كتب حسن عصفور/ بعد أن تم “ضمان” تأييد العالم الخارجي تقريبا، لاتفاق التصالح في القاهرة يوم 12 أكتوبر 2017، حتى أن دولة الكيان لم ترفع صوتها كثيرا وبدأت في حالة “همهمة سياسية”، كونها تعلم يقينا، وبما يفوق أطراف التصالح أنفسهم، الحقيقة التي منها يتم الدفع بهذا الاتفاق الى الأمام، لعودة “أمن السلطة” للسيطرة على قطاع غزة، كما ترغب بعض الأطراف، ولفرض عباس رئيسا بالاكراه على جناحي “بقايا الوطن” الى حين إكمال ما هو مطلوب من تمرير مشروع الصفقة الذي بدأت أركانه تتضح وضوحا لا لبس فيه..
لذا لأول مرة نرى أن اتفاق تصالح فلسطيني تكون “قوة الدفع الخارجي” له أكثر كثيرا من “قوة الدفع الداخلي”، وهذا ما يحدث الالتباس الشعبي – الوطني حيال ذلك، ويفتح “باب جهنم” على كل شكوك ممكنة أنه لن يكون اتفاقا صالحا لعهد سياسي وطني جديد..
ولكن، ورغم “تلك الشياطين الكامنة” في عقول أطراف الاتفاق، فهناك “فرصة تاريخية وحقيقية” لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بما يعيد الاعتبار للقضية الوطنية وللشعب الفلسطيني، بل ويمنح بريقا سياسيا خاصا للمؤسسة الفلسطينية، إن كانت المسالة تحديث النظام وفقا لما يخدم الوطنية شعبا وقضية، بعد تجرية الانهيار والتخاذل خلال السنوات الماضية، التي كانت أهم عناصر دعم المشروع التهويدي في الضفة والقدس وحصار قطاع غزة..
الى حين أن تلتقي الفصائل الفلسطينية في 21 نوفمبر (تشرين ثان) 2017 في القاهرة لوضع ملامح بقايا اتفاق التصالح، وفتح باب المستقبل السياسي، يجب الإدراك مبكرا، وبعد أن يكون عباس وفصيله قد حسموا أمرهم ببعض “العودة” الى قطاع غزة كسلطة ومؤسسة، أن قوة “الجذب الايجابي” للإتفاق تكمن في عناصر داخلية تمثل الرافعة الرئيسية للمستقبل:
*الحكومة: ضرورة الإصرار على تشكيل حكومة وطنية سياسية وليس حكومة موظفين، كما هو قائم الآن مع حكومة الحمدالله، وكا يقال في لبنان دوما، لا بد من “حكومة أقطاب”، كي تمثل حاضنة شرعية سياسية لتنفيذ الاتفاق أولا، ولفتح باب تأهيل بناء نظام سياسي جديد بمعنى تحديث القائم وفقا للتجرية المريرة..
تلك قضية مفتاحية العبث بها يؤسس لفشل مسبق، او تنفيذ هش يصبح عرضة للإنهيار مع أي التباس أو “تشابك” عرضي..الحكومة هي الأداة الأبرز فلتكن أداة صلبة وليست هشة كما هي اليوم وكأنها فرقة مدرسية..
*المجلس التشريعي: لا مجال مطلقا لأي نجاح حقيقي للعمل التنفيذي دون رقابة جادة ومسوؤلة ومحاسبة فعلية، وهذا يتطلب “إجباريا” إعادة تفعيل المجلس التشريعي بكامل هيئته، ولأن فتح باتت أقلية عددية فيمكن الاتفاق على طبيعة وآليات العمل وتحديدها بالاتفاق، دون تعارض مع القانون الأساسي، أي يتم “تقييد” اي مسالة تثير شكوك ومخاوف فريق الرئيس محمود عباس وفصيله..
ولضمان العمل بعيدا عن “البعد الحزبي” للمجلس التشريعي مستغلا “الأغلبية العددية” لحماس، يمكن الاتفاق على اختيار هيئة مكتب ورئاسة جديدة، يكون رئيس المجلس شخصية مستقلة متوافق عليها، وشخصيا أرشح د.سلام فياض كرئيس للمجلس بشكل مؤقت الى حين الاتفاق على الانتخابات القادمة، والتي لا تزال غير واضحة معالمها وطبيعتها، ومعه نائبين من فصيلي الأغلبية وأمين سر مهني قدر الإمكان..
*قوات الأمن: هذه المؤسسة الأكثر حساسية في المؤسسة الفلسطينية، ومنها أو عبرها يكون وجه تطبيق الاتفاق، ولانها تحمل مسؤولية خاصة، يجب اعادة النظر في مجمل عملها، رسالة وأداة، وتركيب، وقيادة له، والى حين رسم رؤية شاملة لمؤسسة أمنية وطنية بكل ما للتعبير من مضمون سياسي ومهني، تخلو كليا من أي عمل حزبي، ويمنع منعا باتا الانتماء لأي فصيل طوال الخدمة الأمنية، يجب التفكير بحل مرحلي لتلك المؤسسة، يبدأ بوقف كل أشكال التدخل الحزبي في المؤسسة الأمنية، ويحرم من الآن على أي قيادة أمنية المشاركة في أي نشاط تنظيمي وسياسي، ويتم اعادة تشكيل قيادة تلك الأجهزة، ويمكن تجديدها كليا، بحيث يتم انهاء عمل كل القيادات التي عاشت مرحلة الانقسام، وفتح الباب لاختيار قيادات تخلو من “التلوث المباشر” في تلك الحالة..
المسالة تحتاج تفكير بعيدا عن “عقلية اللصوصية السياسية”، بمعني من يربح أكثر بخدعة أكبر.بل وجب البحث في تكبير حصة الوطن على حساب حصة الفصيل..
من هنا نبدأ برسالة تغيير ايجابي..هل ذلك ممكن..نعم..هل هناك “رغبة حزبية”..تلك هي المسألة!
ملاحظة: مفارقة تستحق التدقيق السياسي، ان تخرج غزة فرحة بالاتفاق فيما شقيقتها في الهم الضفة كانت خارج نطاق التغطية..التعبير مظهر ليس عفوي!
تنويه خاص: اليونسكو اختارت فرنسية يهودية أمينة عامة لها..والدها كان رافضا للاحتلال ..وتواصل كثيرا مع الخالد أبو عمار..اليونسكو ربحت بها ولكن هل تربح هي تاريخا مضافا بالانحياز الى الحق العام..ننتظر وبأمل!