/ لم يعد الكثير من “الغموض السياسي” لما تريده أمريكا ودولة الفاشية اليهودية من حربهم على غزة، باعتبارها المقدمة الرئيسية لفرض مشهد إقليمي جديد، يعيد الاعتبار لـ “هيمنة أمريكية” أصابها اهتزاز كبير، بعد الحضور الصيني الكبير والروسي النسبي في المنطقة التي كانت تعتبرها واشنطن حديقتها الخضراء.
الهدف، وبعيدا عن رتوش البعض الفلسطيني فاقد الوطنية، والبعض العربي عاجز القدرة، هو خلق نظام انفصالي في قطاع غزة تحت السيادة الإسرائيلية، وبناء جدار واقي استيطاني داخل القطاع على المناطق المحاذية للسياج الفاصل سابقا، من مدن خاصة، في تغيير جوهري لمسار الفكر الصهيوني السياسي، وابتداع فكرة توراتية خاصة حول الوجود التاريخي لليهود في قطاع غزة.
الى جانب ما أعلنته واشنطن وتل أبيب، من رسم نظام خاص في قطاع غزة يصبح أداة تنفيذية للمشروع الصهيوني الجديد، بعدما اكتشف البعض المتطرف “صلة توراتية” بين أرض القطاع واليهود، ليكمل مثلث التهويد في الضفة والقدس.
والمسألة التي تسير بضجيج دون وضوح، ما بات يعرف بعملية “التهجير الطوعي” التي برزت بالتوازي مع فكرة “بناء المدن الاستيطانية” داخل قطاع غزة، عبر اتفاقات مع دول أوروبية وأمريكا اللاتينية وربما الولايات المتحدة، وسيكون عامل إعادة الإعمار الوسيلة الأبرز لفرض ذلك، من خلال تأخير العمل والإبطاء الى حد كبير، ليصبح الخيار أمام غالبية المهجرين داخليا طريق البقاء لسنوات ضمن العيش في “خيم” تماثل خيم النكبة الأولى عام 1948، مع فقدان العمل وسبل الحياة، وفرص الوظيفة العامة، وغياب الوظيفة العامة، أو هجرة ذاتية تترافق مع جملة مع “التعويضات البديلة”.
ولكن، وبعد مرور 41 يوم على الحرب الاقتلاعية للمشروع الوطني، وزرع بديله التهويدي بأدواته الخاصة، كانت الظاهرة الأبرز ليس غياب تنفيذية منظمة التحرير وسقوطها الكبير عن أداء صفتها التمثيلية للشعب الفلسطيني، ولا سلطة فاقدة الهوية والانتماء، وبالتأكيد ليس الرئيس الذي لم يعد بذي صلة في مسار الحرب العدوانية الشاملة، لكنها تلك الفصائل التي كانت تتسابق فيما بينها، صراخا كلاميا حول كل شي، وأنها لن تسمح ولن تقبل ولن تقف وتحذر من تجاوز العدو لـ “الخط الأحمر”، الذي لم يعرف يوما من قبلها بعد 11 نوفمبر 2004.
أن تغيب “الرسمية الفلسطينية” بكل مكوناتها، فتلك مسألة غير مفاجئة أبدا، بل هي تواصل مهمتها بنجاح كبير، بقطع صلتها بالحقيقة الوطنية، لكن أن تفقد القوى السياسية الفلسطينية بكل مسمياتها، أي أثر أو تأثير أو موقف أو مبادرة ما، أو حضور ما فتلك هي الطامة الأكبر.
أن تقف مختلف المسميات تراقب الحرب العدوانية، وتحسب عدد الشهداء وجرائم الحرب وتدمير المنازل، فيما تتصدى أجنحة عسكرية للمعركة بدون غطاء سياسي سوى بعض أصوات تعمل على استغلال الحرب لخدمة “مستقبلها”، الذي لم يعد لها “ضمانة” دون فشل العدوانية، مع أن تلك مهمة باتت شبه مستحيلة، رغم كل البطولات التي تقدمها صمودا ومواجهة وتأخيرا في مخطط العدو، توقيتا وأهدافا وسهولة.
غياب الفصائلية في تشكيل الغطاء السياسي الواقي للمواجهة الفريدة في قطاع غزة، فتلك مساهمة موضوعية لخدمة العدو، بعيدا عن “الذرائعية” التي تتفن بها فصائل فقدت كثيرا من مسببات تكوينها، ووجودها.
كان لتلك المسمميات الفصائلية ان تكسر جبنها الخاص وسكونها الطويل، بالذهاب نحو مسلسل من مبادرات عمل تكشف وحدة ميدانية من وحي المعركة في قطاع غزة قبل الضفة والقدس والخارج..كان لها أن تشكل سياجا حاميا للواقع التشريدي في داخل قطاع غزة، وتشكيل هيئات تعمل على مراقبة المساعدات الإنسانية، التي يتم صرفها بطريقة غير واضحة وعليها الكثير من اللغط والتساؤل عبر “حزبية مقيتة”، كان لها أن تشكل في الضفة لجان عمل لمواجهة عدو وإسناد فعل…كان لها ان تقف لحظة لتكسر رهبتها من حاكم متسلط، وتعلن أن الصمت ولى زمنه.
سقوط غريب، وبالتحديد لحركة فتح، التي شكلت لسنوات طويلة العامود الفقري للمشروع الوطني، لا حضور لها في قطاع غزة، وكأن قياداتها أصيبت بشلل عقلي، ولا مكانة ريادية لقيادة الفعل في الضفة والقدس، وفي خارج الوطن تقف منتظرة ما سيكون من مركزها.
سؤال اليوم التالي للحرب، لن يكون مرتبطا بترتيب الهدف الأمريكي الصهيوني التوراتي في قطاع غزة، وعلاقته “اللاحقة” ببقايا كيانية في الضفة فحسب، بل سيكون متصلا أولا بمستقبل تلك المسميات الفصائلية، بعدما أكدت أنها ارقام زائدة في الحرب التدميرية لشعب فلسطين مشروعا وكيانا لزمن، ولن يكون لها مكانة في المشهد الوطني الجديد.
بروز قوى سياسية وسقوط أخرى، يرتبط دوما بأحداث تاريخية كبرى…وفلسطين لن تكون خارجة عن ذلك المسار ولا استثناء رغم كل ما بها من “استثناءات فريدة”.
ملاحظة: الحكي انه الحاكم الأعلى لبلاد الفرس قال لهنية.. حل عني لا داخلين حرب ولا يحزنون..مصاري دفعنا أسلحة قدمنا تكنولوجيا صنعت صواريخ وعملت انفاق ودينا..أما نضيع كل حصتنا مع الأمريكان عشانكم شوف لك شوفه غيرها يا شطور.
تنويه خاص: مجلس الأمن، وافق على قرار هدنة إنسانية مش واضحة..وطالب بإطلاق سراح “الرهائن” اللي في غزة بوضوح كامل…ومع هيك دولة الفاشية اليهودية قالت أنتوا وقراركم كالعدم سواء..بلطوا البحر..أمريكا فوق القانون ..طبعا لآنه أمريكا هي حامي حمي مشروع اليهود.