كتب حسن عصفور/ منذ نجاح “التحالف الفاشي المستحدث” برئاسة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، سارعت حكومة دولة الكيان بخطوات التهويد والضم في الضفة والقدس، وكسرت كل الحواجز “البيروقراطية” لإنجاز عشرات آلاف وحدات استيطانية مترافقة مع نشاط إرهابي مكثف، بمشاركة جيش الاحتلال وأذرعه في الشاباك والفرق الاستيطانية، لتكريس “واقع جديد” ضمن المشروع الشاروني الكبير المعروف بمسمى “خارطة المصالح الاستراتيجية” نحو تهويد ما يقارب 62% من الضفة الى جانب القدس.
وبالتوازي لتحقيق هدفها، تعمل بكل السبل على تدمير الوجود الكياني الفلسطيني، الذي وضع حجر أساسه الحديث الخالد المؤسس ياسر عرفات في 4 مايو 1994، في كسر للمعادلة التي حاولت القوى الاستعمارية والبعض الرجعي إقليميا تكريسها، تفتيت وحدة الفلسطيني، ارضا وكيانا وهوية، منذ عام 1948، الى حين انطلاقة رصاصة الثورة المعاصرة التي أعلنت رفضا وتصديا لها.
المؤامرة التهويدية الراهنة، تسير بسرعة تفوق كثيرا تفكير “الرسمية الفلسطينية”، والتي يبدو الى حينه أنها لا تدرك جوهرها، فسلوكها يشير الى غياب كل فعل حقيقي لمواجهتها، بل وكأنها غير ذي صلة اطلاقا، وتكتفي بتصريح لهذا المسؤول بها، وتغريدة لذاك، دون أي حدث يمكن للعدو أن يلمس منه أو به رائحة غضب، او ملمح من ملامح التهديد الممكن.
“رسمية فلسطينية” لم يكلف رئيسها العام ذاته بدعوة ولو شكلية، لمؤسساتها لبحث التطورات السياسية – الأمنية الخطيرة، والتي تمهد ليس لإنهاء وجود سلطة فقدت كثيرا من حضورها، بل نحو الغاء هوية الأرض والكيان، والعمل نحو خلق مشروع “تقاسم وظيفي” ضمن ما يتبقى خارج ما يسمونه “يهودا والسامرة”، أي أقل من 40% من الضفة، مع اعتبار القدس بكالمها، شرقا وغربا، مدينة وبلدات وضواحي جزء من دولة الكيان.
سلوك “الرسمية الفلسطينية” وتصرفاتها، وغياب الفعل العام، ليس لمواجهة الإرهاب اليهودي ولا مصادرة الأرض فحسب، بل نحو المؤامرة الواضحة الصريحة، التي لا تحتاج تفسيرا ولا شرحا، بل أن وضوحها ساطع الى درجة أن ” الطفل السياسي” يدرك هدفها الحقيقي.
ألا تكون اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المفترض أنها أداة التمثيل الوطني العام، حاضرة لقيادة معركة التصدي لـ “مؤامرة التهويد” و” التقاسم الوظيفي”، فتلك رسالة من الرسمية الفلسطينية الى قيادة دولة الكيان، أن تواصل عملها، دون مطبات مفاجئة من الجهة التي عليها أن تقاتلها.
صمت حركة فتح، بتاريخها ودورها ومكانتها على غياب الرسمية الفلسطينية، حرصا على عدم إغضاب “الرئيس العام”، فتلك رسالة بأن العامود الفقري للثورة والكيانية المعاصرة قد أصابه تلف وانكسار، فلم يعد قادرا على الدور والمهمة.
صمت فصائل مشاركة في اللجنة التنفيذية على ما يحدث من غياب دورها ومكانتها، ليس مشاركة في المؤامرة فحسب، بل تصبح موضوعيا أداة تمرير لها، بعيدا عما يقال فرادى من هذا المسؤول منها أو غيره، فسلوكها الجمعي تعبير عاجز فاشل، وأنها مكونات بلا قيمة ولا وزن سياسي.
صمت فصائل تاريخية في الثورة والمنظمة، يمثل أيضا، مساهمة عملية في تمرير المؤامرة الأخطر على المشروع الوطني الفلسطيني منذ احتلال 1967، وانقلاب يونيو 2007، الذي كان رصاصة الانطلاق للمؤامرة الجديدة، ولا يمكن تبرير صمتها بأنه لم تعد ضمن “الإطار الخاص”.
صمت حركة الجهاد على تلك المؤامرة، تحت باب أنها ليست جزءا من “الحراك السياسي” وتركيزها على العمل المسلح، هو عنصر مضاف لنجاح المؤامرة، فلا عمل عسكري بلا هدف سياسي.
محاولة البعض الفلسطيني خلط الأوراق بمسميات خادعة كاذبة، كـ “محور مقاومة” وغيره، هو “النقاب الأخطر” لتمرير مؤامرة الضم والتهويد، وخاصة أن من بينها من يعمل لها منذ زمن بعيد، ويعتقد أنها فرصته التاريخية للسيطرة والحكم، خاصة ودولة الاحتلال تفتح الباب لتدمير بقايا مكونات السلطة وحركة فتح، وتفتح لها الباب لتحقيق “حلمهم الذاتي” كما حدث مع المؤامرة الأمريكية عام 2011 إقليميا.
استمرار سلوك “الرسمية الفلسطينية” بذات المسار، تمنح مؤامرة “التهويد” و”التقاسم الوظيفي” “شرعية صامتة”، وتكون هي نفق العبور نحو تنفيذها بعيدا عن “جعجعة فارغة”.
ملاحظة: صفعتان في يوم واحد لـ “تحالف الفاشية المستحدث” ورغبات نتنياهو التطبيعية..منع دخول ممثلين للكيان لقاء دولي في باريس بطلب سعودي، وتأجيل لقاء النقب الى أجل بعيد..هيك صفعات منيحة لو تكتمل بالصفعة الكبرى..!
تنويه خاص: مجددا يؤكد مفوضي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن جنيف أنه نهاية الاحتلال بات فرض وواجب…كلامهم بكل صدق احسن كتير من غالبية المؤسسات الرسمية عربيا وفلسطينيا..تخيلوا!