كتب حسن عصفور/ بشكل مفاجئ، فتحت حكومة حماس “معركة جانبية” مضافة مع أهل قطاع غزة، بعدما استخدمت أجهزتها الأمنية كافة، بكل مكوناتها لمواجهة “حراك بدنا نعيش”، بما صاحبه ترهيب وتعذيب واهانات لكل فلسطيني رفض تلك الحملة الإرهابية النادرة، وسط صمت فصائلي ومؤسسات تدعي كذبا أنها تمثل حقوق الناس والإنسان.
وبعد “نجاحها الباهر” في كسر روح الغضب الغزي، كشفت حكومة حماس، انها فتحت خط تعزيز مع دولة الكيان لحكمها الانفصالي، من خلال شركات “خط التصريح السريع”، وتطوير آلية التنسيق الأمني الشامل مع أجهزة إسرائيل الأمنية الخاصة، دون رد فعل أو موقف من الحكومة الفلسطينية ووزارتها المعنية لغايات مجهولة، رغم مخاطر فعلتها.
ولأن حكومة حماس تعتبر أهل قطاع غزة مركبات تتحرك وفقا لرغبتها، فقد قررت يوم الثلاثاء 15 أغسطس 203، نقل المقبرة القديمة المسماة “التوينسي” وسط شارع بغداد في حي الشجاعية، بذريعة “إقامة مجمع مدارس”، وسط معارضة أهالي الحي وتقديم عدد من الشكاوى لمجلس ما يسمونه “الاجتهاد الفقهي” و”ذوي الاختصاص”.
ومن باب الاستخفاف المطلق الذي بات “المبدأ العام” لحماس حركة وحكما وحكومة في علاقتها بالمواطن، فقد اعتبر ما يسمى “رئيس مجلس الاجتهاد الفقهي” مازن هنية “، أن القبور من “الناحية الشرعية ليس ملكاً وميراثاً للميت، القبر مرحلة توارى فيه جثة الانسان، وهناك مدة زمنية إذا انتهت هذه المدة انتهى موضوع القبر، ويجوز أن تستعمل الأرض بحسب اعتبارات كثيرة “.
وبتدقيق فمثل ذلك الكلام، وبعيدا عن الزيف المعنوي قبل اللغوي، فهل يمكن تطبيق ذات القول على أي مقبرة تضم رفات قيادات إخوانجية أو من حماس بها قبور للشيخ أحمد ياسين أو أي من الشهداء الذي رحلوا بقصف عدو، أو مقبرة تضم رفات لقيادات حكم حماس الحالية..لو هناك مثل فليطبق كلام صاحب المنصب العجيب.
ولكن، والى جانب الادعاء الفارغ حول مفهوم حماس للقبور، وانكارها البعد الروحي للعلاقة بينه وبين أهل من بها، فما ذكره هنية، سيكون وثيقة اثبات “فقهية” ذات طابع شرعي ديني بيد حكومة دولة العدو، وسلطات الاحتلال، في حربها ضد المقابر في الضفة وتحديدا القدس وبيت لحم، حيث معارك منذ سنوات لا تزال مفتوحة، بين أهل الراحلين وسلطات المحتلين، وبذريعة “المصلحة العامة”.
بعد “الفتوى الحمساوية الشرعية”، التي دنست أحد أبرز مكونات الموروث الروحي، فيمكن لحكومة التحالف الفاشي الراهنة في تل أبيب، ان تعتمدها وتشهرها سلاحا لتنفيذ مخططها “التهويدي” للمقابر كجزء من مخططها التهويدي العام في الضفة والقدس.
والمفارقة، ان توقيت “الفتوى الحمساوية” لشرعية هدم المقابر بأنها ليست ملكا لأهلها، بل ملك للمصلحة العامة، تتوافق وحرب سموتريتش وبن غفير حول مقابر القدس والضفة، ما يمثل قوة دفع لمخططهم مستغلين ما قدمه المفتي الحمساوية لهم باسم الشرع والشريعة.
حاول أهل الراحلين داخل المقبرة القديمة “التوينسي”، التعبير غضبا عن تلك الخطوة الغريبة والخارجة عن كل تقليد اجتماعي ووطني، وسابقة لا مثيل لها في فلسطين، سوى ما نفذته دولة العدو، وأوضحوا، أن هذا القرار مخالف للوازع الديني والموروث الأخلاقي والتاريخي كون أن الآباء والأجداد مدفونين بها، وأنه لا يجوز من الناحية القانونية إزالة المقبرة إلا بموافقة ذوي المدفونين إلى جانب أن وجود العشرات من الشهداء، الذين واراهم ذويهم الثرى في هذه المقبرة.
حماس وحكومتها، وكما هي في علاقتها بأهل قطاع غزة، من غير جماعتها، تعتبرهم أرقاما، لا يملكون حق الغضب، فتلك “رفاهية” لا مكان لها في ظل “حكم الفتاوي الحمساوية”.
الاستخفاف الوطني العام، أصبح منهجا وشرعا لحماس، الحكومة والحركة، في ظل تواطئ فصائل ومؤسسات مع مسارها العام، فلم تعد تقيم وزنا لغير ما تراه، وحقا غياب العقاب هو بوابة لسوء الأدب العام.
ملاحظة: وتبقى جنين راس حربة المواجهة الوطنية…تكتب بنورها الكفاحي سطورا مضافة لترسيخ أن فلسطين لن ترهقها فاشية عدو و”صبانية فصائلية”…روح الثورة مخزون ينفجر في لحظة بحسابات شعبها وليس من يخطفون صورتها..جنين لك المجد فعلا وكلاما!
تنويه خاص: مبكرا على الديبلوماسية الفلسطينية القيام بحركة تطويق لما أعلنته دولة أورغواي بنقل سفارتها للقدس بعد باراغوي ..لا تتركوا الأمور للتساهيل..بدها شدة حيل وسريعة جدا قبل ما تنزل الفاس على الراس.