كتب حسن عصفور/ بعد مرور 38 يوما على الحرب العدوانية ضد المشروع الوطني من فلسطين الجنوبية، بدأت دولة العدو ترسيم مسارها وفقا لما تراه يخدم الأهداف العامة التي حددتها منذ يوم 7 أكتوبر، ليس تدميرا وخرابا سيكون ثمنه السياسي يفوق كثيرا قيمته الاقتصادية، بل لترتيب نظام فلسطيني جديد، يمنحها السيطرة الطويلة على عرقلة الاستقلالية الوطنية الكيانية.
بعيدا عن سذاجة البعض الذي يربط اهداف العدو من الحرب على غزة باعتقال هذا او ذاك، فالرئيسي الذي أرادته موضوعيا بدأ يظهر بعد 38 يوما، من خلال إعادة احتلال قطاع غزة، وما يليه من مشهد سيكون حلقة مركزية فيما سيكون للواقع السياسي القادم.
ولخدمة مسار أهدافها، تعمل على حرف مجرى النقاش المركزي من وقف الحرب العدوانية الى “أنسنة المطالب”، بدأت من خلال الحرب التدميرية التي هدفت أساسا لخلق “نكبة جديدة”، لا علاقة لغالبية أهدافها بالنظام القائم في قطاع غزة، لا سياسيا ولا أمنيا، بل ربما غالبية المتضررين كانوا “خصوما” لسلوك الجهاز الحكومي لسياستها الافقارية والانفصالية لأهل القطاع، لكن الهدف الرئيسي من التدمير الشامل، هو تدفيع ثمن الفلسطينية بذتها.
ولعل النقاش الذي نتج عن تصريح أحد أركان الفاشية اليهودية ورئيس سابق لجهاز الشاباك الأمني آفي ديختر، حول حديثه عن “نكبة غزة 2023″، كشف جوهر تلك الحرب وهدفها ، بعيدا عما صاحب الحديث من “ضجيج إعلامي” ارتباطا بما كان بالنكبة الكبرى عام 1948.
الرسالة الرئيسية من تصريح ديختر، بقصد أو بسهو وسط السباق الإعلاني للأفراد، يشير بوضوح أن الهدف المركزي لحرب 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة، ليس خلاصا من حماس، لا حكما ولا حركة ولا بناء عسكريا، بل الذهاب لصناعة نكبة فلسطينية جديدة، تعيد “تيه سياسي” لزمن قادم، وبما يسمح للدولة الفاشية ان تقيم مشروعها التهويدي في الضفة والقدس، وفرضها كواقع جديد، يكون أساس المرحلة السياسية الجديدة، ونقطة بناء “علاقات” عربية وفقا لتلك الخريطة الجديدة.
أقوال ديختر، هي الحقيقة الأبرز والتي يجب أن تكون سلاحا إعلاميا في مواجهة “مكذبة القرن” التي يقودها نتنياهو فيما يريده من الحرب على قطاع غزة، فكل ما حدث طوال الـ 38 يوما، هو التدمير العام والتخريب لما يمكن أن يكون قاعدة لحياة، وأي إعادة لبعض مما كان سيستغرق سنوات طويلة، بحثا عن سكن، وعمل ولقمة خبز.
وكي يخدم هدفه المركزي، وضع المستشفيات وحركة النزوح عناوين خاصة كونها ترتبط بالبعد الإنساني، ما يضع الإعلام تحت ضغط تلك المتطلبات أولوية قصوى تستبق الرئيسية منها وهو مواجهة الحرب والعدوان، وهو يدرك جيدا بأن تلك وسيلة رغم ثمنها الذي بدأ يبرز عالميا بضغط شعبي، لكن حكومة العدو لا تقيم وزنا للحركات الخارجية التي لا تكلفها خسائر مباشرة.
ولعل التدقيق في غالبية الحراك العام، فهو بدأ يتركز خلال الأيام الأخيرة على قضية المشافي كعنوان رئيسي في الحرب العدوانية، بل تقزمت من حمايتها العامة وفقا للقانون الدولي الإنساني الذي يستخدم ليل نهار دون أن يترك أثرا في غياب قوة فارضة، وتحت حماية قوى استعمارية شاملة، إلى مسألة الوقود للمشافي كي لا تتوقف هي العنوان الأبرز، برغم قيمتها وأهميتها، لكنه صنعها صناعة للتحكم في مسار الحراك الإعلامي وفقا لأهدافه العامة.
يحاول البعض العربي، ان يضع “الجزء” بديلا لـ “الكل” تغطية لعجز أو لغيره فتلك مسألة لا يمكنها أن تكون “حرصا” أو براءة سياسية”، خاصة عندما يصبح الصراخ والمناشدات سلاحا لقوى وأطراف بيدها كل شي لوقف الحرب بل وكسر دولة الفاشية اليهودية.
بالتأكيد، يجب أن يكون كل ما يتعلق بالبعد الإنساني بل والمظلومية الفلسطينية حاضرا بقوة في الحركة الإعلامية المضادة لإعلام العدو والحكومة الفاشية، ولكنه يجب أن يستمر كركن من أركان الحرب الشاملة على قطاع غزة وبالتالي المشروع الوطني، وليس استبدالا لغاية في نفس عاجز أو متآمر.
ملاحظة: بدأت حالة الارتعاش تضرب بعضا من أحد الأسلحة الهامة التي استخدمتها دولة العدو لتمرير مكذبتها وجرائمها…قرار حكومتهم المصغرة ضد الإعلام الأجنبي مؤشر ارتباكي مهم..خطوة تمنح الفلسطيني قوة بأن فعله وما يدفعه ثمنا لن يكون هدرا أبدا..
تنويه خاص: وزير اتصالات فرقة المقاطعة برام الله، بشرنا ان لا اتصالات ولا نت بعد يوم الخميس لأهل قطاع غزة…طيب يا روح جدتك صار لك شهر بتحكي عملنا وسوينا وبدأ وحلينا واتصلنا..جاي اليوم تقول آسفين ما تاخذونا كذبنا عليكم..والصراحة هي لا عملنا ولا بدنا نعمل..هيك بده المعلمين الصغار والكبار..ويا خيبتنا الكبرى فيكم!