كتب حسن عصفور/ تتسارع حركة الأحداث مع اقتراب لقاء الفصائل الـ13 الفلسطينية، او ما يمكن أضافته من عدد غيرها، وفقا لقاعدة، ما يستجد من أعمال – فصائل، خاصة وأن هناك حركة تماثل فصائلية نتيجة “انشقاقات” حدثت في مرحلة سابقة، ومن الصعب عدم التعامل معها في ظل “تكتلات” ترتبط بها، وتحديد ملف التحالف في سوريا ولبنان..
ومن لم يحضر بالقطع لن يكون “عنصرا وديا” في التبريك لما سيكون، ما قد يجبر الحاضرين الى البحث عن “صيغ عرفاتية” لكيفية التعامل معها، وعل مثال جبهة التحرير الفلسطينية نموذجا يدفع الى ضرورة التفكير بتلك المسألة بعيدا عن “التشجن” الأعمى، مع معرفة أن “حجم” تلك القوى أساسا لا يمثل “ثقلا” مربكا لأي قرار وطني إعتراضا او موافقة، وقد أثتبت رحلة الانقسام ذلك خير إثبات..وأن كثير منها إستخدم لخدمة هذا الطرف أو ذاك من طرفي المعادلة الإنقسامية..
لذا ستكون بداية التفكير، هو إعادة تعريف “الفصائل الشرعية” فلسطينيا، وبالتالي حقها في العمل الرسمي ضمن الإطر الرسمية، وفقا لقانون خاص، تشترط اللا تمثالية الإسمية، والاحتكام الى المسمى الأصلي من خلال تشكيل “لجنة سياسية – قانونية خاصة، دون اي “تعصب شكلي”..وهذا سيرتبط فقط بمنظمة التحرير وليس بدولة فلسطين، التي سيحكمها قانون “أحزاب” ودستور وبرلمان!
التطرق الى هذا المسألة في مقدمة الحديث عن منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، كونها ستصبح “الإطار الجامع” لكل مكونات العمل الفلسطيني، خاصة في حال الاتفاق على “أسس التمثيل”، في حال تعذر الانتخابات في مناطق قد تربك المشهد العام..
رغم عدم وضوح “جدول أعمال لقاء القاهرة ” في 21 نوفمبر 2017، لكن هناك ما يشبه الإجماع على أن منظمة التحرير ستكون “بندا رئيسيا” من ذلك “الجدول المجهول” حتى ساعته، وعليه يجب التفكير بتلك المسألة بطريقة “ثورية جديدة”، وأن تخرج نقاشات “الفصائل” عن سياق “الثوابت الذهنية” للمرحلة الماضية فيما يتعلق بمنظمة التحرير، وقد تكون هذه المسألة تحديدا أكثر نقاط البحث ما يحتاج الى ما يمكن تسميته بـ”الإجتياح السياسي”، وكسر “بديهات” سادت طويلا، ومنذ التأسيس عام 1964 حتى ساعته، مرورا بقيادة فصائل الثورة للمنظمة منذ العام 1968، حتى ساعته..
العناصر الأساسية التي تتطلب “إعادة بناء” منظمة التحرير تشمل العناصر التالية:
* تعريف منظمة التحرير: منذ تأسيس المنظمة وحتى ساعته، والى حين، كان التعبير المرادف لها، أنها ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، تعريف إستند اساسا الى كونها تمثل “كيانية فلسطينية”، وهو ما أدى الى الإعتراف بها كعضو مراقب في الأمم المتحدة عام 1974، بعد أن خطاب الزعيم المؤسس الخالد ياسر عرفات، لكن ذلك التعريف يتطلب إعادة تحديد سياسي، بعد أن أصبح الاعتراف بدولة فلسطين عام 2012 كعضو مراقب في الأمم تطورا سياسيا للإعتراف بمنظمة التحرير، اي أن وجود دولة فلسطين، وهي الهدف المنشود، وكان له أن يعلن رسميا، لو التزم الرئيس محمود عباس بقرارات الشرعيتين الفلسطينية والدولية، ولذا لا يمكن مستقبلا، بعد قيام دولة فلسطين، الحديث عن أن منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.. فدولة فلسطين هي ممثل ويجب أن تصبح ايضا “دولة كل الفلسطينين”..
* الدور السياسي: ارتباطا بالبند الأول، من “إعادة تعريف” للبعد التمثيلي لمنظمة التحرير، فذلك يستدعي اعادة صياغة الدور السياسي، بما يأخذ بعد جديدا من المهام والوظائف والمواقع الجغرافية، خاصة وأن مكاتب المنظمة التمثيلية ستصبح بالضرورة سفارات للدولة الفلسطينية، ولذا يفترض ذلك تصويبا في المهام والدور للمنظمة، بحيث تصبح ذات بعد “كفاحي” من طراز جديد، اي أن التفكير بمهام ورؤية قد لا تتوافق مع سياق وجود دولة فلسطين، وتلك مسألة تتطلب من الآن تشكيل “لجنة خاصة” لبحث هذا المسالة بعيدا “عن العاطفة التاريخية” التي جسدتها، ولا تزال منظمة التحرير..
لجنة – لجان لمناقشة الدور – الوظيفة ومعها البرنامج، لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي قد لا يتطابق بالضرورة مع رؤية دولة فلسطين السياسية، خاصة وأن المنظمة عليها أن تحافظ على البعد التمثيلي للفلسطيني بدون “حدود جغرافية” كونها “الوطن المعنوي”، وقد تبرز قيمة هذه المسألة عند تناول حل قضية اللاجئين، والفلسطيني الذي لن يتمكن من نيل حق المواطنة – الجنسية لدولة فلسطين، خاصة فلسطيني الداخل 48، مع بروز ما يحاولون فرضة باسم “يهودية دولة اسرائيل”..
*قيادة منظمة التحرير- الرئاسة والمؤسسة: انطلاقامن التعريف والدور السياسي بات لزاما وضع فاصل واضح بين قيادة منظمة التحرير وبين قيادة دولة فلسطين، فدولة فلسطين سيكون لها رئيس منتخب دوريا، يمارس مهام رئيس الدولة بكل ما عليها من “قيود والتزامات”، ولها أيضا مجلس وزراء وبرلمان منتخب ومؤسسات ترتبط بالحدود الجغرافية، ولذا يصبح التفكير العملي – الضروري، لفصل الرئاستين فصلا كاملا، بحيث يصبح لمنظمة التحرير، بدورها الجديد، رئيسا خاصا، ينتخب من مؤسسات المنظمة التي ستكون مختلفة بدورها عن مؤسسات دولة فلسطين، والفصل هنا ضرورة وطنية وسياسية وقانونية أيضا..(يدرس شكل العلاقة المناسب بينهما)
ومع فصل الرئاسة يتم فصل تمثيل المجلس الوطني عن برلمان الدولة، ويكون لكل منهما انتخاباته الخاصة، لينتج ممثليين لتنفيذ البرنامج الخاص لكل منهما..
*البرنامج السياسي: قد يكون هذا البند أكثر القضايا الحساسة في المرحلة المقبلة،دون الخوض في تفاصيل راهنا، لكن لا يمكن مع قيام الدولة الحديث عن برنامج سياسي موحد للدولة والمنظمة، فلكل منهما “وظائف سياسية” مختلفة، حتى لو تكاملت، فالدولة يحكمها دستور أو قانون اساسي، وفقا للمتفق عليه، يتضمن فيما يتضمن موقف الدولة من كل القضايا التي تخص سياستها، ويقره البرلمان التمثيلي لها، وهو سيكون محكوما بجغرافية الدولة، فلن يكن عمليا ممثلا لكل الفلسطينيين ، مهما كانت “اللغة الإنشائية” حاضرة..بينما رؤية منظمة التحرير تتعامل مع القضية الفلسطينية بما هو أكثر شمولا وتعبيرا وتمثيلا، ترتبط بتاريخ القضية الوطنية ومستقبلها النهائي، خاصة وأن قضية اللاجئين لن تجد الحل الحقيقي لها، حتى وفقا لقرار 194..
أعلم يقينا صعوبة تفكير البعض بالنقاش في “مقدس” منظمة التحرير، لكن الحقيقة السياسية القادمة هي أكثر ضغطا وقوة من العاطفة..دولة قادمة..ومنظمة حاضرة، وظائف مختلفة حتى بتكاملية نسبية..
والحديث هنا لا يؤدي بالضرورة الى الفصل الكلي، بل يمكن بحث “صيغ” في تكاملية العلاقة بين المؤسسات والدور – الوظيفة لكن دون الحاق أو إحجاف واحدة بأخرى.!
ملاحظة: زيارة مدير مخابرات السلطة ماجد فرج “المفاجئة” الى غزة ولقاء وحيد مع قائد حماس في القطاع السنوار، تأتي بطلب رسمي من “غرفة التنسيق الأمني الثلاثية”..صحيح ليش كل “الود والعناق” لا يترجم سلوكا وممارسة في اعلام عباس!
تنويه خاص: تكرار “رغي” جماعة عباس عن لا نريد تكرار تجربة حزب الله، يكشف جهلا وغيابا عن النص الوطني.. السلاح في القطاع ليس بيد فصيل بعينه، الأهم الدور كليا مختلف..لا زالت الأرض محتلة يا “عباقرة”..تحدثوا عن استخدام الحق مش عن الحق، مش قلتوا “مقاومة ذكية”!