حطام السلام وضياع الفرص

أحدث المقالات

وثيقة أمنية تفضح مخطط إسرائيل حول قطاع غزة قبل “هجوم” حماس

أمد/ كتب حسن عصفور/ في 31 أكتوبر 2023، نشرت وكالة...

إسرائيل لم تحقق أهدافها في غزة..مقولة تخدم الحرب العدوانية!

أمد/ كتب حسن عصفور/ بشكل غريب، باتت عبارة استخدمها أحدهم...

كارثة أهل غزة الإنسانية قبل السياسية..وبعبة الفصائل

أمد/ كتب حسن عصفور/ ربما هي المرة الأولى في تاريخ...

“7” أيام تفصل فرنسا عن “الكارثة الكبرى”

أمد/ كتب حسن عصفور/ يبدو أن فرنسا التي تميزت أوروبيا...

مؤلفاتي

spot_img

تنوية خاص

فرانشيسكا ألبانيز

تنويه خاص: أدوات دولة الفاشية اليهودية عاملين "حرب شاملة"...

استطلاع إيلون ماسك عن فلسطين

ملاحظة: أحد أهم الشخصيات العالمية وأثراها (مش بس مصاري)...

علم فلسطين يكون “مصفط” على ذراع موظفي في مطار هيثرو

تنويه خاص: شي بيسر القلب لما تلاقي إن علم...

رئيس “الفضايح المتحدة”

ملاحظة: في غياب أي ردع عربي أو فلسطيني يصر...

فلسطين عندهم مش بالقلب لكنها في مكان تاني..

تنويه خاص: لما تقرأ عن غضب أجانب ضد شركات...

 بقلم: حسـن عصفور

 في 13 ايلول 1993 اعتقد الجميع أن الطريق إلى الحل التاريخي قد سجل بداية حقيقية بالتوقيع الذي تم في البيت الأبيض على وثيقة إعلان المبادئ التي تم إنجازها بشكل سري بين وفدين فلسطيني وإسرائيلي في أوسلو العاصمة النرويجية. لا شك أن ذلك اليوم قد شكل حدثاً تاريخياً مهما اختلفنا على مضمون ما تم عمله داخل هذه الوثيقة. إن جوهر إعلان المبادئ هو كيفية الوصول إلى \”صناعة السلام\” بين خصمين تاريخيين يتصارعان ليس فقط على الجغرافيا الحدودية وإنما يكمن في طيات ذلك الصراع بعد أيديولوجي وديني…

لذلك كان وضع حجر الأساس لعملية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية حدثاً تاريخياً. وبعد تلك السنوات؛ أي إحدى عشرة سنة، وبدلاً من استكمال \”البناء من أجل السلام\” أصبح ما لدينا \”حطام للسلام\”… إن المسؤولية التاريخية على هذا الحطام تقع بالدرجة الأولى ـ الأساسية على كاهل حكومة إسرائيل وبشكل أساسي مع الانقلاب السياسي الرسمي الإسرائيلي العام 1996 (أيار) عندما صعد بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزراء في إسرائيل فبدأ بخلق كل السبل السياسية الكفيلة بكبح مسار السلام… إن حكومة الليكود الأولى بعد إعلان المبادئ وبدء التنفيذ لها هي التي لعبت الدور المركزي في الردة السياسية عن عملية السلام، وهي التي نجحت في عدم السير قدماً بتنفيذ المراحل التالية من الاتفاق الانتقالي خاصة لجهة إعادة الانتشار في الضفة الغربية واستكمال البداية التفاوضية حول موضوعات الحل الدائم والتي بدأت بشكل افتتاحي قبل سقوط حكومة حزب العمل. ولم تكتف حكومة \”الحقد السياسي\” الليكودية، بأنها قد عرقلت انطلاقة المسار السياسي بل قد وضعت حجر الأساس للمواجهة العسكرية الفلسطينية الإسرائيلية مجدداً في ايلول 1996 عندما أصر نتنياهو على القيام بحفر نفق تحت المسجد الأقصى واندلاع المواجهة العسكرية والتي عرفت باسم \”هبة الأقصى\” حيث سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبناء شعبنا وعشرات القتلى وسط الجيش الإسرائيلي… ومع أن هذه المواجهة العسكرية قد أدت إلى تدخل أميركي مباشر حملنا في النهاية إلى صياغة جديدة لبروتوكول الخليل، إلا أن ذلك قد وضع بنية المواجهة في سياق العلاقة بين الطرفين، وساهمت في اتساع دائرة فقدان الثقة والتسلط السياسي؛ وهي العناصر التفجيرية لأي اتفاق أو تفاهم… فالصراع الذي نعيش لا يمكن أن يقوم على حلول تستند فقط إلى اتفاقيات موقعة ومبادئ يمكن التوصل إلى صيغة في كيفية علاجها… ولكن العنصر الأساسي لنجاح واستمرار تلك الاتفاقيات أو التفاهمات هو مدى قدرة الطرفين على إرساء مبدأ \”الثقة المتبادلة\” في التعامل نحو السير قدماً فيما نملك من اتفاقات… ومنذ أن نفذنا ذلك فقدنا عملياً إمكانية الوصول إلى الهدف الذي بحثنا عنه العام 1993 هو سلام تاريخي لصراع تاريخي… ويمكن الاستدلال على هذه المسألة من مسار كل ما تبع العلاقة الثنائية بعد ذلك مروراً بحكومة براك ثم الحكومة الأكثر تطرفاً ـ حكومة شارون…

ولكن هل يمكن لنا الاكتفاء بهذا القول لتفسير ما وصلت له عملية السلام؟ إن إدراك جوهر الفشل الذريع في المسيرة السياسية وتراجعها الكبير، وربما لسنوات طويلة قادمة يحدد ضرورة معرفة مسببات ذلك؟ وهل أن توقيع اتفاق إعلان المبادئ العام 1993 وما تلاها من اتفاقات تنفيذية لاحقة قد جاء في الزمن الخطأ؟ أعتقد أن توقيت الاتفاق 1993 كان الزمن الأنسب للطرفين، بل ربما كان الأكثر ملاءمة لكليهما، مما دفع بإسرائيل أن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني وتوقع معها اتفاقاً تحدد فيه للمرة الأولى منذ قيام دولة إسرائيل العام 1948 بأن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية هي أرض فلسطينية، مقابل أن اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل كدولة لها حق في الوجود داخل حدود ما قبل الرابع من حزيران. أي أن الطرفين اعترفا ببعضهما البعض وتبادلا عملياً الاعتراف النظري بالحدود…

ولا شك أن الظروف السياسية ما قبل العام 1993 قد ساهمت جوهرياً بحسم التوقيت لمصلحة الاتفاق… ولعل أبرز عناوين تلك المرحلة: – الانتفاضة الوطنية الكبرى للشعب الفلسطيني منذ العام 1987 ـ 1993 وانعكاس ذلك على إسرائيل بكل طاقة الانتفاضة السياسية والاقتصادية. – حرب الخليج الثانية والتي جاءت في ظل غزو العراق للكويت مما تبعه من تغير استراتيجي في المفهوم الأميركي للمنطقة. – الوضع السياسي الدولي الرافض للاحتلال أحال دولة إسرائيل إلى دولة منبوذة شعبياً ورسمياً (في ضوء الانتفاضة).

– البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية العام 1988 والذي شكل انطلاقة سياسية هامة وجريئة ومحددة. – إنهاك المفهوم الأيديولوجي للطرفين وصعود مفهوم \”الحل السياسي عند كليهما\” (م.ت.ف العام 1988 وإسرائيل العام 1992 بعد فوز حزب العمل وتقدمه ببرنامج يقوم على أساس المساومة الترابية مع الفلسطينيين). – بروز قوى \”للواقعية\” السياسية في المنطقة العربية مترافقاً مع اهتمام أميركي بضرورة الوصول إلى تسوية لقضية الصراع القائم في المنطقة خاصة وأن الإدارة الأميركية إعتقدت أن الظرف السياسي سيخدم الحل الذي بلورت أسسه وثيقة أشرف على إعدادها السيد دنيس روس العام 1988 \”البناء من أجل السلام\”… إن مجمل هذه العناصر شكلت عوامل رئيسية دفعت القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية إلى التوصل لاتفاقية إعلان المبادئ العام 1993…

إلا أن نجاح نقطة الانطلاق في العملية السياسية في ذلك الوقت لم يؤدِ إلى النتيجة التي أرادها الطرفان في حينه.. فإسرائيل كانت تبحث عن صيغة جديدة لذاتها في \”الشرق الأوسط\” على ضوء التغيير الذي حدث، في الوقت الذي كانت منظمة التحرير تبحث فيه عن \”البقاء السياسي\” في ظل ذات التغير السياسي… ومع ذلك ورغم حاجة الطرفين لذلك، إلا أن الرغبة الحقيقية والمسؤولية السياسية الضرورية لنجاح المسار السياسي لم تكن لتتوفر بالقدر الضروري للوصول إلى نقطة النهاية.. خاصة أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يجب أن تفعله لحماية المسيرة وتطورها… ولا شك أن الحالة الراهنة التي نعيشها الآن لم تأتِ من فراغ…

ولم يكن الوصول إليها مصادفة بل جاءت نتيجة طبيعية لمسلكية الأطراف المشاركة؛ وإن اختلفت درجة المسؤولية من هذا الطرف لذاك… وسأحاول هنا أن أحدد مسؤولية الأطراف كما أراها وفقاً لتقديري السياسي وتجربتي الشخصية كمشارك مباشر في المسار التفاوضي، فإسرائيل هي الطرف الرئيسي الذي يتحمل المسؤولية المباشرة فيما وصلنا إليه، حيث أنها قد حاولت منذ بداية الانطلاقة التفاوضية التنفيذية (مفاوضات 13 أكتوبر 1993 والتي بدأت في طابا حول غزة وأريحا) عرقلة الاندفاعة السياسية وعملت على حرف إعلان المبادئ بأن تجعل البعد الأمني هو العنصر المركزي في التفاوض، في حين أن عملية الأرض (بما يعني الانسحاب وإعادة الانتشار) هي العنصر الجوهري. وقد نجحت إسرائيل في ذلك، خاصة وأنها استطاعت أن تقنع القيادة السياسية بأن تؤجل التفاوض حول \”مستقبل الضفة الغربية\” وبالتالي فصلت الضفة الغربية (عدا أريحا) عن مسار التفاوض مما أعطى إسرائيل فرصة استخدام المساومة والأداء عناصر مقررة للاتفاقية اللاحقة…

وللأسف فإنها نجحت بذلك نجاحاً هاماً خاصة في الاتفاقية الانتقالية العام 1995. إن إسرائيل لم تكن تتصرف خلال المفاوضات اللاحقة باعتبارها الطرف الذي يريد أن ينهي عقلية \”دولة الاحتلال\” و التخلي عن تلك الممارسات التي تميز المحتل عن الدولة، فلم تنتهِ المفاوضات معها بعد، فهي أصرت على التصرف مع الشعب الفلسطيني من ناحية السلوك اليومي، باعتبارها قوة احتلالية قائمة في مختلف جوانب الحياة، كما أنها عطلت بشكل مباشر إطلاق سراح المعتقلين والأسرى؛ بما لها من أثر كبير على مفهوم الشعب الفلسطيني للسلام، وكذلك استخدمت الحواجز القائمة كحواجز أمام استمرار العملية السياسية، إلى جانب تسريعها لوتيرة النشاط الإستيطاني بعقلية عدوانية…

و قد جاء اغتيال رابين العام 1995 ليمثل بداية للتراجع السياسي الكبير في اسرائيل عن العملية السياسية الجادة… إن اغتيال إسحق رابين قد جسد مفهوم اليمين المتطرف الإسرائيلي (وللمفارقة هو الحاكم الآن في إسرائيل) في اغتيال المسيرة السياسية، والتي أكملها جهاز الأمن الإسرائيلي عندما أقدم على اغتيال المهندس يحيى عياش (يناير 1996) والذي جاء ليغطي عجزه بتوفير الحماية لرئيس وزراء إسرائيل، فاكتملت الحلقة بإقدام حركتي حماس والجهاد الإسلامي على شن سلسلة من العمليات التفجيرية داخل إسرئيل أسفرت عن مقتل العشرات من الإسرائيليين ومهدت مع جريمة شمعون بيريس وارتكاب جيشه لمجزرة قانا إلى الإعلان الرسمي \”لاغتيال\” عملية السلام بانتخاب نتنياهو والليكود للتحكم في إسرائيل … ولا نحتاج إلى شرح معنى العقبة الليكودية لمسيرة السلام، لأنها أعلنت أنها ضد اتفاقية أوسلو قبل الحكم، وهي بالتأكيد لن تقوم بعمل شيء جديد للتنفيذ وهي تمسك بالحكم …

ومن حيث الجوهر لم يحدث تغير ملموس على الموقف الإسرائيلي لإنجاح المسيرة السياسية، رغم نجاح براك والعمل العام 1999 في الانتخابات… بل إن العملية السياسية دخلت متاهات متباينة في عهد براك، علماً بأننا قد شرعنا في مفاوضات الحل الدائم في عهده وعقدت محادثات كامب ديفيد ومن ثم وثيقة كلينتون ومفاوضات طابا… ولكن وثيقة كلينتون ومفاوضات طابا جاءت في الزمن اللافاعل (الميت)… عشية انتخابات شارون بعد انتخابات جورج بوش (أي مفارقة يمكن أن تأتي بالرجلين في ذات اللحظة غير مفارقة موات العملية السياسية!!!) …

ومع كل ما تتحمله إسرائيل من مسؤولية رئيسية فيما وصلت إليه اللحظة الراهنة من تحطيم لعملية السلام، فإن ذلك لا يعفي الطرف الفلسطيني من دوره، حيث أن مسايرة الطرف الفلسطيني لإسرائيل في بعض محطات الحالة التفاوضية والاستخفاف ببعض مناحي الحالة السياسية في الموضوع التفاوضي، سواء بعدم إدراك خطورة سياسة \”التتابع التفاوضي\” بدلاً من سياسة \”التلاصق\” قد ساهمت في أن استغلت إسرائيل التتابع لجعل السلطة الفلسطينية دائماً تحت بند الاختبار، وبالتالي سمح لها بالتلاعب في تنفيذ الالتزامات، خاصة وأن السلطة الفلسطينية مع بداية تشكلها في أيار 1994 لم تكن لتدرك معنى انها السلطة الواحدة ذات الالتزامات المحددة (سياسياً وأمنياً) فتصرفت أنها سلطة للشعب الذي سيتفهم الالتزامات بالبعد الأخلاقي أو القبلي (العشائري)… فهي لم تركز بشكل جدي على معنى السلطة الواحدة في ظل التعددية السياسية، مما أتاح للقوى التى رفضت اتفاق أوسلو أن تعارضها بالسلاح إلى جانب السياسة… لذا فالسلطة الفلسطينية تتحمل موضوعياً المسؤولية كذلك، لأنها لو تصرفت بعيداً عن منطق القبلية السياسية، وأدركت أن الالتزامات كل موحد وليست عملاً انتقائياً وأن بناء سلطة فعلية يتطلب من الأسس والمعايير الكفيلة بحمايتها وتطورها بعيداً عن \”التراضي\” و \”التغاضي\”…

كما أنها لم تبذل الجهد الكافي لبناء مؤسسة فلسطينة تبدأ من حيث انتهى الآخرون، وليس العكس سواء على صعيد الوظيفة العامة أو هيكلية المؤسسة أو مفهوم وعمل الأجهزة الأمنية وتكامل أدائها وطبيعة تكوينها وقدرتها الميدانية ـ السياسية، وإرساء مفهوم الشراكة السياسية أو التعددية السياسية. فاستمر منطق ما قبل أوسلو يحكم ما بعد أوسلو وكأن شيئاً لم يكن، سوى انتقال جغرافي للقيادة من مكان لآخر بعيدا عن المكان السياسي أو الزمان السياسي… إن غياب إدراك قيمة التحول الاستراتيجي الذي حدث للشعب الفلسطينى هو الذي قادنا الى ما نحن عليه الآن … وأن حجم الأخطاء التى تصل في بعضها الى خطايا ربما لم يعد ممكناً إصلاحها بالأدوات القائمة… إن هذا القول قد يجده البعض قاسياً أو متساهلاً كل حسب موقعه من القيادة الفلسطينية، وبعيداً عن (العاطفة السياسية) التى تتحكم في كثير من الأحيان في عملية التقييم خاصةً عند الشعب الفلسطينى سواء من حيث الارتباط التاريخي بالقيادة أو البقاء الاحتلالي وجرائمه المتواصله وعدم قدرة أو رغبة البعض في رؤية الصورة من مختلف جوانبها فيلقي بالمسؤولية كاملة على الطرف الإسرائيلي معتقداً بأن هذا السلوك السياسي يجلب الراحة \”للعقل والبال\” متناسياً أن هذا السلوك ليس سوى تكريس للمأساة، فالمطلوب هو البحث الدؤوب لإيجاد حل للكارثه؛ التى حلت بالشعب، وبالتالي كيفية العمل على إعادة صياغة أدوات الفعل السياسي للاستمرار نحو صياغة الرؤية للمرحلة القادمة، وليس الاختباء خلف جرائم إسرائيل. إن فقدان الرؤية السياسية وإعادة صياغتها على ضوء تقييم سياسي جريء هو أبرز ما يميز الموقف الفلسطينى، خاصة بعد أحداث 11 أيلول 2001 والتي كانت فرصة سياسية لم يحسن التقاطها لصياغة متطلبات الموقف الفلسطيني في ظل المتغير الكبير الذي حدث، رغم أن بداية الحدث قد سجلت إشارة فلسطينية أطلقها الرئيس عرفات من خلال عملية التبرع بالدم، وشموع المدارس، ومواجهة مظاهرة غزة المؤيدة لابن لادن … ولكن القيادة توقفت عن بث تلك الإشارات خاصة بعد تحية بوش للرئيس عرفات، واعتقدت القيادة بأن ما هو مطلوب منها قد تم وهو الرضا الكلامي من الإدارة الأميركية لأفعال لم تكن ذات قيمة جوهرية إلا من حيث الشكل الآني، وبدلاً من صياغة موقف سياسي يستند الى تلك الإشارات، أخذ الموقف السياسي بالهروب من تلك الإشارات، ولم نمسك في اللحظة المناسبة بالموقف المناسب، مما سجل خطأً سياسياً كبيراً في الزمن المتحول وهذا الخطأ أوجد المعادلة الأميركية الإسرائيلية الراهنة. ومع ذلك فإن القيادة السياسية الفلسطينية التى تهربت من صياغة رؤية جديدة، تدرك معنى الالتزام بالمسار السياسي لمكافحة الإرهاب، فإنها وافقت على \”خارطة الطريق\” التي تعبر عن أسوأ نموذج لوثيقة سياسية بل الأكثر إذلالاً من غيرها من الوثائق التي قبلت فلسطينياً… فالازدواجية السياسية هذه تعكس طريقة التفكير الذي لن يؤدي بنا إلى مواجهة الإرهاب السياسي الأميركي ـ الإسرائيلي والقائم فعلياً على مصادرة مبدأ \”الاستقلال الوطنى الفلسطينى\” بكل عناصره السياسية والاقتصادية والأمنية…

إن حالة الفقر السياسي الفلسطيني، والعجز العام للمواجهة السياسية الشاملة، واستخدام بعض القوى للعمليات التفجيرية بشكل لم يسبق له مثيل بعد 11/9 كان هو بداية عبور شارون نحو مجمل أفعاله العدوانية وجرائمه المدنية والسياسية… وليس العجز الفلسطينى بمعزل عن حالة العجز العربي العام بشكليه الشعبي والرسمي الأمر الذي دعا أميركا وإسرائيل إلى ارتكاب ما يرتكبانه في المنطقة دون رادع أو رقيب، بل يحملان حالة التدهور إلى الفلسطينيين والعرب ومع ذلك فإننا لا نريد أن نرى سوى ما نريد أن نكون لا مبالين أو منتظرين قدراً قد يأتي بجديد. 

عضو المجلس التشريعي

 

 

 12 أيلول 2004

spot_img

مقالات ذات صلة