كتب حسن عصفور/ قطر دولة بلا سند سياسي أو شعبي، تحظى بعداء عام شاع في المنطقة ضدها حتى باتت كراهيتها من كراهية اسرائيل وأمريكا، خاصة بعد أن كشفت كليا وبجلاء عن دورها في تمرير المشروع الاستعماري الأخطر لتقسيم المنطقة، ودورها التآمري على الدول العربية، خاصة الكبرى منها، مصر والسعودية، عبر المال والاعلام والنفخ في صورة قوى “الارهاب السياسي وأداتها الجماعة الاخوانية”..وضمن “تحالف خفي” اصابها بالهلوسة انتظارا لاعلانها “قوة اقليمية” في اطار التفتيت أو ما يمكن تسميته بمشروع “قطرنة الدول العربية”، بعد تفتيتها الى بلدات وحارات، وهو مشروع لم يكن ضمن خيال، بل نشرت خريطته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، القوة الاعلامية التي وقفت خلف المشروع وساندت بلا “حياء” تيار “الارهاب السياسي وأداته الجماعة الإخوانية”..
ولكن حسابات قطر، لم تأت كما وعدت بها قبلا ومنذ ان انقلب الإبن على الاب عام 1994، يوم أن رسموا له “مستقبلا ورديا” لتحويل قطر من بلدة الى “دولة ذات نفوذ”، وكان لها بعضا مما وعدت به، خلال لعبة المال والاعلام وترتيب تحالفات بلا ملامح، فهي في الوقت التي كانت تقف ضد مصر والسعودية، باعتبارهما الهدف المباشر لخلع المنطقة من الدول المؤثرة أو ما عرف بـ”محور الاعتدال”، لعبت على التحالف مع “محور ايران سوريا” ومعهما حزب الله وحماس وكل القوى السائرة في ذات الفلك، وسمحت لقناتها أن تكون مرتعا لقوى الاخوان، وبدأت وكأنها في محور “الممانعة” ضد محور “الاعتدال”، لعبة سمحت بها أمريكا لدولة مكلفة بدور مرسوم ومحدد منذ انقلاب الابن حمد على والده خليفه..
مناورة سياسية واسعة نفذتها أمريكا من خلال الأداة القطرية، ومع بداية الحراك الشعبي العربي والانتفاضات الشعبية تجندت قطر مالا واعلاما واتصالات، وبتنسيق كامل مع القواعد الأمنية الأمريكية والاسرائيلية في قطر، من وضع مخطط لسرقة الحراك سريعا، وقبل أن تبدأ صحوة الأطراف صاحبة المصلحة الحقيقية في ازالة الاستبداد وترسيخ الشعارات التي رفعتها قوى التغيير الفعلي، عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة انسانية..سارعت باستغلال حضور قوى الارهاب السياسي التنظيمي وبالتنسيق مع بعض مؤسسات الدول ذات الحراك لفرض “خرائط طريق” تأتي باداة تمرير المشروع التقسيمي..
وكاد لها ان تحقق المراد، لولا صحوة مصر، شعبا وقوى وجيش لاسقاط حكم “الارهاب السياسي وأداته الجماعة الاخوانية”، الذي سرق الثورة أولا وخان الوعد والعهد لاحقا، وبدأ رحلة انهاك مصر والغاء هويتها القومية والعروبية بشعارت خادعة كاذبة باسم “الدين”، انتفضت مصر في واحدة من أهم ثورات التاريخ شعبيا، ثورة أظهرت أن المؤامرة الاستعمارية لن تمر..وسقطت أداتها في مصر، وتعرقلت في سوريا، وارتبكت في تونس، لتبدأ رحلة مطاردة أدواتها في أمكنة اخرى..
ويبدو أن قطر التي تسير ضمن “البوصلة السياسية الأميركية” سارعت للاستعداد من أجل “انقاذ ما يمكن انقاذه” من دورها ومكانتها، وبعد أن اخبرتها المفكرة الأمنية الأميركية ان المستقبل مظلم، بحثت عن تغيير سلوكها دون أن تخجل من تلك “الاستدارة الكلية”، لكن تبدأها بطريقة كيسنجرية..خاصة بعد الصفقة الأميركية الروسية في سوريا، ثم الموقف الأميركي من ايران وعودة الروح لمصر والسعودية والامارات ودول عربية أخرى، رفضت الهيمنة والمشروع التقسيمي، سارعت قطر بدعوة روحاني الايراني لزيارة قطر، ثم استغلت “مخطوفي أعزاز” علها تعود لدور “السمسرة السياسية” الى حين..
الا أن الخطوة الأهم التي تأتي لمحاولة “تنظيف سمتعها” تلك الجولة المفاجئة لامير قطر لزيارة دول خليجية، قد تصل نهايتها الى العربية السعودية، مرورا بالامارات، وهي فعليا دول من محور مضاد لمحور تركيا – قطر – امريكا، جولة قد تكون جردة حساب اعتذارية وتصويبة بعد أن بات واضحا أن أمريكا وتركيا و”الارهاب السياسي وأداته الإخوانية” لن يكون لهم قوة الفعل المستقبلي..تركيا عادت لجحرها الخاص، دولة في حدودها بلا أثر اقليمي بل هو “صفر دور”..فيما تنهض مصر وتجبر كل معادي ثورتها على مراجعة حسابتهم معا..
متغيرات تجبر دولة قطر بالاستدارة الكاملة حتى لو جاءت خطوة خطوة، لكن ملامحها بدأت دون خجل أو مكابرة..فالحامي الأكبر لها ولدورها المعادي للأمة لن يكون كما كان..وقادم الأيام سيكشف كثيرا من حالة التراجع التي اصابت “السند والظهر” لدورها في المؤامرة التي سقطت وبلا عودة..
قطر ستعود كما تركيا الى جحرها الخاص، تناور قليلا بقناتها الصفراء الى حين، لكن الزمن القادم ازال “حلمها العجيب” بأسرع مما اعتقد محركيها، ستعود قطر دون زيادة، بل ربما نقصان!
ملاحظة: أهلا بكل أسير يرى نور الوطن من خلال حريته، ولكن السؤال لما تصر دولة الكيان أن تطلق سراحهم بعد منتصف الليل..وهو ما لم يكن مع صفقة شاليط..اتذكرون كيف توقف اعلام العالم حينها لتغطية الصفقة!
تنويه خاص: صدق الرئيس عباس بقوله أن “الاستيطان باطل..باطل”..ولكن هل هذا ما يحدث حقا فوق أرض “بقايا الوطن”..وهل لكلمة “باطل من اجراء تنفيذي” ام هي كلمة والسلام !