كتب حسن عصفور/ وأخيرا وجدنا من يتقدم بموقف أو مقترح يكسر”التقليد السياسي” السائد في فلسطين للخروج من ثنائية الانقسام – التفاوض، وما يلحقه استمرارهما من خطر يتهدد الشعب الفلسطيني هوية وقضية، ويقطع الطريق على تحقيق الهدف الوطني بالتحرر والاستقلال وبناء “دولة فلسطين”، تقدم القيادي التاريخي في الحركة الوطنية الفلسطينية نايف حواتمة وعبر تصريحات علنية بـ”رؤية – مبادرة” لكسر روتين المشهد، تبدأ بقيام حركة حماس ومسؤولها الأول في قطاع غزة اسماعيل هنية بالتخلي الفوري عن كل مسمياته الحكومية، وطالبه بتقديم استقالته الفورية للرئيس محمود عباس أو للإطار القيادي الفلسطيني، الذي تم الاتفاق عليه في لقاءات القاهرة منذ شباط (فبراير) عام 2011، استقالة بلا شروط أو اشتراطات..
ويكمل “حواتمه” رؤيته – مبادرته الخاصة، بقيام الرئيس عباس وفورا بقبولها والدعوة الى عقد الاطار القيادي الفلسطيني من أجل بحث تشكيل “حكومة التوافق الوطني”، عندها يتم اصدار مرسومين بالتزامن وليس بالتتالي يتم فيهما اعلان “حكومة التوافق الوطني اسماءا ومهام محددة، ومرسوم يعلن موعد الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية لدولة فلسطين والمجلس الوطني الفلسطيني، على أن لا تتجاوز تلك الفترة الانتقالية للحكومة والانتخابات عدة اشهر، تكون المدة ضمن التوافق المقبول، وانتخابات تقوم على اساس مبدأ التمثيل النسبي الكامل..
وكي يكون لتلك الخطوة مصداقية، طالب حواتمة ان تتوقف المفاوضات الدائرة، خاصة في ظل مؤشراتها الكارثية، ويتم الاتفاق على رؤية سياسية وطنية تستند الى تعزيز مواجهة الاحتلال عبر مقاومة شعبية جادة، وليس وفق الطلب وبحسابات “خدمية” لأغراض تفاوضية، والعودة لتفعيل الحركة السياسية نحو المؤسسات الدولية لتعزيز مكانة “دولة فلسطين” من جهة ومطاردة “دولة الكيان” على جرائمها من جهة أخرى..
مبادرة حواتمة تأتي في وقتها وزمانها، وربما هي الأولى التي تحمل ذلك التحديد، بأن تبادر حركة حماس بالقيام بالخطوة الأولى لكسر “الحلقة الانقسامية” والتوجه الفوري نحو ترسيخ مكونات توافقية وطنية، باعتبار ذلك طريق الانقاذ للحفاظ على قضية الشعب الوطني، وهي بلا شك مبادرة ورؤية تحمل وضوحا لا يحتاج الى مزيد من المناورات السياسية لو كانت هناك رغبة جدية وجادة من قيادة حركة “حماس” لوضع حد لمهزلة الانقسام كي يتم التوجه الحقيقي لكسر مهزلة التفاوض بكل مخاطرها الكارثية على المشروع الوطني الفلسطيني..
قيام حماس بالاستجابة لمبادرة حواتمة يمنحها ايضا مخرجا لأزمتها الكبرى القادمة مع الشقيقة مصر بعد اعتبار جماعة الاخوان، والتي تفتخر حماس بأنها من لحمها وشحمها، حركة ارهابية ما سيكون له اثر مباشر وغير مباشر على اوضاع قطاع غزة السياسية والانسانية، مهما كابرت قيادة حماس أو لجأت الى استغلال البعد الانساني لأزمة القطاع، فيما ستكون المبادرة الجديدة أداة اختبار لموقف حركة فتح والرئيس عباس وجدية كلامهم المتتالي عن مطالبتهم حماس بانهاء الانقسام والحضور نحو مربع المصالحة..
المبادرة الجديدة تضع طرفي الأزمة أمام اختبار حقيقي، فتجاوب حماس معها يتطلب تجاوب فتحاوي فوري، اما في حالة رفض حماس هذه المبادرة يكون كل الكلام عن انهاء الانقسام خداع وكذب سياسي مكشوف، فيما لو تقدمت حماس بخطوتها وتلكأت فتح وعباس في التعاطي الايجابي السريع معها، ينكشف للعامة أن المصالحة لم تعد خيارا من خيارات فتح وأن المفاوضات هي خيارها بما يؤدي فعليا لخروجها عن دائرة “الاجماع الوطني” وتحملها مسؤولية استمرار الانقسام بكل تبعاته السياسية، وان بديلها هو المضي في مفاوضات تؤدي بما هي عليه من فقدان شرعية وطنية وشعبية الى حل انتقالي على حساب المشروع الاستقلالي التحرري الفلسطيني..
وفي حال التعامل السلبي مع المبادرة الجديدة لطرفي الأزمة أو احدهما يستدعي ذلك الى ضرورة البحث عن بلورة تحالف سياسي جديد يستند الى التيار الوطني الأعرض لمواجهة طرفي الأزمة أو من يرفض المضي بمبادرة كسر الانقسام وكسر التفاوض، وهو يستدعي من الفصائل والشخصيات والمؤسسات والهيئات كافة، الرافضة للانقسام والتفاوض المشؤوم الى الاتفاق على تشكيل “جبهة سياسية موحدة” بمهام محددة وواضحة لمواجهة الخطر المحدق، واعتبارها جبهة انقاذية للمشروع الوطني ومستقبل قضية فلسطين..
المبادرة تستحق كل الجهد الوطني لكي تجد طريق النجاح، بعيدا عن تكلس بعض الفصائل الذي قد تصاب بحساسية الطرف المبادر..مبادرة تفتج طريق الانقاذ في حال التجاوب معها وتفتح طريق بناء تيار الانقاذ الوطني في حال التجاهل لها من طرف أو طرفي الأزمة..
ملاحظة: اعلنت مركزية فتح أنها ضد اي حل انتقالي أو مؤقت للقضية الفلسطينية..موقف هام جدا، لكن زيارة كيري ومشروعه سيكون المحك الحقيقي لاختبار صدق الكلام!
تنويه خاص: موافقة لجنة وزارية اسرائيلية على ضم الاغوار تشكل لطمة سياسية لفريق التفاوض..سنرى كيف يكون الرد غير التهديدات الفارغة!