كتب حسن عصفور / لو أن أعضاء حزب “العدالة والتنمية” التركي أرادوا أن تكون مصلحة البلاد فوق مصلحة الجماعة وحزبها لعقدوا فورا مؤتمرا طارئا لاسقاط طيب رجب أردوغان من رئاسة الحزب وطرده من موقعه كرئيس لوزراء، لأنه لو استمر حاكما سيقود تركيا الى هاوية قد تفوق ما كانت عليه خلال الزمن الغابر، والمسألة لا تتصل بموقفه السياسي من اي تطور في المنطقة العربية، فتلك حريته ورؤيته التي لم تعرف طريق الصواب في أي منها حتى تاريخه، ولكن لما حدث يوم السادس من سبتمبر (ايلول) عام 2013 في المدينة الروسية سان بطرسبيرج “ليينغراد سابقا”، يوم سيبقى خالدا في الأجندة السياسية باعتباره شاهدا على انحطاط اردوغان السياسي والأخلاقي..
خلال مؤتمر صحفي عقده اردوغان قال أن “أي حكم غير حكم الأسد سيكون أفضل منه”، وهنا نفتح بابا واسعا لاستنتاج أن اي نظام بما فيه نظام حكم تنظيم القاعدة وكل فصائل الارهاب التي باتت قوى مسيطرة على مساحات بسوريا، السيد أردوغان يعلنها بلا أدنى خجل أن حكم القاعدة هو الأفضل له من حكم الأسد، القاعدة الفصيل الارهابي في تعريف العالم ودول حلف الناتو التي يشكل حزبه وحكمه رأس حربة به لضرب كل من يقف في مواجهة المشروع الاستعماري الأميركي، كأحد أهداف الحلف المعروفة للقاصي والداني، ما تحدث به رجل الناتو الأول في منطقة الشرق الأوسط ( اسرائيل ليست عضوا بالحلف الاستعماري)، والقارة الآسيوية يكشف حقيقة الموقف من الصراع على سوريا، فليس المهم من يحكم الآن، بل المهم أن يسقط النظام، وهي المقدمة العملية لاسقاط الدولة..
وأخيرا فضح اردوغان نفسه بنفسه، ولم يترك لأحد مجالا للإستنتاج، بأنه يهدف الى اسقاط الدولة السورية وتقسيمها كي تفتح له الطريق للسيطرة على قسم منها بالتحالف “الفكري – السياسي” مع “الجماعة الارهابية والاخوانية”، تصريحه لا يحتاج لتأويل أو تفسير، ولا يحمل أي كلمة غامضة يمكن تفسيرها بغير ذات المنطوق الذي يقول أن تركيا الأردوغانية تعمل من أجل اسقاط سوريا وتقسيمها وأن حليفها المركزي هو القوى الارهابية، بغض النظر عن المسمى، جماعة الاخوان أو تنظيم “النصرة” الارهابي، الذي قامت عناصرها باعدام جنود أسرى علنا، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الفيدو الخاص بتلك العملية القذرة والمنحطة، ويشكل الآن هذه الفيديو أحد أهم الادانات التي يستخدمها معارضي الحرب على سوريا ضد اوباما، وقام أحد اعضاء الكونغرس بسؤال جون كيري إن رآه فتهرب كيري بأنه لم يكن له وقت..
اردوغان لم يعد يخجل من التحالف مع القوى الارهابية في سوريا مادامت ستحقق له الهدف الذي يطمح له بتدمير القوة السياسية – الاقتصادية للدولة السورية، وهو الذي يقود حربا لا هوادة فيها ضد الحركة القومية الكردية التي تطالب فقط ببعض حقوق سياسية وثقافية، ولم تفعل كما فعلت القوى الارهابية في سوريا، يقود حربا ضد حركة قومية تطالب ببعض حقوق ويتحالف مع قوى الارهاب الرسمية لتدمير سوريا..
ولم تقف “فضيحة أردوغان التاريخية” عند حدود تفضيله حكم” تنظيم القاعدة الارهابي” على حكم “الأسد” بل أنه واصل هوايته في الكذب العلني، اردوغان خرج سريعا من قاعة مؤتمر قمة العشرين ليعقد مؤتمرا صحفيا معلنا أن هناك شبه اجماع بين الدول الحاضرة للقمة على توجيه ضربة عسكرية الى سوريا، وما هي الا دقائق فقط ليخرج الرئيس الروسي ليكشف الفضيحة الأردوغانية، ويؤكد أن غالبية الحاضرين يرفضون “الضربة العسكرية” بل ويطلبون الذهاب الى مجلس الأمن، ولأن الفضيحة لـ”رجل تركيا المريض” أصبحت تفوق كل الفضائح بالكذب العلني والصريح، خرج الرئيس الأميركي محاولا أن يساند رجله وحليفه لضرب كل قوة معادية لأمريكا في المنطقة، فقال أن هناك غالبية من 11 دولة تؤيد “رد قوي” وليس عسكري على استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وايضا من خلال مجلس الأمنن اي ان اي رد كان سياسي أو غير سياسي يجب أن يمر من خلال مجلس الأمن..
هذا هو موقف قمة العشرين الرافض فعليا للضربة العسكرية، حتى من يؤيد الرد القوي لن يستطيع المشاركة في أي عمل عسكري، ولذا يتقلص أنصار الضربة العسكرية الى المريض اردوغان ونتنياهو وهولاند الفرنسي ورابعهم أوباما ، وهكذا بات شعار الآربعة الذي يرفعه أردوغان رمزا لهذه الزمرة الرباعية التي ترغب بحرب عسكرية على سوريا..
يبدو أن اردوغان لم يعد يعرف ما يقول منذ أن سقط حلمه الخاص بسقوط حكم الجماعة الإخوانية في مصر، سقوط لحلم وهمي قام بتسويقه لأميركا منذ سنوات وعقد “صفقة تاريخية” مع ادارة بوش عام 2002 ليكون “قاطرة مشروع الشرق الأوسط الجديد” باسم “الاسلام السياسي المعتدل”، بعد أن اعتقل زعيمه في الحزب ومؤسس التيار الاسلامي بتهمة “الفساد، هذه الكذبة والخديعة لتمرير المشروع الاستعماري الجديد، تم اساقطها باسرع من كل تقديرات المخابرات الأميركية والتركية التي كانت حاضرة بقوة وفاعلية في قصر مرسي حتى عشية ترحيله تحت ضربات وحدة الشعب والجيش المصري..
اردوغان فقد “الحلم” ومعه فقد “العقل السياسي” وتحول لرجل يعيش في حالة من “الهذيان السياسي”، الى درجة أنه يتجاهل أن نموذجه الكاذب ليس سوى نتاج صفقة قدمتها له المخابرات الأميركية كما فعلت لشاه ايران بعد اسقاط حكم مصدق.. وما يتجاهله “رجل تركيا المريض” ان مستقبله تحطم تحت “اقدام شباب مصر” ولن يعود ابدا.. لذا كان هذيانه السياسي – الفضيحة الكبرى في مؤتمر سان بطرسبيرج “ليينغراد سابقا”..هي النهاية التي أوشكت، ليلحق هذا المصاب بعشق تدمير المنطقة العربية بمن رحل الى غير رجعة.. حتى حلم “الوالي الأميركي” على “الاقليم الأوسطي” لم يعد قائما..سقطت كل الأوهام يا سيد رجب..وتذكر ان من خان زعيمه ومعلمه الأول سيخون كل شيء من أجل المصلحة..”الغاية تبرر الوسيلة” مبدأ الجماعة الماسونية- الميكافيلية!
ملاحظة: الرئيس عباس هدد بأنه سيلغي “تبادل الآراضي” لو لم توافق اسرائيل على الاتفاقات السابقة، ومنها اتفاقه مع أولمرت.. بصراحة شديدة جدا التهديد مش مفهوم خالص..يعني بدك تفاوض أم لا..باختصار!
تنويه خاص: الجبهة الشعبية ارتكبت خطأين في ظرف قصير..وافقت على دعوة هنية للشراكة في ادارة غزة، بما يعني شراكة في ادارة الانقسام – الانقلاب..ثم استعراض حماس العسكري المعلوم أنه رسالة ارهاب لأهل غزة وضد مصر الثورة والجيش!