كتب حسن عصفور / بداية تعريف الفلسطيني المنسوبة للمفاوض لا تعني أنه ممثل للشعب الفلسطيني، بل هي صفة له لأنه في واقع الأمر يفاوض بغير ارادة الشعب وقيادته الشرعية الممثلة في منظمة التحرير، وليس معبرا عن غالبية القوى السياسية الفلسطينية، هو مفاوض باسم الرئيس عباس وحركة فتح، وهو ما لا يمنحه حق الحديث باسم الشعب العام، رغم أنه يمثل الرئيس بصفته وليس مكانته، وهذا توضيح لا بد منه كي يدرك الفريق “الفتحاوي” المفاوض ان ما يقوم به هو فعل يتناقض مع الارادة الشعبية الفلسطينية، ويمكن أن يعود اي منهم لأي عملية قياس موضوعية للرأي في “فلسطين التاريخية” وشعبها في الدخل والشتات، ليدرك أنه ليس ممثلا للشعب لا موقفا ولا حضورا..
ولأنه فاقد الشرعية السياسية، فهو لا يقيم وزنا ولا اهمية لكل ما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي في أرض “دولة فلسطين” التي حددتها الأمم المتحدة بقرارها الأخير، حدودا وعاصمة، ولأن الحديث عن الاستيطان والتهويد وعمليات القتل لم تعد تؤثر في “جلد المفاوض الفتحاوي السميك”، فإن يوم الجمعة 20 سبتمبر – أيلول، شهد حادثة تكفي لمن يملك بعض من دم أو حمرة “خجل وطني” لأن يخرج ناطق رسمي باسم المتفاوضين أو الرئاسة الفلسطينية ليعلن وقف كل أشكال “التواصل” مع الطرف الاسرائيلي، وقف التفاوض المخجل والمعيب والمهين للشعب وتاريخه، ولحركة فتح التي قادت ثورة شعب وسط الظلام السياسي..
منذ ايام والاعلام العام يتحدث عن عمليات تدمير قرية “كحكول”، هي قرية بالتعبير المجازي لانها تفتقد لكل أشكال الحياة الانسانية، تسمى “خربة” في الكلام الدارج بفلسطين، لا تبعد كثيرا عن مقر سكن “كبير مفاوضي فتح”، والمفارقة انه قام بزيارتها وأطلق منها تصريحا ناريا مدويا، اعتبر ما حدث للقرية “جريمة حرب” ولأنها كذلك كان يفترض أن يكمل المفاوض الجملة بقوله وبناءا عليه لن نقوم بعد اليوم بمفاوضة هؤلاء المجرمين.. ولكن التصريح لم يكن بغرض اتخاذ موقف بل كان لتسجيل موقف اعلامي أمام من تشردوا بفعل فاعل يفاوضه المتحدث..
ولأن المسألة لم تقف عند حدود تدمير القرية ثلاث مرات متتالية، وسط اصرار الذهاب الى القدس المحتلة لاجراء جلسة بحث عما يتفاوضون عليه، فقد أصر وفد من قناصل عدة اوروبية ووفد من منظمات أممية وبعض العاملين بها من هم أبناء لشعب فلسطين، على القيام بحملة تضامن عملية وليست كلامية لمكان البلدة المدمرة بـ”الثلاثة”، وعند وصول الوفد الديبلوماسي والدولة الى حيث آثار “جريمة الحرب” حدث ما لم يكن ضمن حساب السادة الديبلوماسيين اصحاب الحصانة والذين يمثلون دولا عضوة في مجلس الأمن، ولحسن حظ أهل “محكول” ان وكالة “رويترز” كانت شاهدة لتنقل ما حدث الى الرئاسة الفلسطينية وفريق فتح التفاوضي وايضا للعالم ودول الفريق التضامني..
” وشاهد مراسل رويترز جنودا يلقون قنابل الصوت على مجموعة من الدبلوماسيين وعمال الاغاثة والسكان المحليين في الضفة الغربية المحتلة ويسحبون دبلوماسية فرنسية من الشاحنة قبل قيادتها بعيدا بما تحمله من مساعدات. وقالت الدبلوماسية الفرنسية ماريون كاستينج “سحبوني خارج الشاحنة ودفعوني على الأرض غير مبالين بحصانتي الدبلوماسية.”
واضافت وقد غطاها التراب “هكذا يحترم القانون الدولي هنا.”
هذه لقطة واحدة من لقطات المشهد في تلك القرية – الخربة فيما هناك مشاهد أخرى ترويها الوكالة العالمية علها تكون شهادة صارخة لمن يصر على أن يصم أذنية ويغلق عينية ويقفل فمه، كي لا يقول الحق لأهل وطنه :” وقال دبلوماسي اوروبي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث إلى وسائل الاعلام “هذا امر صادم ومثير للغضب. سنبلغ حكوماتنا بهذه التصرفات. “(وجودنا هنا) مسألة واضحة من مسائل القانون الانساني الدولي. ووفقا لمعاهدة جنيف يجب على القوة المحتلة مراعاة احتياجات السكان في المناطق المحتلة. هؤلاء الناس لا يتمتعون بالحماية.”
وبعد ماذا يمكن أن ينتظر من يجلس في موقع القيادة كي يوقف هذه المهزلة العار، متى يصاب هؤلاء ببعض من “الخجل الوطني” ويشعرون بأن ما يفعلون هو “جريمة حرب سياسية” في حق الشعب والوطن والدولة..
كفى عارا يا سادة!
ملاحظة: غريب أمر حركة “حماس”، تتذكر الأقصى والمقدسات بالتظاهر في شوارع قطاع غزة..ولا تفعل شيئا في شوارع الضفة الغربية وشوارع القدس لا العتيقة ولا الجديدة..صحيح لما لا ترفعون علم فلسطين بدلا من تلك “الخضراء”!
تنويه خاص: لا زال رد الفعل الفلسطيني الرسمي على تصريحات مبارك لم تصل الى ما يجب أن تكون “حملة وطنية عامة” لرد الاعتبار للرمز الخالد..صحيح فتح والرئاسة ليش لا حس ولا خبر!