كتب حسن عصفور/ ساعات بعد أحد أخطر القرارات السياسية، التي أقرتها حكومة “التحالف الفاشي المستحدث” حول تسريع مشروع التهويد والضم في الضفة والقدس، وكسر جوهر المشروع الوطني الفلسطيني وكيانه المستقبلي، أقدمت على سحب الضوء الإعلامي عن فعلتها، عبر بوابة أمنية في جنين.
ونتيجة التطورات الميدانية خلال عملية جيش الاحتلال في مخيم جنين، ومشهد تدمير أحد آليات العدو، وما صاحبها من “نشوة انفعالية” لمشهد غاب طويلا عن المواجهات الدائرة، ورغم استشهاد 6 في جنين بينهم طفل ولاحقا سابع في حوسان ببيت لحم، وإصابة ما يزيد على 100، مقابل 7 جنود من الجيش الغازي وكلب للمساعدة الأمنية، فما كان بدأ كأنه “نصر تكتيكي” للعمل الفدائي.
وبعيدا عن مسار التقييم وتطوراته الخاصة، فالمسألة الجوهرية، أظهرت دولة الاحتلال أن الخطة الاستيطانية التهويدية الكبرى، لن تمر عبر قرارات حكومية فحسب، وتسارعها لن يكون صامتا، بل هناك خطة أمنية مترافقة لخدمتها، تهدف بشكل رئيسي لكسر شوكة “السلطة الفلسطينية القائمة” وتشتيت “بقايا هيبتها”، ووضعها تحت ضغط شعبي فريد، بل وتعرية دورها وموقفها، بالتوازي مع عمليات عسكرية ميدانية متلاحقة.
يعتقد البعض الفلسطيني، بحسن نية أو بخبثها، أن الهدف الأمني القادم لأي عملية عسكرية هو “فعل أمني احتلالي في مقابلة فعل مواجهة فدائي”، معادلة قد تراها بعض الأطراف المحلية تطورا نوعيا، ولكن الحقيقة السياسية لا تقود الى ذلك الاستنتاج، بل هو استغلال آخر، لتمرير البعد الجوهري للقرار الحكومي الأخير، نحو “أسرلة الضفة والقدس وتهويدها”.
من خلال تجارب المواجهات السابقة، وخاصة المواجهة الكبرى بين 2000 – 2004، يمكن مراقبة كيف استغلت الحكومات الإرهابية في دولة الكيان ذلك لخدمة مشروعها الاستيطاني الخاص، وهو ما سيكون الطريق الذي ستذهب لتنفيذه حكومة الفاشية القائمة، وذلك عبر البحث عن شكل جديد لسحب المواجهة نحو مربع “عسكري” يكسر الغضب المتوقع محليا وإقليميا ودوليا جراء القرار الأخير.
والسؤال لم يعد هل ستكون هناك عملية عسكرية أمنية أم لا، بل سيكون الأمر الأساس حول طبيعة تلك العملية، شاملة، محدودة، متواصلة أم متدحرجة، ولم يتأخر النقاش داخل المؤسسة الحاكمة في دولة الكيان، فالمحور الإرهابي الفاشي بقيادة سموتريتش وبن غفير، يبحثون عملية عسكرية شاملة في الضفة والقدس، تنفيذا لمخططهم التهويدي العام، فيما يذهب قادة المؤسسة الأمنية نحو تفكير متدحرج، وفي مناطق محددة، لأسباب تكتيكية وسياسية في آن.
قادة الأمن في دولة الكيان، بحكم خبرتهم ومتابعتهم الخاصة، يدركون أن عملية واسعة قد تكون فعل “توريطي” لا يمكن السيطرة على تطوراته، وما يمكن أن يحدث من تفاعل داخل مكونات السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، والتي يعيش غالبية عناصرها تحت ضغط فريد، ما يدفع نحو قيادة العمل الفدائي، وخاصة أن حركة فتح، التنظيم الرئيسي للمؤسسة الأمنية الفلسطينية بدأت تدرك جيدا، أن أحد أبرز أركان “مؤامرة الضم والتهويد” هو اضعافها بصفتها عامود الوطنية الفلسطينية، مقابل تعزيز دور ومكانة معاكسيها أو من يقف مستعدا لدور “البديل الوظيفي”.
خيار “العملية العسكرية المتدحرجة” هو الخيار الذي يخدم جوهر الخطة الجديدة لحكومة التحالف الفاشي، مع إمكانية مراجعة حسابات الربح والخسارة الأمنية والسياسية، وفقا لمسارها وما يترتب عليها من ردود فعل فلسطينية، وإقليمية ودولية، ما يمنحها فرصة التحكم بالتسريع أو التبطيء، دون خروج عن سيطرة لا معرفة لما سيكون بعدها.
وكي لا يصبح الأمر مسارا تهويديا، مع بعض فعل فلسطيني محدود وجزئي، لا يجب الانسياق وراء المخطط المعادي، والذهاب في ذات السياق، بل يجب فرض مسار من غير لا يحتسب، وذلك من خلال:
أولا – قرارات مواجهة ميدانية تشمل:
*قرار رئاسي فلسطيني باعتبار كل “الوجود اليهودي” فوق أرض دولة فلسطين هو وجود استعماري احتلالي مقاومته بكل السبل حق مشروع لكل فلسطيني.
*قرار حقيقي بتفعيل “القيادة الوطنية الموحدة”، وليس ان يتم دعوتها مزاجيا، ويكون ضمن قيادتها ممثلين للمؤسسة الأمنية الفلسطينية”.
*قرار بتفعيل دور “المجلس العسكري الأعلى” ليصبح قيادة ميدانية داعمة، وأن يرسم ملامح دور الأجهزة في عملي المواجهة القادمة.
* قرار بتشكيل “قيادة ميدانية خاصة” في كل محافظة، تأخذ واقع المنطقة والقوى الفاعلة ودورها.
ثانيا – قرارات سياسية:
*منح اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير دورها، ووقف الحظر الرئاسي المفروض عليها، وأن تعود لقيادة المسار العام.
*تشكيل خلية مصغرة منها للعمل اليومي تكون منسقا بين “عمل المواجهة والحركة السياسية”، تعكس صورة وحدوية.
*العمل على تطبيق قرارات المجلس المركزي واللقاءات السياسية المجمعة، بشكل فوري، والكف عن التهديد باستخدامها.
*إبلاغ جامعة الدول العربية ورئاسة القمة العربية بالخطة الفلسطينية، لتشكيل حاضنة سياسية، وقطعا على أي محاولة للطعن كما حدث سابقا خلال المواجهة الكبرى بعد معركة كمب ديفيد، التي انحاز البعض العربي الى أمريكا على حساب فلسطين وزعيمها الخالد ياسر عرفات.
*وضع خطة تطبيق قرارات المجلس المركزي حول فك الارتباط مع دولة العدو واحتلالها نحو إعلان دولة فلسطين كـ “وديعة سياسية” لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، على طريق طلب حماية دولية وفق البند السابع لميثاقها.
ثالثا – قرارات قانونية – حقوقية
*تشكيل لجنة وطنية خاصة بمتابعة عمل المحكمة الجنائية الدولية، بكل الملفات قيد البحث.
*متابعة عمل محكمة العدل الدولية حول قرار ماهية الاحتلال.
*مجلس تنسيقي مع منظمات حقوقية عربية – دولية وربما إسرائيلية لتعزيز الموقف الفلسطيني.
تلك بعض ملامح رؤية فلسطينية لفرض مسار المعركة الكبرى التي انطلقت مع قرار حكومة التحالف الفاشي، وليس رد فعل لمسارهم الذي بدأ وما سيكون من عملية أمنية متدحرجة.
ملاحظة: استقبال مندوبة الرئيس المفتخر بصهيونيته بايدن من قبل ممثلي الرسمية الفلسطينية ودماء شهداء معركة جنين تسيل كان سقطة سياسية كبيرة..اذا الناس ما شعرت بجد أنكم رافضين لسلوك العدو وجداره الواقي أمريكا ولا عمركم بتكسبوا احترام فلسطيني!
تنويه خاص: أخطأت حركة الجهاد وجناحها العسكري ببيناها حول الحدث الجنيني…التسابق في بحث مكسب آني لا يكون بتجاهل جوهر اللي صار..الجهاد بعد معركة أيام غزة الخمسة ربحت تعاطف لم تربحه طوال سنوات..بلاش يضيع تحت لحظات انفعالية أو حسبة “زغيرة”.