أمد/ كتب حسن عصفور/ نجح الاتحاد الأوروبي ومفوض الشؤون الخارجية جوزيب برويل، ان يعيد بعضا من “بريق سياسي” للمكون الأوسع في المنظومة الدولية، من بوابة الصراع الفلسطيني مع دولة الفاشية اليهودية، بعد “حرب الإبادة السياسية” التي تطل من قطاع غزة، عندما تقدم بتصورات متلاحقة لوضع “مقترحات حول عملية السلام”، تقود الى منتجات محددة، بينها دولة فلسطينية، وتفكيك حركة حماس.
بوريل، انتفض لبعض مما يختزنه من “كرامة سياسية” لمن يمثل بلدا وفكرا واتحادا، عندما قالها بصراحة غابت كثيرا، بأنه ليس من حق إسرائيل أن تمتلك حق الفيتو، فيما يتعلق بالحق الفلسطيني وإعلان دولتهم المستقلة، مكملا ما سبق قوله حول جرائم الإبادة الشاملة التي ترتكبها الدولة الفاشية، بأن ما يحدث في قطاع غزة يفوق ما حدث أيام حرب النازيين.
بالتأكيد، لا يمكن الانتقاص من قيمة كلام بوريل، بل العكس من المفيد جدا، ان تكون جزءا حيويا من حرب مطاردة دولة الكيان، ويمكن استخدام جزء منها كشهادة إثبات في محكمة العدل الدولية، ولاحقا في “الجنائية الدولية”، الى جانب تعميمها الدائم في مواجهة الموقف الأمريكي، لتبيان أن العقبة لم تكن يوما فلسطين، بل هي دولة الكيان الإسرائيلي، وتلك من المفارقات القليلة التي باتت واضحة أوروبيا (مع تعليق التنفيذ).
ولكن، وهنا تبدأ رحلة “النفاق السياسي” أو الجبن السياسي” عندما يخرج وزير خارجية لوكسمبورغ، ويكشف الحقيقة التي لا تقال كثيرا، بأن الدول الأوروبية ستجد صعوبة كبيرة في تصنيف المستوطنين كإرهابيين أو حركات إرهابية، رغم ما يملكون من سجل كامل المواصفات، الى جانب أنهم جزء من الية الاحتلال، والذي بدروه هو جريمة حرب، فكل ممارستهم ضد الفلسطيني منطلقة من أفعال إرهابية وممارسات نموذجية لتلك الحركات الإرهابية.
ودون وضوح كبير في سبب عدم التنصيف، فهو تحدث أن اللغة تصبح محل جدل كبير، بكل كلمة، عندما يصبح الأمر متعلقا بإسرائيل، وتناقش “الفاصلة والنقطة والفاعل والمفعول”، كي يصلوا الى نتيجة بأن وصف الإرهابي لا ينطبق على من يقومون بأكثر جرائم العصر وضوحا، تصريحات أعلنها وزراء بحرق مدن وبلدات وممتلكات، وممارسات يراها كل ممثلي الاتحاد الأوروبي، ساسة وإعلاميين ومنظمات غير حكومية، ممن تنشط في الضفة والقطاع.
مقابل ذلك، سارعت دول الاتحاد بدون أي تفكير، المطالبة بتفكيك حركة حماس، واخراجها من المعادلة السياسية، بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، سرعة قرار تؤكد أن المسألة لا علاقة لها بالفعل أو الممارسة، بل بالطرف والجهة، وأي كان تقديرهم حول الحدث في بلدات شرق قطاع غزة، فما كان قبله بسنوات طويلة من جرائم حرب بالضفة والقدس وقطاع غزة، وبعدها بحرب إبادة جماعية، وصفها بوريل نفسه بأنه فاقت حرب التدمير النازية، لكنها لم تكن كافية لاعتبار منفذيها “إرهابيين”، أو مطالبة بتفكيك حركاتهم وأحزابهم.
الاتحاد الأوروبي، كما الولايات المتحدة، لا ينتظرون تفكيرا لفرض كل ما يمكن فرضه على الفلسطيني، رغم أنه تحت الاحتلال، وهو من يدفع ثمنا مباشر لجرائم الحرب، سواء الناتج عن الاحتلال الطويل أو الحصار الطويل وبنيهما عمليات يراها كل من يرى، دون أن يصاب بعمى عاطفة الانحياز.
الاتحاد الأوروبي، كما الولايات الأمريكية، أعادوا مجددا الحديث عن “شروط تشكيل الحكم الفلسطيني”، بمحددات تتفق ورغباتهم السياسية الفكرية، وليس بما يريد الشعب الفلسطيني، يريدون “فكفكة حماس” من النظام، لأنهم يرونها “إرهابية”، لكنهم لا يطالبون أبدا بفكفكة أحزاب بن غفير وسموتريتش والليكود التي ترتكب جرائم حرب، ومنطلقاتهم الفكرية قائمة على حق قتل الفلسطيني ونفي وجوده، يرون انتخاباهم “حق ديمقراطي”، فيما يرون بانتخاب حماس انقلاب ديمقراطي، علما بأنهم من طالب ومول وفرض وجودها في انتخابات 2006، بل وكانوا أكثر حماسة من حماس لمشاركتها في انتخابات جديدة 2021، قبل أن يلغيها الرئيس عباس.
المسألة ليست ازدواجية معايير، بل هي انحياز فكري – سياسي مطلق لطرف له الحق أن يكون فوق القانون، هو دولة إسرائيل، وطرف تحت القانون هو الشعب الفلسطيني، لم يتبق سوى أن تشكل دول الاتحاد الأوروبي فئات جديدة تختار من سيكون ممثلا لبرلمان فلسطين.
الشروط الأوروبية حول معايير الطرف الفلسطيني المقبول لهم، أي كان مسماه، هي استنساخ معاصر لثقافة المستعمرين باختيار من يواليهم، ويكون أداة خادمة لمشاريعهم ليكون “ديمقراطيا” و”مقبولا”.
تصريحات الوزير اللكسمبورغي، رسالة مباشرة الى الرئيس محمود عباس وكل عناصر “الرسمية الفلسطينية”، ان تكف بالحديث عن “شرطية” التمثيل الوطني وخاصة ما يتعلق بحماس، قبل أن يكون هناك شرطية التمثيل في دولة الكيان مماثلا.
ملاحظة: ضمن استكمال استنساخ “النموذج النازي” الذي تقوم به دولة العدو الاحلالي، تبحث دوائرها القضائية سن قانون خاص لمعتقلي قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023 يشمل عقوبة الإعدام…مش غلط “رسميتنا” تتحرك بدري لفضحهم!
تنويه خاص: رغم كل جرائم حرب الإبادة التي تقوم بها “دولة النشاز الإنساني”..ففرحة أهل فلسطين بترشح منتخبهم “الفدائي” في بطولة آسيا لم تتأخر..كان لها أن تكون أعم وأروع لو كان زمنها غير زمنها ..لكنها فرحة في سياق صراع تأكيد الذات ونفي لنفي الذات العدوانية.