كتب حسن عصفور/ في 28 سبتمبر 2000 حاول الإرهابي شارون تنفيذ أول مظاهر “المؤامرة المشتركة” بينه وبراك رئيس حكومة دولة الكيان العدو في حينه باقتحام المسجد الأقصى، فهب أهل العاصمة الأبدية دفاعا عن الوطنية الفلسطينية، ما اجبر الإرهابي على الهروب أمام ضغط شعبي غير متوقع، وبدأت حركة غضب ومواجهة مع جيش الاحتلال وقواته الشرطية والأمنية.
لحظة فعل مقدسية فتحت الباب لأوسع مواجهة عسكرية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، امتدت من عام 2000 حتى عام 2004، خسرت دولة الكيان قتلى وجرحى ما لم تخسره في تاريخ حروبها، ولا زالت أثرا حيويا في ذاكرتهم.
مواجهة شعبية – مسلحة قادها الخالد المؤسس ياسر عرفات تحت شعار سيكون “منارة طريق تحرير المقدس الوطني والديني” – عالقدس رايحيين شهداء بالملايين -، وكان هو زعيم كوكبة شهداء المواجهة التاريخية.
عندما خرج أهل القدس لكسر شوكة الإرهابي شارون ومخطط يهود براك وحكومته، لم ينتظروا “عونا” أو “فعلا” من غيرهم ليتحركوا، بل هم من قاد الفعل وتبعهم لاحقا غيرهم، كما كانت دوما في سجل الصراع، وما سجله أهل الشيخ جراح، الذين سطروا شكلا مقاوميا جديدا، عبر اعتصام وبقاء كسروا به محاولة الحكومات الفاشية المتلاحقة لعمليات تطهير عرقي – عنصري لأهله، وقادت أسرة الكرد حركة الغضب في الحي المقدسي، دون انتظار.
وخلال السنوات الأخيرة، حاولت بعض الأطراف الفلسطينية القيام بعملية “تضليل الوعي المقاوم”، بالذهاب نحو تكريس “المقاومة الاتكالية”، باستبدال المواجهة الشعبية المباشرة، الى مواجهة انتظارية لإطلاق “صواريخ غزة” نحو الكيان، وكان مايو 2021 صورة “نموذجية” لتلك العملية الاستبدالية، التي رسمت منهجا خارجا عن التقليد الوطني المقاوم.
ودون الخوض في نتائج تلك العملية العسكرية، سياسيا ومن خدمت، هل كانت قضية فلسطين والقدس، ام حكم حماس ومخططها الانفصالي عبر معادلة “الأمن مقابل المال والامتيازات”، وهل تركت اثرا في تغيير معادلة الوضع القائم في القدس، مقارنة بما حدث في الشيخ جراح، أو حدث أي تغيير في السلوك الاحتلالي تهويدا في العاصمة الفلسطينية، ام زادت حركة التهويد بمختلف ملامحه.
دولة الاحتلال بكل أدواتها، تدرك قبل غيرها، أن فعل صواريخ غزة لن يغير الوضع القائم في الضفة والقدس دون التحام مواجهة شعبية كبرى في فلسطين، لكنها تقوم بتأثير سلبي يضعف روح “المقاومة الشعبية”، لحسب الانتظارية العسكرية، وتلك مسألة تخدم مخططها، بشكل أو بآخر، خاصة بعدما تمر الأحداث الكبرى، دون معركة كبرى، كما مسيرة الأعلام، التي تستخدمها أدوات الاحتلال لاستعراض المخطط التهويدي، دون ان تكسر وجود أهل القدس.
نعم، دولة الكيان لها مصلحة مباشرة في عملية استبدال الفعل الوطني الفلسطيني، من مواجهة شعبية مباشرة لها في القدس والضفة، الى عمليات إطلاق صاروخية تنتهي دون ان تترك أي أثر استراتيجي في القدس والضفة، ويذهب مآلها الى من يبحث مصالح سياسية باستخدام القدس معبرا، كونها تعلم يقينا أن اشتعال المقاومة المختلفة المظاهر في القدس والضفة، هو العنصر المركزي لفرض مسار إجباري عليها، ليس فقط لكسر مشروعها التهويدي، بل لحماية المشروع الوطني الفلسطيني على طريق الحرية والاستقلال.
خوض المواجهة الكبرى في القدس والضفة يفتح الباب لتكون “صواريخ غزة” داعما كفاحيا، خاصة لو جاء من قوى خارج سياق المشروع الانفصالي غير المساوم نحو معادلة الامتيازات الخاصة بالحكم مقابل الصاروخ، تكاملية الأداء يعيد الاعتبار لوحدة التفاعل الوطني، والتي غابت كثيرا في السنوات الأخيرة.
وما حدث خلال معركة “الأيام الخمسة” الأخيرة بانقسام الوعي وعدم فرض معادلة تكاملية الفعل الوطني، يشكل نموذجا للمظاهر السلبية الخطيرة جدا، التي نجمت عن مفهوم “المقاومة الاتكالية”.
ما كان من فصائل غزة حول الرد الصاروخي، ترك أثرا سلبيا كبيرا على حركة المقاومة المقدسية، ولم تقدم خدمة للقضية الوطنية، بل خلافا له، وانتقلت المسألة من رد فعل شعبي الى مساومات من تحت الأنفاق، لحسابات غير “مقدسية” أبدا، تدخل طريق ممثل مواز أو بديل.
الانتفاض الوطني العام ضد المشروع الاحتلالي تهويدا واحلالا، دخل في نفق ظلامي جديد نتاج ثقافة غريبة عن مسار الثورة الفلسطينية المعاصرة، ما يتطلب تصويبا جوهريا قبل فوات الأوان.
ملاحظة: كنيست دولة العدو اعتبر رفع علم فلسطين “جريمة”..قرار يكشف مدى الرعب من راية وطن لآنها سلاح حماية هوية الوطن..علمك عال في الأعالي كان وسيبقى يا وطن.. فاهمين يا حملة رايات فصائل النكبة!
تنويه خاص: دولة العدو، أصابها مس من الهوس بعدما فضحت المذيعة الأميركية الأشهر كريستيان أمانبور في قناة سي أن أن حقيقة مقتل مجندات من جيش الاحتلال تحملن جنسية بريطانية خلال عملية تبادل اطلاق نار في الأغوار ..صفعة مرتبة من هيك إعلامية لمكذبة الغزاة!