كتب حسن عصفور/ يبدو أن قطاع غزة وتحت السيطرة الأمنية القهرية لحركة حماس، سيرى ما لم يراه الآخرون من فنون “المواجهة الخاصة” لكل من يعتقد أن “الكلام المختلف حق”، أو أن “المعارضة لم تعد منحة من حاكم أو مستبد، وما نسب الى السيد فتحي حماد، مسؤول الأمن الخاص التابع لحماس في غزة، لقواته بأن تتصدى بكل قوة وبلا رأفة لأي من يفكر بالخروج يوم 11 نوفمبر القادم، وهو اليوم الذي أعلنته حركة “تمرد – غزة” يوما انطلاقيا لما أسمته اسقاط “حكم حماس”، وهو ذات اليوم الذي يشكل يوما رمزيا خاصا للشعب الفلسطيني بكل قواه الحية – عدا فئة الجماعة الاخوانية وتنظيمها في فلسطين حماس -، هو يوم استشهاد الرمز الخالد ياسر عرفات..
تصريحات فتحي حماد، تشكل مرحلة من مراحل الخوف والهلع الذي بات مسيطرا على قيادة حماس، من حدوث هبة شعبية واسعة تزلزل أركان سيطرتها، مخاوف لم تعد قادرة أن تتحكم في عدم اظهارها، منذ اسقاط حكم المرشد الاخواني في مصر، ولم تكن حركة التظاهر والاستعراضات العسكرية لقواتها في القطاع الا شكلا من اشكال التعبير الخفي عن الهلع الذي بدأ يسيطر على تفكير قيادة حماس..
فتحي حماد يمنح قواته أمرا مباشرا ومبكرا بأن تطلق النار على الرأس فورا، وليس الأرجل أو الأطراف أو في الهواء لترهيب “المتمردين”، اطلاق الرصاص على الرأس ليس سوى رسالة جبن أمني لا أكثر، ولا صلة لها اطلاقا بأي نوع من “الشجاعة الوهمية” التي يحاول بعض قادة حماس أن يظهروها وهم يتحدون بشكل كوميدي قوات الاحتلال الاسرائيلي، كيف يمكن لمسؤول أي كان صفته أن يجرؤ على قول ما قاله حماد لعسكره، ربما يعتقد البعض أن تلك ليست سوى أقوال يراد منها ارسال رسالة ترهيب مبكرة لكل من يفكر بالخروج في يوم 11 نوفمبر القادم، حتى لو كان من أجل احياء ذكرى اغتيال الرمز الخالد للشعب الفلسطيني ياسر عرفات، هو يعتقد ان الارهاب المبكر والتهديد بقتل وليس بجرح كل “متظاهر” قد تكون رسالة ناجعة في قطع الطريق على خروج مئات آلاف من أبناء القطاع لاحياء ذكرى زعيمهم، الذي اغتالته يد غدر صهيونية دون أن تحاسب أو تلاحق “لغاية في نفس يعقوب”..
قد يراها البعض أنها ليست سوى رسالة كلام للحد من قوة التظاهر أو اتساعه، في ضوء الغضب الشعبي المخزون ضد السيطرة الأمنية والقهر المستدام منذ سنوات، الى جانب سياسة حماس الانقسامية فلسطينيا والاستفزازية مصريا، حركة تتعامل وكأن غزة باتت ملكا خاصا للجماعة المنبوذة، لا تقيم حسابا لمتطلبات أهل القطاع السياسية والانسانية، فلا هم لها سوى مصلحتها وجماعتها، لا تفكر الا بحساب خسائرها المالية دون أن تتوقف عند الكارثة السياسية في سلوكها العام وتحالفاتها الاقليمية التي لم تعد تتوافق واهداف الشعب الفلسطيني..
تصريحات فتحي حماد هي نموذج حي وصادق لطريقة تفكير الجماعة الاخوانية لو امتلكت السلطة الأمنية، فعندها لا مكان لمختلف أو لرأي آخر، هي وحدها تحدد المعارضة والموالاة، ولا حل للخلاف أو الاختلاف الا بالرصاص طريقا للسيطرة والهمينة وادامة الاستبداد، وتعتقد أن تلك هي الطريقة الأمثل كي لا تسقط في قطاع غزة سقوطا هو قادم مع أي أمل ديمقراطي، ولولا تلك المفاوضات المعيبة والتي منحتها فرصة حياة مضافة لكانت المواجهة بينها وغالبية الشعب الفلسطيني في قمتها..
رسالة القتل المبكر التي أرسلتها حماس عبر مسؤولها الأمني قد تشكل ارهابا لقطاع من الناس، وقد تؤثر على حركة “التمرد” او “التظاهر” ولكنها بالتأكيد لن تكون رسالة إدامة لحكم مستبد مهما حاولت قيادة الحركة المتاجرة باسم القدس والأقصى، ولعل أقوال فتحي حماد جاءت لتكشف كمية “الخداع” الذي حظي به خطاب اسماعيل هنية الأخير..
قد ينفي بعض قادة حماس لاحقا تلك التصريحات، التي مر عليها ايام عدة، ولكن الاختبار الحقيقي سيكون في كيفية التعامل مع يوم 11 نوفمبر القادم، ولو أن حماس صادقة في ما عرضه اسماعيل هنية فعليها من اليوم أن تعلن حق أهل قطاع غزة بالتظاهر واحياء ذكرى استشهاد الرمز الخالد ابو عمار، وأن قواتها الأمنية لن تتدخل مطلقا في منع أي مظهر سياسي أو شعبي يعبر عن معارضة سياسية لحكم حماس فذلك حق مكفول من أجل تقديم “نموذج مختلف” لا صلة له بالاستبداد العام..
هل تجرؤ حماس على اعلان ذلك أم أنها تفكر بشعار حماد الجديد: “على أين تطلق الرصاص” وليس “على من تطلق الرصاص” – مع الاعتذار للكاتب الكبير احسان عبد القدوس صاحب الرواية بذات الاسم – ..فحماد هنا لم يعد يبحث عن “عدوه” فقد حدده مسبقا بأنه كل متظاهر يوم 11 نوفمبر – تشرين الثاني القادم..
رسالة الدم الحمادية لو حدثت ستكون بداية النهاية ليس لحكم قهري، بل لحركة دخلت بشكل طارئ للعمل العام، وقد تخرج منه كما دخلت أيضا..ذلك ما يجب على قيادة حماس التفكير به قبل اطلاق عنان رصاصها على من يعارض حكمها المستبد!
ملاحظة: قيادة فتح تدعي أن الفصائل الفلسطينية رحبت وترحب بجهود الرئيس عباس التفاوضية والسياسية..بصراحة مشتاقين نعرف مين هاي التنظيمات..فكلها تقريبا رفضت تلك السياسة..بل وتطالبه كل ساعة انسحب فورا من تلك المهزلة!
تنويه خاص: خبير اسرائيلي يقول أن “التنسيق الأمني” بين السلطة واسرائيل هو في قمة ازدهاره..نأمل الا يتسرع شي ناطق فتحاوي ويعتبره هالحكي “مؤامرة على الرئيس عباس”..مش هو اللي قال التنسيق الأمني 100%!