كتب حسن عصفور/ ربما، لم تحظ حركة “الجهاد” في فلسطين بتعاطف شعبي منذ انطلاقتها الرسمية في عام 1981، كما حدث لها ومعها، خلال معركة “الأيام الخمسة” الأخيرة بين 8 – 13 مايو 2023، مع دولة الكيان، جيشا وأجهزة أمنية، قدمت خلالها خيرة قادتها العسكريين، بينهم نائب المسؤول العسكري العام.
التعاطف الشعبي الواسع، محليا وبعض عربيا، لم يكن نتاج “تعبئة حزبية” كما غيرها، ولا نتاج استخدام وسائل إعلام بكل اللغات لـ “تبيض صفحتها” بغير محلها، بل وفقا لمتابعة مجريات معركة أشبه بحرب صغيرة، قادتها في ظل صمت، إن لم نقل غير ذلك، من الحركة الحاكمة في قطاع غزة، المعروفة إعلاميا باسم “حماس”، انحياز فطري لحقيقة الفعل الثوري والكفاحي مع دولة مارست كل أشكال جرائم الحرب، من القتل المسبق على التفكير بما يمكن أن يكون، الى قتل على شبهة أن تكون.
تعاطف، لم يخدشه كثيرا كل الحرب الدعائية الباطنية، التي نشرتها “الوسائل الذبابية” لقواعد الجماعة الإخوانية، حول حقيقة الحدث النضالي، بل أنهم في جزء من تلك الإشاعات – الدعاية خدموا دولة العدو، وكأن “الجهاد” من بدأ “حربا” وليس رد فعل على فعل كبير باغتيال قادة مع أسرهم وأطفالهم، دون القيام بأي عمل يمكنه أن يشكل “تبريرا”، وكما حدث سابقا أيضا مع اغتيال القيادي البارز تيسير الجعبري أغسطس 2022.
حرب البعض الداخلي ضد الجهاد، يمكن اعتبارها الأكثر “قذارة سياسية” بعدما خرج البعض منهم ليعتبر أن قطاع غزة (القصد حكم الحركة الإخوانجية) غير معني بحرب تتعلق بفصيل، وتلك عملية مصادرة وإلغاء لجوهر فكرة المواجهة مع دولة العدو، فيما ترى من حقها هي وحدها، من يقرر أن تكون أو لا تكون، ليس وفقا لمصلحة وطنية، بل بما يخدم مشروعها الانفصالي عن المشروع الوطني.
ولكن، بعيدا عن “حرب الجاهلية الإخوانجية” ضد حركة الجهاد، هناك موقف رسمي عربي شبه جمعي يحاصرها، وفقا لشائعة أطلقتها تلك الفئة المتأسلمة، حول علاقتها بإيران ومسألة “التشيع”، بعدما قرر بعض مؤسسيها الخروج من عباءة “الجماعة الإخوانجية”، الذين كانوا يرفضون العمل المسلح ضد إسرائيل، وتعايشوا معه وفق منظمات عمل أهلية واجتماعية، وسمح لهم بالنشاط من خلال ما يعرف بـ “المجمع الإسلامي”، واختيارهم شعارا يتشح باللون الأسود (المنتشر بين الطائفة الشيعية في ثقافة مرتبطة بما حدث مع الإمام علي ونجليه الحسن والحسين كمظهر حدادي دائم).
الموقف الرسمي شبه الجمعي عربيا، من حركة الجهاد، لم يقف مرة واحدة ليسأل، هل حدث يوما أن تدخلت في شأن داخلي لدولة شقيقة، وهل غدرت يوما أو طعنت علاقة حدثت تخللها دعم بمئات ملايين الدولارات، كما غيرها، هل أقدمت حركة الجهاد على خوض معارك سياسية مع أي نظام عربي، لصالح غير العرب، وهل أيدت احتلالا غير عربي لأرض عربية، وهل كانت جزءا من مؤامرة “أوباما” لفرض الجماعة الإسلامية كما غيرها.
وفلسطينيا، لم تكن يوما طرفا في “أزمة داخلية” أو في صدام داخلي، بل ربما تربط قواعدها وقياداتها بأبناء حركة فتح (السلطة) ما لا يربطها بأي فصيل آخر، بما فيهم تلك الحركة الإخوانجية، ولذا ليس مفاجئا ابدا، أن هناك روابط خاصة جدا تشكلت في ظل معركة المواجهة مع العدو الاحتلالي، بين كتائب شهداء الأقصى-فتح، وسرايا القدس – الجهاد منذ عام 2002، وخطوا بدمائهم وحدة فعل مميزة لا تزال سارية، رغم بعض المنغصات حينا بسبب موقف سياسي هنا أو هناك، لكن القاعدة الالتحامية راسخة.
فيما لم تتشكل مثل تلك الحالة الثورية بين كتائب الأقصى وسرايا القدس مع عناصر حركة الإخوان المسلمين في فلسطين (حماس) العسكري، ولا يسجل تاريخ المواجهات عملا عسكريا مشتركا في الضفة والقدس.
استغلال علاقة حركة “الجهاد” مع إيران، والتي نشأت ضمن ظروف خاصة، رغم انها لم تحدث أي ضرر لأي دولة عربية على الإطلاق، كان جزءا من عملية تشويه حقيقتها وفرض الحصار عليها، كونها تمثل وجها لا يملك أي جدول أعمال غير فلسطيني، أي كان خلافاته مع الرسمية ومنهجها، لكنها لم تشارك يوما في تحالف لصناعة بديل أو تحالف عدائي لتشويه منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح.
لعل الخطيئة الأساسية تفع على حركة فتح وقيادتها، وكذا الرسمية الفلسطينية، التي تهربت من تطوير علاقة قواعدها مع “الجهاد” ارتعاشا من موقف أمريكي أو إسرائيلي، وبدلا من عملية تعاون وتطوير ذهبت الى هروب وانعزالية، وهذا ما يجب أن ينتهي وفورا.
مطلوب من قيادة “الجهاد” الاستفادة من شعبيتها الأخيرة، لتوضيح موقفها عربيا، من علاقتها مع إيران، بأنها في سياق دعم مشروعها الكفاحي ضد دولة العدو، وليس لغيرها أبدا، وهي لم تنفيذ عمليات خارج أرض فلسطين، رغم العداء الأمريكي المطلق للشعب الفلسطيني وقضيته، التزاما وإيمانا بأن المعركة في فلسطين وعليها ومن أجلها.
بات من الضرورة لحركة “الجهاد” تطوير رؤيتها السياسية بما يشمل تخفيف البعد الطائفي، وفتح نقاش وطني حقيقي بعيدا عن معادلة التكاذب التي سادت طويلا، وأن تتجه لفتح قنوات اتصال مع النظام الرسمي العربي، دون خجل طفولي، أو ارتباك بحكم الاتهامات المسبقة.
السياسة لم تكن يوما خطا مستقيما ولن تكون!
ملاحظة: نشرت خارجية الشقيقة الأردن بيانا حول عقد اجتماع استثنائي لمنظمة “التعاون الإسلامي” لبحث الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى..ولكن الغريب أن لا يشنر الخبر في إعلام الرسمية الفلسطينية..فيكوا تحكوا للناس شو القصة!
تنويه خاص: أميركا زعلت على اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى..وزعلت تاني يوم أن مستوطنين رجعوا لمستوطنة حومش بعد الخروج منها قبل 18 سنة…طيب شوب ترجمة هيك زعل..في فلسطين فورا عقوبات ومحاصرة مالية..ومع اليهود ودولتهم شو غير الوتوتة!