كتب حسن عصفور/ تمر الأيام ولا يوجد من يحترم ما يسمى “القانون الأساسي”، المفترض انه بمثابة دستور مؤقت للشعب الفلسطيني، فقبل اشهر عدة استقال د.رامي الحمدالله من موقعه كرئيس لحكومة تم “ترتيبها على عجل” لسد “فراغ سلام فياض” الذي اطيح به انتقاما لدور سياسي اعتقدت حركة فتح أنه قد يكون هو “الخطر” عليها أكثر من خطر حركة “حماس” وطبعا قبل خطر المحتل أيضا، الاستقالة مر عليها ما يقرب من 90 يوما وتحول خلالها رئيسها الى مسير لأعمال الحكومة، ثم وبعد حرج سياسي تحول بأمر رئاسي الى مكلف لتشكيل الحكومة..
ولأن القانون الأساسي لم يعد له وجود الا عند محاولة اقتناص موقف للهجوم على خصم سياسي، فالمسألة دخلت في عالم من “الشطارة والفهلوة” لتمرير ما يجب تمريره من مواقف سياسية، لا تتفق والموقف الوطني العام، بل تتعارض معها، فيما تعزز من حالة “اليأس والتئييس السياسي” الذي تحاول أطرافا بعينها أن يكون هو المشهد السائد للشعب الفلسطيني، ولعل المتابعة لمسار “الحكومة الحمداللية” سيجد أنها لم تشغل بالها كثيرا بمخططات التوسع الاستيطاني المتسارعة جدا، تترافق مع حملة تهويد صريحة يومية للقدس ومقدساتها، وتحول الأقصى الى حلبة هجوم لدعاة التطرف اليهودي حتى أن وزراء من حكومة نتنياهو باتوا يقودون تلك الاستباحة شبه اليومية،وكشفت صحيفة “معاريف” الاسرائيلية ان آلاف من المتطرفين اليهود يقيمون بشكل سري “صلاوتهم” في باحة الحرم، الى جانب ما بات يتهدده من خطر هدم وتحقيق الحلم الصهيوني بهدم الأقصى لبناء وهم الهيكل على أنقاضه.. خطر دفع ثمنه الزعيم الخالد ياسر عرفات.. الا أن “الحكومة المسيرة بقرار من مكتب مجاور لها، لا ترى ولا تسمع وبالتأكيد لا تتكلم..
الحكومة التي لم نعد نعرف صفتها القانونية ومن هي الجهة صاحبة الصلاحية بها، توقفت عن الاهتمام بتعزيز حركة الفعل الشعبي ونواته التي انطلقت في عهد فياضن بحده الأدنى، ولم نعد نرى وجود لمحاولة اقامة بلدات افتراضية بدأت ببلدة “باب الشمس” في القدس وأصبحت رسميا ضمن واقع التخطيط المحلي الفلسطيني رغم تدميرها من قبل قوات الاحتلال، بلدات تتالت وخلقت حالة من رد فعل كفاحي اعتقدنا أنها البداية للمقاومة الشعبية التي وعدتنا بها الفصائل وحركة فتح، وطبعا الرئيس محمود عباس الذي لا ينسى الحديث عنها كلما اراد أن يؤكد أنه ضد العمل العسكري لمواجهة المحتل، فيلجأ للكلام عن المقاومة الشعبية ويسأل من يحادثهم، الى أين وصلت تلك المقاومة، ما يكشف حقيقة م هي “جدية” الموقف..!
حكومة لم تدرك بعد أن المقاومة الشعبية بأدنى درجاتها أيضا فعل مطلوب، وعليها أن تكون حاضرة بها، فإن لم تقم بتطوير البدايات ايام “العهد الفياضي البائد” فأقله الا تزيله وكأنه “وباء”، ولكن كيف لحكومة لا أحد يعرف صفتها ومسؤوليتها ودورها أن تكون عنصرا حاضرا في المشهد السياسي القائم في “بقايا الوطن”، بل أن رئيسها المكلف لم يقم باي خطوة افتراضية يمكن أن تشير الى انه ماض بجدية لتغيير الحال القائم الذي لا يمكن أن تجد له وصفا سياسيا أو قانونيا، فمنذ تكليفه من قبل الرئيس عباس للمرة الثانية، لم نلمس خطوة واحدة تؤكد أنه فعلا يبحث عن تشكيل حكومة جديدة أو تجديد الحكومة القائمة، لم يقم بأي خطوة، حتى لو كانت شكلية يمكن أن تعطي مؤشرا ان هناك من لا يزال يحترم مظهرا شكليا فيما يعرف بالتشاور من أجل تشكيل حكومة حتى لو كانت حكومة بلا اي حضور أو قرار..
الشكل السياسي ليس من اجل الفصائل التي لم تعد جزءا من الفعل الا عبر بعض بيانات أو تصريحات لمسؤوليها ليقال أنهم لا زالوا حاضرين، بل من أجل المظهر الخاص للحالة الفلسطينية التي تعيش مظهر تيه سياسي نادر وعجيب..وتمضي القيادة بكل تلاوينها وأركانها وكأن الأحوال على مايرام.. لا يبالون بأن الكارثة السياسية تحيط بالقضية والأرض والمقدسات.. والمصيبة ان الأداة التنفيذية المفترض أنها جاءت كخطوة “اصلاح فتحاوية” وتصحيح مسار ذهبت في حالة لا صلة لها باي من تلك العبارات ودخلت مرحلة سبات من نوع خاص، حتى جانب احترام ما يجب احترامه من المظهر القانوني لكيفية تشكيل الحكومة لم تعد تهتم به وكأنها مطمئنة جدا لأن لا أحد يجرؤ على محادثتها أو النيل منها.. وتحولت الى حكومة لتعداد ما يصل الى “بيت مال الحكومة” من تبرعات وهبات مالية، ولكنها بعد كل ذلك تخرج علينا برسالة تقول أن الأزمة المالية تتفاقم ولا أمل بحلها.. رسالة تختصر التهديد الذي بات سلاحا ضد الشعب الفلسطيني ، الراتب تحت التهديد..
لا نطلب من هذه الحكومة أن تبادر بالرد على الاحتلال فهي لا تملك أي من عناصر الرد المطلوب ولكن نريد من الشخص المكلف بالتشكيل او اعادة الترسيم أن يحترم بعضا من تقاليد الشعب الفلسطيني السياسية ويعلن عن خطواته التشاورية او يعلن أنه قرر البقاء على حكومته كما هي مع تعديل لبعض صلاحيات من “نكد عليه سلطته الخاصة”.. بعضا من احترام الناس ليس عيبا أو نقيصة!
ملاحظة: تطالعنا أخبار قطاع غزة عن ان مصر تعتقل صيادين فلسطينين..السؤال هل تدخل القوات البحرية المصرية الى المياة الغزاوية أم هناك من يرسلهم فقط لخلق “أزمة” ليندد بعدها بالاعتقال.. بلاش الاعيب طفولية!
تنويه خاص: بشار الاسد سيمنح “وساما خاصا” للمدعو سليم ادريس، لما يصدره من تصريحات جاهلة وغبية وساذجة.. تخيلوا معتوه يقول ان موقف روسيا بسبب رشوة مالية تلقاها بوتين من ابن خال الاسد..اكيد يتسحق جائزة نوبل للهبل الفطري!