كتب حسن عصفور/ لعل الغالبية المطلقة والتي قد تصل الى 99.9% من الشعب الفلسطيني مقتنعون تماما، بأن “لقاء العلمين” للفصائل الفلسطينية في غياب البعض، لن ينتج ما هو جديد لقطع الطريق على الظاهرة الانقسامية – الانفصالية، بل ربما العكس، يرونه تعزيزا لها، وفقا لمقدمات لا يمكن لجاهل ان لا يراها، وثقافة الكراهية المتنامية بشكل فاق كل ما سبقها.
غياب التوقعات الإيجابية لا يدخل في باب “التفاؤل والتشاؤم”، كما يحاول البعض أن يقدم المشهد كي يبرر تكرار المشاهد بذات الوجوه، في أماكن مختلفة والنتيجة مزيدا من “الشقاق” مع كلمات من “”النفاق”، ولكن التقييم الموضوعي للقاء الجديد مرتبط بواقع مقروء، ولذا من الصواب ألا تذهب التقديرات بعيدا.
ومع الرؤية “اللا بيضاء” لـ لقاء العلمين”، يمكن تسجيل أن مشاركة الرئيس محمود عباس للمرة الأولى في لقاء فلسطيني- فلسطيني، بعيدا عن “لقاء الصورة” في الجزائر، و “لقاء الزوم” البيروتي، خطوة هو الرابح الأول منها، تعزيزا لشرعيته المهتزة منذ إعادة المجلس المركزي تأكيد رئاسته لدولة فلسطين فبراير 2022، ومكانته السياسية التي تلاحقها كثيرا من حالات الطعن، بعيدا عن الصواب منها أم عدمه، لكن تلبية دعوته للحوار، وخاصة من قبل حركة حماس، الفصيل التشكيكي الأكبر بمكانته، ربح له وحركته.
“المربح الخاص” للرئيس عباس قد يكون عامل مساعد لتحديد ملامح “توافق ممكن سياسي” بخطوات خارج الشعارات الكبيرة، والتي تدخل راهنا من باب المستحيل السياسي، ولذا يصبح الأمر مرهونا كيف يمكن صياغة “الممكن مقابل المستحيل”، حتى لا تصل المسألة الى السواد الأعظم، والذي تراهن عليه كل قوى أعداء الشعب الفلسطيني.
من بين عناصر “الممكن السياسي”:
- صياغة موقف موحد باسم الفصائل المشاركة جميعا، وليس خطأ مساءلة من لم يحضر احتجاجا، تأييدا لرفع مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة من دولة عضو مراقب الى دولة كاملة العضوية، لتصبح وثيقة سياسية معززة للرسمية الفلسطينية في تحركها الجديد، قبل ذهاب الرئيس محمود عباس الى الأمم المتحدة ليتحدث باسم فلسطين وتقديم ذلك من منصة الجمعية العامة شهر سبتمبر القادم.
- صياغة موقف موحد رفضا لكل “اشكال التقاسم الوظيفي” مع دولة الاحتلال وأي طرف آخر، واعتبار ذلك خيانة وطنية، ومن يخترق ذلك يصبح مطلوبا للعدالة الوطنية.
- وضع قواعد سلوك سياسي للمرحلة القادمة، فيما يبقي قنوات العمل مفتوحة، بأشكال جديدة، وألا تبقى في سياق لقاءات “الصدفة” أو “المجاملة”، ما قد يستدعي وضع “آلية محددة” لذلك، بحيث تكون تتابعية، لرسم ملامح “تطورات الممكن” و “محاصرة المستحيل”.
- “آلية العمل” القادمة تتضمن خلية عمل مسؤولة، تكون حركتها مفتوحة داخل “بقايا الوطن” وخارجه.
- تبحث في رسم رؤية عمل حول المرحلة الانتقالية وآلية تنفيذ قرارات فك الارتباط المقرة سابقا.
- بحث العلاقة بين منظمة التحرير والسلطة القائمة الى حين إعلان دولة فلسطين.
- التفكير العملي حول أطر منظمة التحرير وآلية التطوير والتعزيز، بما يشمل انضمام القوى كافة لها، دون المساس بتمثيلها وشرعيتها الى حين تحديد علاقتها بدولة فلسطين.
- وضع قواعد مواجهة دولة الاحتلال وأدواتها الإرهابية، جيشا وأمنا ومستوطنين، دون أن يصبح الأمر وكأنه استخدام معاد للسلطة الفلسطينية القائمة، مع خلق قنوات “تنسيق فلسطيني- فلسطيني خاص”.
- مدونة سلوك أخلاقي – إعلامي، ترتبط بآلية المتابعة السياسية، للحد بالمستطاع من مرحلة التخوين العام، وفوضى “ذباب مواقع التواصل الاجتماعي”.
التوافق على عناصر “الممكن السياسي” في لقاء العلمين تساهم عمليا بفتح الطريق للذهاب لاحقا لمحاصرة ما يراه البعض “المستحيل السياسي”، بعيدا عن “الصربعة” أو “البلادة” السائدة في المشهد العام.
ملاحظة: أصيبت حماس وحكمها وأجهزة أمنها وعناصرها بحالة هلع غريبة، بعدما نشر بعض من عناصر حركة فتح وآخرين أن “موعدهم” يوم الأحد 30 يوليو للحراك العام في قطاع غزة…ردود الحمساوية كشفت هشاشة حالهم..الرعب كمان شكل “جهادي”!
تنويه خاص: من باب كسر رتابة “لقاء العلمين”، ليش ما يتصل الرئيس محمود عباس مع زياد النخالة وطلال ناجي ومسؤول الصاعقة ويطمنهم شوي..مكالمة بتكلفه كم دولار ولكن بتربحه “طن سياسة”..بدها تحريك زوايا يا رئيس.