كتب حسن عصفور/ لا نريد اخفاء حالة الغضب السائدة داخل صفوف الشعب الفلسطيني جراء “الهزالة السياسية” التي تصر عليها القيادة الفلسطينية – والمهدد رئيسها حسب ما هو معلن لتهديد مباشر من طغمة نتنياهو – في التعاطي مع الملف التفاوضي، ولكن الأهم راهنا ما يتم الحديث عنه اعلاميا في مختلف الوسائل عن “تسريبات” لقادة يهود عن خطة “كيري للحل السياسي”، حسب ما سمعوها من مبعوث امريكا للمفاوضات “اليهودي” مارتن أنديك، ولم نسمع ردا فلسطينيا واحدا بعد مرور ساعات طوال على حقيقة المضمون الذي ما أن تقرأه حتى تتخيل أن “القيادة الفلسطينية” دعت لاجتماع وطني طارئ، ليس لمناقشة ما جاء بها من “كلام فارغ” بل للبدء في تنفيذ ما قررته سابقا من “خطة بديلة”، والدعوة لـ”مؤتمر شعبي” لمساندة قرار رد الاعتبار السياسي على ما تم نشره..
ولكن، مرت الساعات، وقد تمر الأيام، ولا نسمع من “فرقة التفاوض الخالد” سوى التمسك بالموعد الزمني وحديث عام واعادة تأكيدات الرئيس عباس المنسوبة له اسرائيليا، ولم يتم نفيها لا من الرئاسة ولا من حركة “فتح”، بالانسحاب التدريجي ـ الحل الانتقالي الجديد -، وكأن نصوص الخطة لا تستفز مشاعرهم قبل أي شيء آخر، صمت لا يليق بمن عليه أن يكون “رأس الحربة” لشعب فلسطين، وحامل رايته الشرعية، ولا ضرورة لأن يأت تفسير أو توضيح من جانب أمريكا ما دام انها لم تقم بنفي كل ما نشر على لسان مبعوثها اليهودي انديك، وعدم ايلاء القيادة الفلسطينية أو اي مكلف بالحديث عنها ذلك الاهتمام السياسي الضروري واعلان الغضب والرفض الرسمي، يمثل استمرار لحالة الاستخفاف بالموقف الشعبي الرافض لتلك “المهزلة التفاوضية” مستغلين ظروفا خاصة يعتقدون أنها كفيلة بتشكيل غطاء لما يفعلون..
خطة كيرياهو” – كيري ونتنياهو – المنشورة والتي تتحدث عن عناصر تقول أنها تؤدي لحل سياسي، ليس سوى وصفة لحرب مفتوحة مع أطرفها وكل من يوافق عليها، فالخطة التي تريد “يهودية اسرائيل” وانهاء حق العودة ووضع نهاية للصراع وتعويض اليهود عن ممتلكاتهم في البلاد العربية، وتعيد للأذهان خطة تقزيم القدس والغاء قدسيتها بما عرف في التاريخ الفلسطيني بأعتبار “ابو ديس هي القدس الفلسطينية”، في حين تريد خطة “كيرياهو” ان تسرق من الأرض ما تستطيع لتحمي “امن اسرائيل” ولتبقي 80% من مستوطنيها تحت “ظلالها”..خطة كل كلمة بها تقول أن الصمت وحده “خيانة”.. والسكوت عليها “مؤامرة”، وعدم الانتفاض الفوري سياسيا وشعبيا جريمة، والاستمرار في مهزلتها تواطئ لا سماح معه من قبل شعب فجر ثورته المعاصرة لنيل حريته وبناء دولته بعاصمتها القدس الشريف، العربية بحدودها كاملة متوجة بالأقصى والكنيسة وكل حي قاتل من أجله الخالد ياسر عرفات..
نعلم جيدا أنه لا يجرؤ أي فلسطيني، مهما بلغ حجم خيانته أو تآمره على قبول هذه الأفكار المنحطة سياسيا وأخلاقيا، ولكن ذلك الاعتقاد لا يكفي لمواجهة هذا المشروع، ولا نريد “صراخا كاذبا” أو “دموع تسيل بمادة صناعية كما أفلام السينما” في الاحتجاج الذي درج البعض عليه في الآونة الأخيرة، مطلوب موقف واحد لا غيره سيكون مقبولا..لقاء قيادي لا يكتفي برفض وادانة هذه الخطة الكريهة، بل لتعليق كل الاتصالات والمفاوضات مع الطرفين الأميركي والاسرائيلي حتى تعلن واشنطن سحب تلك الخطة، ودون ذلك سندخل في مسار “تمرير الخطة” بهدوء ويسر كما تحاول أوساط فلسطينية تمرير الحل الانتقالي بمسمى اختراعي جديد اسمه “الانسحاب التدريجي”..
ولكي لا تبقى المسألة رهنا لفصيل أو لبعض فصيل فالمطلوب أن تلتقي كل القوى الرافضة للخطة “الكيرياهوية” دون استثناء من حزب الشعب حتى الجهاد، مرورا بالشعبية والديمقراطية وحماس وكل الفصائل، وعلى فتح أن تقرر أين ستكون، لقاء يعلن رفضا قاطعا للخطة وطلبا صريحا لفتح والرئاسة بتعليق التفاوض والاتصالات الى أن تسحب أمريكا خطتها تلك، وتراجع الرئيس عباس عن فكرته بـ”الانسحاب التدريجي” لأنها عمليا تكريس لـ”حل انتقالي”..والدعوة لهذا اللقاء تكون بالتوازي في الضفة والقطاع ولو حدث بالشتات أيضا سيكون مكسبا..
اسقاط “خطة كيرياهو” مطلب وطني والانسحاب من التفاوض المذل أكثر من ضرورة كي لا نعطي لأحد في العالم ان الصمت وعدم الغضب المعلن منها هو “شكل من أشكال الموافقة”..كل ساعة تمر دون موقف تمنح الخطة ساعة حياة مضافة..وصمت الفصائل عليها سيكون جزءا من تمرير المؤامرة..وعندها ستجد حماس وبعض من السائرين معها فرصتها لتشكيل “جبهة مناهضة المفاوضات”.. ولن يلومها أحد في مسألة هي حق حتى لو أريد بها باطل من حماس وفرقها الخاصة!
ملاحظة: من لا زال يتذكر “اللجنة الرباعية” الدولية..التي لم تفعل شيئا سوى تقديم كل ما هو ضار لشعب فلسطين..من خريطة الطريق الى شروطها على حكومة فلسطين التي شكلتها حماس بعد الفوز عام 2006..يا ناس بلا هبل!
تنويه أمدي: ابو شاكر النتشة أمام أصعب اختبار ليرد على “شائعة” اطلاق سراح الفاسد المقدسي بصفقة سرية..الصدق فوق المنصب..تلك هي بديهة الحياة يا ابا شاكر!