كتب حسن عصفور/ للمرة الأولى منذ الاعتراف السعودي الرسمي بدولة فلسطين، ومنذ تأسيس السلطة عام 1994، وبعد 11 عاما من اعتبارها دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة بقرار 19/67 لعام 2012، تعلن العربية السعودية تعيين سفيرا لها “غير مقيم” بها، مكلفة سفيرها في الأردن بذلك التمثيل.
ربما، لم تكن تلك الخطوة “الديبلوماسية” تثير كثيرا من الاهتمام، رغم قيمتها السياسية، لولا تزامنها المباشر بحدث بات يحتل مكانة بارزة في الإعلام العالمي والعبري تحديدا، ما يعرف بـ “صفقة بايدن”، حول التطبيع السعودي مع دولة الكيان، التي كشفها الصحفي اليهودي في “نيويورك تايمز” نهاية يوليو 2023، والتي تضمنت فيما تضمن مسألة “حل القضية الفلسطينية”، كجزء من الصفقة، والتي وصفها كثيرون بأنها “الجائزة الكبرى” التي يعمل بايدن لتقديمها لدولة الكيان.
موضوعيا، لا يمكن عدم ربط خطوة تعيين سفير غير مقيم للسعودية، بالاتصالات القائمة بينها ودولة الكيان، خارج إطار “صفقة بايدن”، التي انجبت اتفاقات ثنائية، ومنها اتفاق الطاقة الشمسية مع شركة إسرائيلية، وفتح المجال الجوي لطائرات دولة الكيان بالمرور من أجوائها، كـ “خطوات حسن نويا” للصفقة الكبرى.
المحتفي الكبير بالخطوة السعودية، كان الإعلام العبري، حيث اعتبرها “خطوة تاريخية”، ترتبط بالتحركات الأمريكية لصفقة “التطبيع”، رغم ما ينتشر من وجود عقبات كبيرة من قبل حكومة التحالف الفاشي بقيادة نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بحل القضية الفلسطينية، التي لن ترى نور لها ضمن التركيبة القائمة في حكومة المستوطنين.
الخطوة السعودية، لا يجب التعامل معها خطوة منفردة، كما العمليات المنفردة ضد العدو الاحلالي، بل يجب على الرسمية الفلسطينية وضعها في سياق شمولي كامل، وارتباطها المباشر بـ صفقة التطبيع” التي يتم تحضيرها، وربما قطعت شوطا، وخاصة أن المسألة المركزية للأهداف السعودية، تكمن في البرنامج النووي وبرنامج التسليح خاصة منظومة الدفاع الصاروخي المضادة للصواريخ البالستية، مع اتفاقية دفاعية شاملة، وهي العناصر المركزية في الرؤية السعودية للتطبيع، لو تم التوصل لها ستصبح فلسطين جزءا أقل أهمية للرياض، رغم حاجتها السياسية لها كغطاء سياسي ورسالة لها بعد “إقليمي”.
ولذا وقبل فوات الآوان، من الضرورة أن تجد “الرسمية الفلسطينية” طريقة ما لمناقشة المسالة التطبيعية بكل عناصرها مع الحكومة السعودية، وألا تبقى متفرجة أو منتظرة، كما هي عادتها السياسية الى أن يحدث ما لا يكون متوافقا والمصلحة الفلسطينية.
وربما، يكون من الأجدر أن تتقدم “الرسمية الفلسطينية” بمقترح تشكيل لجنة خماسية عربية، من الجامعة العربية، مصر، السعودية، الأردن وفلسطين، ومن الممكن إضافة الجزائر بصفتها رئيس القمة السابقة، لتكون لجنة بحث التطورات الإقليمية وارتباطها بالقضية الفلسطينية، في سياق عدم الانجراف “التطبيعي” كما حدث سابقا، دون مقابل لفلسطين، نتاج مواقف غير إيجابية بينها وبين أطراف الدول المطبعة، حتى المغرب لم تقيم لها وزنا.
الحركة السياسية لمتابعة أبعاد صفقة التطبيع السعودية مع دولة الكيان، تفرض تغييرا جذريا في السلوك الرسمي الفلسطيني، من أجل إعادة الاعتبار للقضية الوطنية في سياق رسمي عربي، وأيضا الحد من أي ضرر مفاجئ، يفتح الباب لفرض معادلات سياسية ضارة بالمشروع الكياني الفلسطيني.
لعل “لقاء العلمين” مع مصر والأردن يكون بابا لتقديم مقترح فلسطين حول آلية التعامل مع التطورات المتتالية، وأن لا يبقى الأمر محصورا في دائرة ما تفرضه أمريكا من آليات، كلقاء العقبة ولقاء شرم الشيخ، التي كانت ضررا سياسيا مباشرا، بعدما قامت حكومة نتنياهو بصفع الرسمية الفلسطينية مباشرة بعد يوم من انتهاء تلك اللقاءات.
كي “لا تعود ريما الى عادتها القديمة” بلقاءات فارغة بلا أي ضامن لها، وخاصة مع نتنياهو، الذي يعلمه جيدا الرئيس عباس منذ اتفاقية واي ريفر 1998، من المهم وضع بحث إطار عمل “عربي عربي” قبل البحث عن “إطار أمريكي إسرائيلي عربي”.
الخطوة السعودية “جيدة” لو لم تترك “منفردة” دون تكاملية الموقف، فتصبح حينها كـ “زواج مسمار سياسي”.
ملاحظة: رأس التحالف الفاشي بيبي مش عاجبه اتفاق “مصاري مقابل أسرى” بين الفرس والأمريكان…وبوقاحة فريدة قال هيك اتفاق ما بيمنع انتاج نووي…طبعا هو عارف الصح بس بيحاول يلملم تعاطف “يهود” أمريكا بعد ما بصقوا عليه..بدها كمان بصقة!
تنويه خاص: غالبا المعارضة في فلسطين بتكون “أنيل” من الحكم فيها، مش عارفين شو بدهم وشغالين ردود فعل بدون فعل..والأوكس أنه الجبن صار كسرطان فيهم علاجة ميؤوس..الصراحة بدها هزة كبيرة خالص يمكن يوم تصير “الحداية تحدف كتاكيت”!