كتب حسن عصفور/ سيصبح 7 مايو 2023 يوما خاصا في “الذاكرة السياسية” العربية، ليس بعودة سوريا لحقها الطبيعي ضد قرار جائر كليا بالمعنى العام، كان طلبا أمريكيا مباشرا لتمرير “مؤامرة التقاسم والتقسيم”، التي حاول أوباما تنفيذها عبر أدوات خارج السياق الوطني، لكن سيبقى اثرا بكسر غالبية العرب موقفا لإدارة العداء والعنصرية للبلاد العربية، المعروفة جغرافيا باسم “الولايات المتحدة”.
القرار جاء تصويبا لخطيئة سياسية كبرى، قررتها الرسمية العربية ترضية في غير مكانها، لمن حاول أن يتآمر عليها دون استثناء، ويفتح جبهات تربكها، تعيق تطورها، تفرض هيمنتها للسيطرة على ثرواتها، بل التحكم في بعض واقعها الاجتماعي، ما يشير أن ما حدث يمثل خطة مضافة لمسار “التمرد العربي التقليدي” على الفرض الأمريكي، الذي ساد طويلا، ما أعاق حركة التطور العام لدول المنطقة العربية.
دون تردد، جاء القرار الرسمي العربي تعزيزا لمجمل خطوات تذهب في بلورة “خيار جديد”، يفترق كثيرا عن “خيار التبعية” الذي كان الحاكم في صياغة مجمل علاقات دول عربية، وخاصة الخليجية مع المنظومة العالمية، خيار يفتح باب علاقات المصالح المتبادلة بديلا للهيمنة المتغطرسة، ما أسس حضورا مميزا، بل وفاعلا في بعض قضايا إقليمية ودولية، غاب التأثير عليها منذ غياب الرئيس جمال عبد الناصر.
انهاء القرار الأمريكي لحصار سوريا، رصاصة مضافة تطلق على بقايا المشروع التآمري العام، وحجر اساس جديد يكمل الانطلاقة المتسارعة لبناء قواعد عمل بما يعيد الاعتبار لدول المنطقة، شعوبا وحكاما، بعدما عملت أمريكا ودولة الاستعمار التقليدي المستحدث على بناء سور من السيطرة والتحكم في بندول ساعة حركتها السياسية – الاقتصادية.
القرار يمثل قوة تضاف لمسار “اتفاق بكين”، الذي سجل اختراقا جوهريا في “الجدار العازل” الذي بنته أمريكا وقبلها الاستعمار البريطاني حول دول عربية، لتكشف أطرافا أنها تستطيع أن تنفذ ما تراه مصلحة لها، وليس خدمة لغيرها، فبدأت رحلة “هرولة أمريكية” للحاق بقاطرة التغيير الرسمية، كي لا تذهب الى محطة بعيدة، يكون ثمنها أزمة تفوق كثيرا ما يشار له إعلاميا.
ولعل بيان إدارة بايدن المأزومة جدا، منذ الرصاصة الروسية الأولى في فبراير 2022، التي أعلنت بداية عصر جديد، الحضور فيه لمن يفرض ذاته وليس تابعا لغيره، يكشف أن الصفعة العربية اصابت تماما، ليس بما رفضت ولكن بما أقرت أنها لا تستطيع أن تمنع الحدث، فذهبت للتعبير عن تفهمها، رغم إشارتها أن سوريا لا تستحق، بيان يكشف عجزا وليس تفهما، فلا تملك خيارا سوى التماهي مع فعل القرار.
أمريكا، وبعدما كشفت وزيرة الخزانة جانيت يلين في تصريح لقناة “إيه بي سي نيوز”، أنه “إذا لم يرفع سقف الدين (البالغ 31.381 تريليون دولار) بحلول يونيو سنواجه كارثة اقتصادية لن يحول دونها أي إجراء رئاسي”، كلام يكشف أن جوهر العلاقة بين واشنطن ودول عربية يجب أن تأخذا مسارا مختلفا تماما، بل وجذريا عما ساد طويلا، في ظل أزمة طاحنة، جزء من مواجهتها من خلال العمق العربي، فرصة تصويب حقيقي لمضمون العلاقات، وفقا لمبدأ “المصالح المتبادلة”، وخاصة بعدما سقطت مسألة “الحماية الأمريكانية” الخادعة مدفوعة الثمن الكبير، دون حماية بل لصوصية مطلقة.
هرولة مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان الى الرياض في زمن الأزمة الكبرى، بعضا من محاولات بحث سبل تطويق الانطلاقة الجديدة، بعدما سقطت أوراق “التهديد” التي أطلقتها دوائر في الولايات المتحدة، وخاصة ضد العربية السعودية وقائدها الشاب محمد بن سلمان، صاحب نظرية “الانفتاح على دول غير استعمارية المطامح..والانعتاق من دول المطامع الاستعمارية”.
قرار الرسمية العربية حول سوريا، هو بذاته لخدمتها أكثر من خدمة سوريا الدولة والقضية، كونها أكدت أنها تستطيع لو قررت أن تكون “صاحبة قرارها”، وليس تابعة لقرار غيرها.
فـ “سقوط التبعية يبدأ بخطوات صغيرة، كلما تسارعت وتمددت كلما ربحت ذاتها أكثر”.
ملاحظة: حسنا جاء قرار الوزاري العربي بتشكيل لجنة متابعة للمسألة السودانية، رغم انه متأخر كثيرا ولكن أن يكون خيرا من أن لا يكون..عله يحاصر المناورة الأمريكية وتلاعبها.
تنويه خاص: الاتحاد الأوروبي أعلن رفضه لأن يمثل “بيبي الصغير بن غفيري” دولة الكيان في مناسبة أوروبية..اختيار شخصية منبوذة وكريهة وعنصرية وفاشية رسالة احتقار من حكومة نتنياهو لأوروبا…يا ريت الست فان دير لاين تفهم وتطلع تعتذر عما قالته بذاءة ضد فلسطين شعبا ووطنا.