كتب حسن عصفور/ أعلنت وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الخميس 17 أغسطس 2023، أن أمريكا وافقت على اتفاقية بيع تاريخية لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي “حيتس 3” إلى ألمانيا، في صفقة بلغت قيمتها، 3.5 مليار دولار.
قد يبدو الأمر، خبرا ضمن ما تقوم به دولة الكيان من “صفقات” مع دول عدة، بعضها عربية، ولكن الأمر مع ألمانيا يختلف جوهريا في جانبين، الأول صناعي مرتبط بآثار وقيود لا تزال مفروضة عليها ضمن ما فرض جراء الهزيمة الكبرى في الحرب العالمية، بما لا يسمح لها الذهاب الى طريق الصناعات العسكرية التي قد تمثل خطرا عالميا، كما رأته قوى الانتصار في حينه.
والبعد الآخر، نفسي سريعا قام رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، بالتفاخر به، عندما قال، أنه بعد 75 عاما على ما تعرض له “اليهود” في ألمانيا، تقود دولتهم ببيع أحد منظومة الأسلحة لها، لتشكل أحد مظاهر “حمايتها”، وكأنه يقول، من قتل “اليهود” هو اليوم يحتاج سلاحهم لحمايتها من “أخطار”.
موضوعيا، لا يمكن الحديث عن مخاطر كونية يمكن أن تهدد “المانيا”، الى الحد الذي يدفعها لشراء منظومة سلاح من الكيان بتلك القيمة، فهي جزء من المنظومة الغربية الاستعمارية، حلف الناتو، بما يشكله من “مظلة حماية شاملة” لها، وبالتأكيد هي ليست مقدمة على أي عمل عسكري نحو جيرانها الذين يرتبطون معها بعلاقات غير عدائية، حتى من يختلفون معها في إطار الموقف من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وبعيدا عن “الافتخار الوهمي” لرأس التحالف الفاشي” نتنياهو، والذي حاول تسويقها وكأنها “نصر مبين” لحكومته، التي تعيش في حركة سواد سياسي لم تعرفه دولة الكيان، بحيث بات غالبية “يهود العالم” يحسبون حساب خراب قد لا يطول، فالصفقة كشفت كم أن ألمانيا، الدولة الصناعية الكبرى في مختلف المجالات، تبقى صغيرة أمام “الجبروت الأمريكي”، وقيود تم وضعها منذ عام 1945، لا يمكن “الفكاك” منها، حتى لو نسبيا، ولكنها من جهة أخرى تسمح لها بعقد صفقة سلاح حماية، لتؤكد لها أنها لا تزال تحت “الوصاية الأمريكانية”.
قرار أمريكا بالسماح لدولة الكيان، ببيع صفقة منظومة حيتس الصاروخية، هو تذكير صارخ لألمانيا وغيرها، بواقع الهيمنة العامة، التي تحاول التمسك بها، مع تطورات تفرضها مسار العملية الروسية العسكرية عالميا، وتعيد رسم خريطة القطبية السياسية الكونية، وتشكيل محور لن يقف حدوده عن “التوافق السياسي”، ضد الهيمنة والبعد الاستعماري الذي ساد طويلا، بل لكسر جوهر تلك السياسية الإمبريالية، ببعده الاقتصادي، وصياغة معادلة تجارية جديدة تنهي أو تحد مؤقتا من سطوة العملة الأمريكية، الدولار، كغطاء عالمي.
خروج رئيس حكومة “الإرهابيين المستوطنين” نتنياهو، عبر شريط مصور ليعلن ذلك الخبر، يحمل كل مظاهر “الإهانة السياسية” لدولة هي أحد أعضاء المنظومة العالمية الكبرى، وقوة رئيسية من دول حلف الناتو العسكر، ولكنه ذهب لتصغيرها الى حد أنها باتت تحت “حماية الدولة اليهودية”.
والحقيقة أن جوهر تلك الصفقة التي تبدو عسكرية، لكنها حملت كل مظاهر “الذل السياسي” لدولة هي أحد أهم دول العالم الصناعية، صفقة سياسية خططتها واشنطن، والتي بدونها ما كان لها أن تتم، ونفذتها دولة الكيان.
صفقة يجب أن تكون درسا سياسيا، بأن أمريكا، لن تقيم وزنا لأي دولة أو نظام، مهما أبانت حرصا و”صداقة”، وربما الدولة الوحيدة التي تحرص عليها حرصها على ذاتها فقط دولة الفاشية اليهودية…غير ذلك كلهم سواء تبعية واحتقار وذل عندما ترى ذلك مصلحة لها.
لبعض دول العرب..أنتم أقل قيمة ومكانة وأهمية من ألمانيا في الحساب الكوني للمنظومة الإمبريالية من ألمانيا… مظلتكم في الحماية الشاملة لن تكون أمريكا ولا تل أبيب بل استقلالكم النسبي في سياق النظام المتبلور سريعا، فهو الخيار وغيره تبعية ورضوخ.
ملاحظة: أن يخرج شخص سعودي ليتحدث مع قناة عبرية، بأن 80% من السعوديين غير مهتمين بالقضية الفلسطينية، ورغم سذاجة الحكي واستعباطه، لكنه يشير الى أن سقوط بعضهم في وحل الدونية المستحدثة نحو دولة الفاشيين..الحذر واجب والحضور الفلسطيني أوجب!
تنويه خاص: تعليق وكالة “الأونروا” خدماتها التعليمية في مخيم “عين الحلوة”، والبحث عن “ذهاب” التدريس الى خارجه، لا يمكن اعتبارها خطوة “بريئة”..فهي تحمل مؤشرا بأن “النزوح” يدق بابه قبل ترتيبات “لبنانية يهودية” تلوح بالأفق..ولا عزاء للهمل والمتفرجين!