كتب حسن عصفور / منذ أشهر نشرت صحيفة ألمانية ( دير شبيغل ) تقريرا نسبته لأوساط من القائمين على التحريات الخاصة بمحاكمة قتلة الشهيد رفيق الحريري ، أشارت فيه إلى ضلوع ‘حزب الله’ وأوساط أمنية سورية بالمشاركة في عملية الاغتيال ، وانتهت الضجة التي صاحبت التقرير بنفي مصادر قريبة من المحكمة لما جاء في الصحيفة الألمانية ، ومجددا شاعت في الأفق اللبناني معلومات تعيد بعضا مما جاء في ذاك التقرير ، حيث تقول أوساط ديبلوماسية إلى أن هناك 17 متهما من عناصر حزب الله مشاركون في العملية ..
ولم يعارض ‘ حزب الله ‘ في حينه إجراء تحقيق ما مع من أرادتهم أوساط المحكمة ، لكن دون أن يعتبر ذلك مساسا بالحزب ذاته ، بل كعمل فردي لخدمة قضية التحقيق وليس عملية اتهام كما روجت لها بعض الأوساط الغربية والإسرائيلية ، وفتحت الإشاعات والمعلومات التي تسربها مصادر أمريكية – إسرائيلية حول تورط ‘ حزب الله ‘ وأن نتائج التحقيق التي ستصدر في أيلول (سبتمبر) القادم من المحكمة ستتهم الحزب بأنه كان طرفا في عملية اغتيال الحريري ..
ويشهد لبنان في الآونة الأخيرة ‘ حربا كلامية’ حول ما يسمى تسييس المحكمة الدولية لخدمة ‘ أجندات’ ترمي لإدخال لبنان في دوامة حرب جديدة سواء منها العودة لحالة الاستقطاب الحادة بين الطوائف ما قد ينتج عنه أحداث أمنية شبيهة بما حدث في مايو ( أيار) 2008 عندما احتلت قوات حزب الله وتحالفه العاصمة بيروت ، تعيد ما تم تطويقه لاحقا ، أو أن تستغل إسرائيل ذلك وتقوم بحربها الخاصة ضد لبنان وبالأساس منه ‘ التواجد العسكري لحزب الله ‘ وهو المؤشر الأقرب إلى الواقع ، حيث ترى حكومة نتنياهو أن بعض أزماتها السياسية قد يتم تأجيلها عبر حرب خاصة في الجنوب اللبناني ..
ولعل ما تقوم إسرائيل بعمله في الآونة الأخيرة حول نشر خرائط لما تسميه ‘ مواقع عسكرية جديدة’ لحزب الله في الجنوب ، وما سبق أن تحدثت عن أسلحة صاروخية تصل إليه عبر سوريا ، ثم تضخيم أي معلومة أو حدث عسكري ، كما حدث في أحداث بين قوات ‘ اليونيفيل الدولية’ وبعض سكان الجنوب ، قامت فرنسا بنقلها إلى مجلس الأمن ليستنكر الحدث ، وهو حدث كان يمكن حله دون ذاك التصعيد ، لكن المخطط القادم هو نصب كمائن من نوع خاص في لبنان ..
إسرائيل تستعد بكل طاقتها لفعل ساخن ، ليس في الصيف كما يشاع ، لكن الوقائع تشير أنه سيأتي بعد نشر تقرير محكمة الحريري ، حيث تقول مصادر متعددة أوروبية وأمريكية ووفقا لأوساط لبنانية قريبة من ‘حزب الله ‘ أن التقرير ربما يكون قريبا جدا مما جاء من ‘ اتهامات’ لـ’ حزب الله ‘ ما يمكن لتل أبيب وبالتواطؤ مع باريس وواشنطن استغلاله لتنفيذ ضربتها العسكرية الانتقامية .. حيث تهدف من وراء ذلك توجيه رسالة إلى دمشق وحماس في ذات الوقت .. وقد تكون تدريبا أوليا لما يتم في دوائر صنع القرار الأمني نحو ‘ حرب أكثر شمولية’ ضد إيران وتحالفها الإقليمي ..
التطورات في إسرائيل تشهد عمل لا يتوقف استعدادا لخريف ساخن جدا ، وقد لن تجد زمنا أفضل لها للهروب من مأزق حصارها السياسي القادم مع شهر سبتمبر( أيلول ) خير من عمل عسكري ما ، خاصة أن المأزق السياسي الذي سيواجهها في الجمعية العامة ومجلس الأمن وفقا لما يقوله الطرف العربي ، سيكون محوريا ، فإن واصل الطرف الفلسطيني والعربي تمسكه برفض ‘المفاوضات المباشرة’ بعد نهاية الأشهر الأربعة في ذات الشهر ، وقرروا طرح موضوع ‘ حدود الدولة الفلسطينية ‘ في مجلس الأمن ، حتى لو جاء الرفض الأمريكي بفيتو كبير ، لكنه سيفتح معركة سياسية كبرى ضد إسرائيل دوليا ، وهو ما سيربك مخططها العسكري المنوي فعله ..
ولذا قد تستبق حكومة تل أبيب كل ذلك بالهروب من مأزق قادم إجباري إلى مخطط عملية عسكرية تربك مخططات العرب السياسية ، خاصة في ظل غياب أي مخطط عسكري جاد في مواجهة إسرائيل ، عملية تلوح في الأفق تؤكدها ما تنشره إسرائيل يوميا من ‘ معلومات’ خادعة …
وهنا السؤال الكبير كيف سيتعاطى أهل القضية في حال تم ‘ تسييس ‘ محكمة الحريري وباتت حقا يراد به باطل .. هل ينتبه ذوي الشأن العربي مبكرا لذلك وقبل ( وقوع الفاس في الراس) كما يقال في أمثالنا الشعبية الحكيمة .. سؤال بحاجة لهدوء بال لمواجهته ..
ملاحظة : حكومة تل أبيب بدأت حربها السياسية ضد الرئيس عباس والشرعية الفلسطينية لتكرهه على التفاوض المباشر .. حرب تستحق اصطفافا وطنيا وليس استغلالا من كارهي الشرعية ..
التاريخ : 11/7/2010