كتب حسن عصفور/ ليس هناك أكثر قيمة من أن تتصادف مناسبات ترسم لوحة سياسية لمشهد يمكن أن يكون تاريخيا، فاليوم الخامس عشر من يناير يصادف ذكرى ميلاد الزعيم الخالد، رمز التحرر الوطني عالميا جمال عبدالناصر، 95 سنة هي عمر من بات حاضرا أكثر مما اعتقد حلف الأعداء الذين هللوا يوم رحيله الجسدي، وكبروا بصلاوتهم “الخادعة” فرحة بغيابه، توحدت قوى معادية وحاقدة وظلامية لا دين لها سوى مصلحتها لتعلن أن بهجتها بوفاة جمال عبد الناصر لا حدود لها، حلف اعتقد “آثما” ان مرحلة عبد الناصر تجربة وتأثيرا لن يقوم لها قائمة، وسيكون الباب مفتوحا للفئة الكارهة لتزيل ما يمكنها من تاريخ وتزور ما يمكنها من تزوير..
بعد 43 عاما على رحيله تشهد مصر حالة ثورية اسقطت كل الأوهام والحسابات لتلك الفئة المتآمرة، حلفا وأطرافا، أرض المحروسة التي انتفضت ثائرة على حكم الاستبداد والفساد في 25 يناير لم تكن لتثور ليأت من هلل لهزيمة مصر عام 1967 وكان بوقا للحلف الأميركي – الاسرائيلي لترويج الهزيمة وكأنها نهاية لعهد وبداية عهد.. ولم يخرج شعب مصر ضد القهر في يناير 2011 ليأت من يسرق ثروتهم ويخطفها تحت ثوب كاذب من “الورع الديني والسياسي”، كانت ثورته الأولى من أجل أهداف غاية في البساطة وحادة في الدقة، واستلهام من اهداف ثورة يوليو – الثورة الأم الكبرى -، اهداف اعلنتها الثورة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة انسانية، وفي لحظة من “الطيبة السياسية” لأهل المحروسة قفزت “غربان الظلام”، وبمخطط تم تنسيقه مسبقا مع دوائر معادية لثورة مصر الحقة، لتسرق نور الحرية والبحث عن الكرامة والعدالة الاجتماعية، واعتقدت تلك “الغربان” وحلفها الأسود أن مصر طابت لهم ملكا وحكما..
وكانت المفاجأة، التي سيتحدث عنها التاريخ أكثر كثيرا مما يتوقع ممن قادها وفجرها، كونها ثورة لم تكن حدودها لمصر المحروسة، بل هي ثورة على الطغيان السياسي الدولي والمخطط الاستعماري الصهيوني لتفتيت “قطرنة” المنطقة “قطرا وقطران”، لتنهي حدود جغرافيا سياكس بيكو وترسم حدودا لفئات سياسية – جغرافية على طريقة “المحميات والمشيخات” تحت ظلال حكم الاستبداد الأميركي، ثورة مصر الثانية لم تسقط حكم جماعة منبوذة ارهابية فحسب، بل اسقطت أخطر مشروع سياسي كان له انهاء المظهر العربي من جوانبة كافه، واعادته لمربعات لا قيمة لها..نجح أهل المحروسة وبعد عام واحد من قيام حلف “غربان الظلام” خطف نور الثورة من استعادته وكانت استعادة لمصير أمة من اقصاها الى اقصاها..
الثورة المصرية بمشهديها، وخلال 3 سنوات، كانت استلهاما حيويا لما قدمه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، واليوم يخرج شعبها في مشهد تصويتي لا حد له لتقول للعالم أولا، ولتحالف “غربان الظلام” ثانيا، أن شعب مصر لخرج ليهدي نصره التاريخي الى “ابو خالد” في ذكرى ميلاده ورد اعتبار لروحه التي حاولت الفئة المنبوذة الكريهة من تدنسيها بسند من عدو الأمة سنوات وسنوات..خروج شعب مصر للتصويت بنعم لدستور الثورة الثانية، أو بالأدق للثورة الثالثة بدأ من ثورة يوليو 52، هي الهدية الأولى لذكرى الزعيم جمال..
مقدمة لاعادة الاعتبار للكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية هي ما تريده قوى مصر الحية وشعبها المبهر الى درجة الجنون، سائرة على طريق استكمال مشروع التحرر الوطني من الهيمنة والاستبداد الاستعماري ورسم خريطة تعيد للحالة العربية مكانتها التي صنع الزعيم الأبدي للروح الكفاحية جمال عبد الناصر، تلك هي البداية مع الـ”نعم” الأهم في تاريخ استفتاءات مصر والأمة العربية، نعم لارادة أمة قررت أن تطيح بالمشروع العدواني التقسيمي وبكل أدواته، ليس فقط طردهم من جنباتها بل دفنهم الى حيث يجب ان تدفن “الزمر الكاذبة” في ركن من زاوية التاريخ، لدراسته كنموذج من نماذج الانتهازية السياسية لاستغلال الدين لخدمة مصالح ومشروع متصادم مع مشروع الأمة وطموحها..
عودة الروح المصرية ترافقت مع عودة الوعي لأهمية ثورة شعب المحروسة وقيمتها التاريخية، وبأنها البوابة التي ستكنس كل من تطاول على كرامة الأمة ومصلحتها القومية..هدية شعب مصر للزعيم في ذكرى ميلاده الـ96 هي تلك الحشود لتحمي ثورة مصر ولتنهي “وكسة عام” من حكم حلف “غربان الظلام”، ولشق طريق أهداف الثورة الكبرى في مشاهدها الثلاثة : 23 يوليو 52 و25 يناير 2011 و30 يونيو 2013..
طوبى لروحك الثائرة ابدا حتى وانت ساكن في مكان راحتك الابدية..يا جمال..شعبك وأمتك لم يخذلوك ولن يخذلوك!
ملاحظة: اعتذار وزير حرب دولة “الكيان الشاروني” عن تصريحاته تجاه وزير خارجية امريكا لا تساوي غبار نملة..حديثه الاستخفافي من كيري هو مظهر بأن أمريكا لم تعد أمريكا ..فهل تفهم ذلك “الفئة الضآلة” في “بقايا الوطن”!
تنويه خاص: الجماعة الارهابية وقناتها الصفراء المعروفة باسم قناة “صديقي شارون” تروي حكاوي لها دون غيرها..ولكن هل تخجل فئة منبوذة وقناة سافلة من كذبهم!