كتب حسن عصفور/ دون أي بيان رسمي، سعودي أو أمريكي، أعلن مكتب رئيس حكومة التحالف الفاشي في إسرائيل، ان الرياض أبلغت إدارة بايدن بوقف كل الاتصالات المتعلقة بالتطبيع، بعدما أدركت أنه لا يوجد هناك طرف إسرائيلي مستعدا لأي عملية سلام وفق ما تراه المملكة، خاصة البعد الفلسطيني والبرنامج النووي.
دون اللهاث وراء التفاصيل، التي دفعت العربية السعودية للقيام بخطوتها وقف مسار التطبيع راهنا (ليس بالمطلق)، هو وجود حكومة تعتبر أن الاستيطان حقا وجوديا لهم في الضفة والقدس، وتعلن بكل وقاحة سياسية نادرة عن مشروعها التهويدي، والذهاب لوضع قواعد جديدة في ساحة البراق والجدار، والمسجد الأقصى تعزيزا لروايتهم الخاصة.
وبالتأكيد ما أعلنه زعيم المعارضة الإسرائيلية لابيد، برفضه أي موافقة على برنامج نووي سعودي، مقابل تصريحات نتنياهو في مقابلة مع قناة أمريكية، حول الثمن الذي سيدفعه مقابل التطبيع مع السعودي، بقوله لا شيء معتبرا أن المستوطنات هي جزء من “أمن إسرائيل”، ولن يتخلى عنها.
رغم ما سبق تسريب إسرائيلي لوقف المسار التطبيعي، كان هناك حراك أمريكي مكثف لفرض ذلك، باعتباره “الصفقة الذهبية”، التي عمليا لا تقتصر حساباتها شرق أوسطيا فقط، ولكنه يهدف لاستثمار انتخابي يعزز قوة الحزب الديمقراطي وفرص الرئيس بايدن في الانتخابات التي تتساقط سريعا كأوراق الشجر بالخريف، لكنها لم تصل الى غايتها، ليس رفضا سعوديا بالمعني العام، بل نتاج رفض إسرائيلي حكما ومعارضة، للذهاب بدفع ثمن يمكنه أن يكون مقبولا لتمرير ما سيكون له تأثير جوهري في المنطقة.
ربما، جاء توقيت الموقف السعودية، هدية سياسية كبرى للرئيس محمود عباس، خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحيث يملك الآن ورقة مميزة وخاصة، بأن دولة إسرائيل بكل مكوناتها ترفض الذهاب الى بناء عملية سلام حقيقية، ليس بينها والشعب الفلسطيني وممثله الشرعي، بل مع العربية السعودية، التي حاولت الذهاب بعيدا لعقد اتفاقية يمكن اعتبارها بـ “التاريخية”.
الرسالة السعودية، ليست صفعة تستبق خطاب نتنياهو في الجمعية العامة فقط، بل هي قوة دفع كبيرة لفضح كل أكاذيب “الرواية الإسرائيلية”، التي لا يغيب عنها أي إمكانية لوجود “شريك في صناعة السلام” ليس من التحالف الفاشي الاستيطاني فحسب، بل ومن المعارضة المفترض أنها “الحكومة البديلة”.
قد تكون هناك فرصة سياسية فريدة، بان يتم استخدام الموقف السعودي ورقة ما قبل خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، من أجل تهيئة الأجواء لما يجب أن يتم القيام به خلال الأيام القادمة، ولفرض علاقة جديدة لدولة فلسطين، وأن يدعو فريق الرئاسة الى عقد اجتماع عربي وزاري لصياغة موقف موحد في ضوء اغلاق قناة التطبيع (مؤقتا)، لوضع قواعد هجوم سياسي لفضح حكومة نتنياهو وكذا المعارضة، تعزيزا للموقف الفلسطيني الذي سيكون أمامه مساحة واسعة لتحقيق مكاسب، ربما لم تتوفر له في السابق.
من الممكن رسم “آلية عربية جديدة” لترويج مبادرة السلام العربية 2002، مع وجود “حراك تطبيعي” لبعض دول عربية، آلية توضيح مسار لجوهر الفكرة السياسية التي فقدت كثرا من زخمها بالسنوات الأخيرة، ما يمثل قوة دفع للقضية الفلسطينية، وكسر الارتباك العربي العربي الذي بدأ يشق طريقه بأشكال مختلفة، وامتصاص “حساسيات” بين أكثر من طرف عربي، لم يعد بالإمكان التعامي عنها، وتلك مسألة يمكن لفلسطين وجامعة الدولة العربية القيام بها.
فرصة سياسية فريدة لا يجب أن تذهب سدى، وبأن لا تكتفي “الرسمية الفلسطينية” بنشوة مفاجئة بمكسب وكأنه حدث استنادا لها…والحقيقة أنه غير ذلك تماما، فالفضل لنتنياهو وتحالفه الفاشي بتعطيل “صفقة التطبيع السعودية”.. وليس لكم!.
ملاحظة: رحل حسين المنذر، الفنان الذي صنع نسيجا للحكاية الفلسطينية هو وعاشقيه فرقة وشعرا.. جسدوا مسار ثورة وملاحم سطرها تاريخ شعب طائر الفينيق..رحل من صنع من نص شاعر الثورة “الولد الفلسطيني” أحمد حبور رصاصة فن خلوده بخلود الحياة…سلاما لك ..سلاما لمن سبقك رحيلا ..سلاما لمن لن يغادر فنه وصوته روح الشعب أبدا..سلاما يا حسين المنذر!
تنويه خاص: من طرائف السقوط التاريخي لنتنياهو وتحالفه الفاشي، ان يعتبر اليهود المتظاهرين في إسرائيل وأمريكا ضد “الديمقراطية” أنهم حلفاء لـ “منظمة التحرير” ..هيك اعتبر المنظمة بأنها عدو… تصريح وزنه من دهب يا رئاسة..مش صار لازم تردوا عليه فورا وتسحبوا الاعتراف معهم…او هاي كمان مش فاهمينها!