كتب حسن عصفور/ لليوم الثالث تستمر حركة المواجهة الفلسطينية، وخاصة حركة الجهاد وجناحها المسلح (سرايا القدس)، مع دولة الكيان، جيشا وأجهزة أمنية، حاولت حكومة نتنياهو، أن تفرض نهاية “المشهد السياسي” وفقا لما تراه للمستقبل العام، ليس ما يتعلق بدور الجهاد ومكانتها العسكرية، ولكن بكل ما له علاقة بالقضية الوطنية الفلسطينية، وقدرة الشعب الفلسطيني على بقاء المخزون الكفاحي لمواجهة المشروع التهويدي الاحتلالي الاحلالي للمشروع الوطني.
ملامح المواجهة بدأت تتضح سريعا، حيث حاولت حكومة “التحالف الفاشي” في تل أبيب، وعبر مؤتمر صحفي لرأس الطغمة ووزير جيشها، أن تبدو بأنها حققت جوهر هدفها، بتصفية قيادات مركزية في جناح الجهاد العسكري، وبأنهم لن يقفوا للقيام بأي عملية يرونها ضرورة “أمنية”، وتحت سقف “الغرور السياسي” تجاهل الثمن الذي يجب أن تدفعه تلك الحكومة، ثمنا لمجزرة كان غالبية ضحاياها أطفال ونساء ومدنيين، قياسا بالمسؤولين العسكريين، وتلك بذاتها جريمة خاصة.
دولة الاحتلال وحكومتها الفاشية، ترى في العملية العسكرية ممر عبور للخروج من أزمتها التي تهدد وجود تحالفها ومستقبله العام، وسد “الثغرات” التي قصفت مكوناته، فكشفت عن خلاف “فاشيين أغبياء” بقيادة بن غفير، يبحثون الذهاب بعيدا لارتكاب جرائم حرب، لا تقتصر على منطقة واحدة، و”فاشيين أقل غباء” نحو استغلال ما حدث، لتكريس “مرابح خاصة” ربما تخدم ما يمكن أن يكون، لاحقا فيما لو تم صياغة ما يعرف بـ “الحل الممكن”.
ووسط حرب دولة الكيان العدوانية وجرائم حربها المصورة ضد قطاع غزة، تقوم حكومتها وخارجتيها، وأجهزتها السياسية بحركة واسعة جدا لمحاولة “تضليل” عمليتها الواسعة، وأجرت اتصالات مباشرة مع ما يزيد عن 100 حكومة أجنبية، من خلال خارجيتها، وبعثاتها المتعددة، يبدو أنها بدأت تحقق بعضا مما تريد، كشفها بيان الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، والذي نشر باسم ناطقه الإعلامي، حيث تعامل مع الأمر وكأن هناك “طرفان” ساوى بينهما، وطالبهما بذات المطالب، متجاهلا وبشكل مثير للريبة السياسية، ان هناك دولة احتلال وشعب تحت الاحتلال.
ما حدث، كشف أن “الديبلوماسية الفلسطينية” هي الغائب الأكبر في المواجهة المستمرة، حيث اعتقدت أن دورها يقتصر على صدور بيان يقول إن إسرائيل تخالف الشرعية وتصرخ تطالب بتدخل، دون أن تشكل “خلية أزمة خاصة” لمتابعة كل تفاصيل العدوان، وتقوم بحركة اتصالات مباشرة مركزيا، وعبر البعثات الرسمية والمنتشرة في دول ربما يزيد عددها عن بعثات دولة الكيان العنصري.
غياب “الديبلوماسية الفلسطينية” هو انعكاس لغياب “الرسمية الفلسطينية”، بكل مكوناتها، منظمة تحرير ورئاسة وحكومة، تكتفي ببيان من هذا أو تصريح من ذاك، ثم تذهب الى يومها، وكأنها غير ذي صلة بحيثيات المواجهة والجريمة.
لم يكن منطقيا أبدا، ألا يكون هناك “خط اتصال ساخن” بين “الرسمية الفلسطينية”، مع قيادة الجهاد، خاصة أمينها العام زياد النخالة، بطرق متعددة، ليس فقط من باب التأكيد على وحدانية موقف الفعل، ولكن تنسيقا لجهد سياسي فيما بعد “وقف النار”، وخاصة أن هناك جهود مكثفة للوصول اليه، بشكل أو بآخر.
غياب فعل التواصل بين “الرسمية الفلسطينية” والفصيل المركزي في المواجهة العسكرية (الجهاد)، ثغرة سياسة كبرى، ستترك بصمتها على ما سيكون ما بعدها، ومحاولة البعض الاختباء وراء بيانات متناثرة، والإشارة لبعثة فلسطين في الأمم المتحدة بنيويورك وجنيف، فتلك لا يمكنها أبدا تبرير غياب غريب، كان لها أن تكون عنصرا حيويا مكملا للفعل الميداني، بل وتصبح طرفا تفاوضيا مع الأطراف الساعية للوصول الى “تهدئة” تراعي مصالح متوازنة وليس ربحا سياسيا أمنيا لدولة العدو.
ربما لا زال في الزمن فرصة، وإن ضاقت جدا، بأن يكلف الرئيس محمود عباس (من سفره) خارجية دولة فلسطين القيام بما عليها، وتكليف نائبه في حركة فتح الاتصال بزياد النخالة، وفتح قناة عمل مع قيادة الجهاد، بما يعيد ملامح “التمثيل المخدوش”، وأن تكون شروط التهدئة متوافقة وطنيا، وليس مقتصرة على بعد حزبي فصائلي.
الساعات الماضية، كشفت عيوبا جوهرية في المؤسسة الفلسطينية الرسمية والفصائلية، ليس بمسألة البعد العسكري فقط، بل فيما يرافقها، بعدا سياسيا وشعبيا، وكأن البعض يراهن وقفا سريعا للعملية العسكرية، بما يخدم مخططات تحوم حولها “شبهات واسعة”.
انتهاء المواجهة العسكرية دون ملمح سياسي إيجابي للفلسطيني، ستكون “نكسة” خاصة، عشية ذكرى النكبة الكبرى.
ملاحظة: كما اليوم اغتالت قوات “الفاشية اليهودية” الصحفية شيرين أبو عاقلة..ولا زال القاتل خارج الحساب…جريمة إنسانية تستحق أن يطارد مرتكبها للمحاسب’’..تذكروا يا أصحاب القرار.
تنوه خاص: لا يجب أن تصمت “الرسمية الفلسطينية” على بيان الأمين العام للأمم المتحدة، لأنه خرج عن قرارات المؤسسة الدولية، جمعية ومجلس وجنائية دولية، بيان لا يجب الصمت عليه أبدا!