أمد/ كتب حسن عصفور/ منذ بداية الحرب العدوانية على قطاع غزة، حاولت بعض الأطراف العربية والرسمية الفلسطينية جاهدة، ان تضع فاصلا بين موقف إدارة بايدن، رئاسة وخارجية وأمن قومي عن حكومة التحالف الفاشي ومجلس الحرب بقيادة نتنياهو – غالانت – غانتس، رغم أن كل الشواهد العملية التي قدمتها أمريكا بأنها هي صاحبة القرار في المسار نحو تحقيق الهدف المفتوح.
بعد أيام من انطلاقة الحرب، سقط الرئيس الأمريكي في كشف جوهر واشنطن عندما تحدث عن أن “حل الدولتين” لم يعد موجودا على جدول الأعمال، فعملت الإدارة لاحقا جهدا مكثفا لتصحيح ما كان بعد 24 ساعة من النطق الرئاسي، وعلها الجملة الصادقة الوحيدة التي قالتها أمريكا منذ حرب الفاشية على قطاع غزة، لكن الرسمية العربية والفلسطينية يرون غير ما هو قائم، فكان “لقاء عمان السباعي”، الذي قدم شهادة “براءة ذمة” لواشنطن من دورها المباشر في جرائم الحرب المتراكمة – المتواصلة، وحولتها من “شريك” الى “وسيط”، بل الوسيط الرئيسي عمليا لاستمرار الحرب وليس عكسها.
عندما بدأت قوات العدو الفاشي عمليتها البرية في قطاع غزة، كان القرار مباشرة بين تل أبيب وواشنطن عبر الاتصال المصور (فيديو كونفرس)، فحدد وزير جيش الكيان أهدافهم من حربهم، بإنهاء حكم حماس وترتيب نظام أمني جديد، لكن نتنياهو أقدم على مزيد من التوضيح، بأن قواتهم ستبقى في قطاع غزة، ولن يسمح للسلطة برئاسة عباس ان تعود ما دفع أمريكا لمحاولة التوضيح بأنها ضد احتلال غزة ومع قيادة فلسطينية لإدارة غزة.
سريعا، حاولت واشنطن أن تعلن عدم توافقها مع تصريحات نتنياهو وطالبته بتوضيح ما، ما “أفرح” البعض العربي والفلسطيني، ليس لأنها الحقيقة بل لأنهم يلهثون خلف أي موقف يسترون به عورتهم السياسية مع أمريكا.
ولكن، جاءت تصريحات “المندوب السامي الأمريكي” لقطاع غزة ديفيد ساترفيلد مع الإعلامية لميس الحديدي، ليضع كل النقاط على الحروف، كاشفا الحقيقة السياسية كما هي دون أن يبذل جهدا لمحاولة إخفاء بعض جوانبها، أو السير بها بمسار ضبابي، عندما قال بوضوح أن الحرب على غزة تتوقف مع انتهاء حماس وليس ذلك فقط، بل بما يضمن ألا تعود مرة أخرى لتصبح قوة تهدد إسرائيل.
الهدف من الحرب على قطاع غزة، لم يعد مختصرا بحكم حماس وقواتها العسكرية بل بما يضمن عدم بقائها كقوة يمكن لها ان تعود للحكم، بأي شكل كان، حتى لو عبر بوابة الانتخابات التي تتغنى بها أمريكا دوما، رغم أنها هي ولا غيرها من صمم انتخابات فلسطينية عام 2006 فقط من أجل أن تشارك حماس، دون أي شرط أو التزام عليها، وهي من أشرف على الصفقة الخاصة بالدعم المالي الشهري لحكومة حماس.
هدف الحرب وما يرتبط به تواجد قوات جيش الاحتلال في قطاع غزة، أصبح رهنا لقياس قوة حماس الشعبية، وميزان القوى السياسي، ما يقود عمليا الى استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي سنوات، وهو الوجه الآخر بوضوح أدق لتصريحات نتنياهو، التي طلبت واشنطن لها توضيحا.
ساترفيلد، بمكانته ودوره الجديد وضع إطار الحرب وهدفها وزمنها، وهو ما يجب أن يكون واضحا أمام كل من يحاول أن يضع فواصل وهمية بين موقف تل أبيب وواشنطن، بل ربما تصريحات نتنياهو أقل فاشية سياسية من تصريحات المندوب السامي الأمريكي، بربط الاحتلال الجديد بقوة حماس وشعبيتها وليس بسلاحها.
يوما بعد آخر، تقدم الإدارة الأمريكية كل الشواهد بأنها هي من رسم “أهداف حرب غزة”، وهي من يضع الإطار لليوم التالي لإعلان احتلال القطاع رسميا، قاعدته الرئيسية ميزان القوى الشعبي للأطراف المفترض وجودها، وهو تغيير جوهري في المسار السياسي، ويمنح حكومة نتنياهو الضوء الأخضر الشامل للقيام بكل ما يتطلب ذلك الهدف، بما يؤدي الى تحديد “قيادة خاصة” في القطاع، تكون النموذج المراد له أن يكون في بقايا الضفة.
توضيحات ساترفيلد، تعلن مسبقا أن لا مستقبل لحركة حماس في “النظام الرسمي الفلسطيني” بأي شكل كان، وهي بذلك لا تقف عند حدود قطاع غزة بل بات هدفا عاما، بما في ذلك منظمة التحرير أو أي شكل رسمي آخر، وبذلك تضع “شروطها الخاصة” على القوى المشاركة في الانتخابات العامة لو تمت الموافقة عليها.
رسالة ساترفيلد، تطلب عمليا من الرسمية الفلسطينية، أو أي نظام حظر حركة حماس من العمل كشرط مسبق لإنهاء احتلال إسرائيل لقطاع غزة، ما يمكن اعتباره شكل جديد للفاشية السياسية، ودون ذلك سيبقى الأمر الى حين توفير ظروف زمنه السياسي الخاص.
هل وصلت رسالة المندوب السامي الأمريكي، أم هناك من يصر ألا يرى الحقيقة كما هي، ويبحث عن أنفاق تحتية للهروب من رؤية ما يجب أن يراه بعيدا عما هو قائم، بأن الهدف شطب الكيانية الفلسطينية المعاصرة بهويتها التي بدأت عام 1994، واستبدالها بـ “لقيط كياني” بمسميات ملتبسة.
ملاحظة: مجددا النصيحة الى قيادة حماس اللي قاعدة برة..بلاش لعبة تبني صواريخ من لبنان والكل عارف ليش ولشو..استخدامكم لصالح الغير مش وطنية ولا عمل وطني…وأهلنا في لبنان ومخيماتها مش حمل وزر هيك ولدنات..بيكفي!
تنويه خاص: صار لازم تحديد جهات محلية في قطاع غزة تشرف على قضية المساعدات مع الوكالات الأممية…لأن الفوضى والاستغلال والتجارة السوداء بلشت تنتشر…ومش غلط الناس تفكر بتشكيل “لجان أحياء” لفعل ذلك..الأمور مش يوم ويومين!